بعدما كان غزال قبل بضع سنوات خلت أحد اللاعبين الواعدين لنادي ليون المُتخرجين في المركز التكويني للنادي الفرنسي العريق، وبعدما كان أيضاً أحد النجوم المرشحين للتنافس على مركز في التشكيلة الأساسية لمنتخب "محاربي الصحراء"، فَقَدَ اللاعب الجزائري رشيد غزال توهجه، بشكلٍ فجائيٍ، فغاب عن الواجهة الرياضية الدولية، قبل أن يعود بقوة في الموسم الجاري ضمن نادي بشكتاش التركي ويطرق مجدداً أبواب منتخب بلده.
ولد رشيد غزال يوم 9 مايو/ أيار 1992 بمدينة ليون الفرنسية وهو شقيق عبدالقادر غزال، النجم السابق لمنتخب الجزائر الذي شارك في نهائيات مونديال جنوب إفريقيا 2010
وبدأ الطفل رشيد ممارسة رياضة كرة القدم ضمن فريق "فولكس أن فيلان" الصغير، وهو في سن الخامسة من عمره، قبل أن يلتحق، في عام 2004 بمدرسة نادي ليون التي تعتبر أحد أفضل مراكز تكوين اللاعبين في أوروبا، والتي تخرج فيها نجوم عالميون على غرار الفرنسيين كريم بنزيما وأنطوني مارسيال وألكسندر لاكازيت والمالي فريديريك كانوتييه.
وانضم رشيد غزال لفريق الريف لنادي ليون في موسم 2009 -2010، أي عندما كان يبلغ من العمر 17 عاماً، حيث ساهم في تتويج النادي بلقب الدوري الفرنسي للهواة في مرتين متتاليتين، في 2010
وفي 2011.
مباراته الأولى كلاعب محترف كانت في الأراضي المحتلة!
وتمت ترقية رشيد للفريق الأول في صيف 2012، فشارك في أول مباراة له كلاعب محترف يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول 2012 أمام نادي هابويل إيروني كريات شمونة الإسرائيلي بمدينة حيفا، لحساب دور المجموعات لمسابقة الدوري الأوروبي لكرة القدم، حيث دخل إلى تل أبيب بجواز سفر فرنسي لكونه يحمل الجنسيتين الجزائرية والفرنسية.
وشارك في أول مباراة في دوري الدرجة الأولى الفرنسي يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، لما دخل كلاعب بديل في الدقيقة الـ77 من مباراة بريست، ثم كلاعب أساسي يوم 11 ديسمبر/كانون الأول أمام نادي سوشو.
وخاض غزال 20 مباراة رسمية في كل المسابقات المحلية والقارية، خلال موسمه الأول (2012- 2013) كلاعب محترف، سجل فيها هدفاً واحداً وقدم تمريرة حاسمة واحدة، لكنه وفي الوقت الذي كان يأمل في تحسين أدائه في الموسم الثاني (2013- 2014) فإنّه اكتفى بالمشاركة في 10 مباريات مع فريق الرديف ثم تعرض لإصابة خطيرة على مستوى الظهر أبعدته عن الميادين لمدة سنة كاملة.
وعاد رشيد غزال بعد شفائه من الإصابة لخوض المباريات الرسمية مع ليون في موسم 2014-2015، لكن دون تأثير كبير على نتائج فريقه، قبل أن ينفجر في الموسم الموالي (2015-2016) حيث شارك في 38 مباراة لكل المسابقات المحلية والأوروبية، سجل خلالها 9 أهداف وقدم 8 تمريرات حاسمة فبدأ في منافسة الدولي الفرنسي ذي الأصول الجزائرية نبيل فقير على منصب جناح أيسر في التشكيلة الأساسية لفريق الشرق الفرنسي.
وتراجع أداء غزال مجدداً في موسم (2016-2017) خاصة في ظل الخلاف مع إدارة نادي ليون حول تجديد العقد حيث وعلى الرغم من اقتراح الرئيس جون ميشال أولاس برفع قيمة راتب النجم الجزائري ليكون من بين أعلى رواتب اللاعبين في النادي إلّا أنّ رشيد طالب بضمانات اللعب في التشكيلة الأساسية بانتظام، ما أدى لعدم اتفاق الطرفين على التجديد، فرحل غزال إلى نادي موناكو في صيف 2017، الذي تعاقد معه لمدة 4 سنوات، في صفقة انتقال حر.
وبعدما كان رشيد غزال من فئة اللاعبين المفضلين للاستقرار، فإنّه وبعد مغادرته لنادي ليون أصبح من فئة اللاعبين الرحالة، ليسير على درب شقيقه الأكبر عبدالقادر الذي كان يغير الفريق كل سنة واحدة وفي بعض المرات كل 6 أشهر.
بعد انضمام رشيد لموناكو وعلى الرغم من أدائه لموسم مقبول من حيث الأداء، إلا أنه غادره قبل بداية الموسم الموالي (2018-2019)، وبالضبط في يوم 5 أغسطس/آب 2018 نحو نادي ليستر سيتي الإنجليزي، مقابل 14 مليون يورو، وبعقد يمتد إلى غاية يونيو/حزيران 2022.
لم يتألق غزال كثيراً مع ليستر سيتي فأعاره الأخير لنادي فيورنتينا الإيطالي، يوم 2 سبتمبر/أيلول 2019 لمدة موسمٍ واحدٍ، ثم في الصيف الماضي لنادي بشكتاش التركي لمدة موسمٍ واحدٍ أيضاً، حيث يبدو أنه قد وجد ضالته واستعاد توهجه.
شقيقه عبدالقادر حمل ألوان 12 نادياً
وقبل مواصلة الحديث عن المشوار الاحترافي لرشيد غزال وتألقه في الموسم الجاري في الدوري التركي، فاني لن أبخل عليكم بالتطرق باختصار لمشوار شقيقه عبدالقادر والتعرف على عدد الأندية التي حمل ألوانها.
فعبدالقادر غزال، البالغ حالياً من العمر 36 عاماً، تخرج هو أيضاً في المركز التكويني لنادي ليون، الذي نشط فيه من 1998 إلى 2002، قبل أن يلعب مع فريقين فرنسيين للهواة، وهما "فولكس أون فيلين" من 2002 إلى 2004، و"سان برياست" في موسم 2004 – 2005.
وغادر عبدالقادر فرنسا في صيف 2005، نحو إيطاليا للاحتراف ضمن نادي كروتون الذي لعب معه ستة أشهر فقط قبل أن تتم إعارته لنادي بيليسي من يناير/كانون الثاني 2006 إلى مايو/أيار 2007، ليعود بعدها إلى كروتوني الذي تألقه معه بشكل لافت في موسم 2007 -2008 في دوري الدرجة الثالثة بتسجيله 20 هدفاً في 33 مباراة، ما جلب اهتمام نادي سيينا الذي ضمه فلعب في صفوفه موسمين اثنين في دوري الدرجة الأولى، سجل خلالهما 11 هدفاً في 66 مباراة.
وانتقل عبدالقادر في موسم 2010- 2011 لنادي باري، الذي أعاره في الموسم الموالي (2011- 2012) لمدة 6 أشهر لنادي تشيسينا ثم لـ6 أشهر أخرى لنادي ليفانتي الإسباني، ثم عاد لنادي باري في موسم 2012- 2013، لتتم إعارته مرة أخرى في موسم 2013 -2014 لنادي لاتينا، وانضم بعدها في موسم 2014 -2015 لنادي بارما، ثم في موسم 2015- 2016 لنادي كومي، قبل أن يعتزل اللعب نهائياً في عام 2017، بعد موسمٍ واحدٍ 2016 – 2017 ضمن نادي "أين سود فوت" الفرنسي الهاوي.
ويظهر جلياً أنّ اللاعب الدولي الجزائري السابق عبدالقادر غزال قد كان "ابن بطوطة" زمانه من كثرة الترحال ما بين الأندية، ويبدو أنّ شقيقه الأصغر رشيد قد بدأ خلال السنوات القليلة الماضية، في تقليده في هذا المجال، لكنه قد يتذوق أخيراً طعم الاستقرار بعدما وجد ضالته ضمن نادي بشكتاش الذي يُسهم بشكلٍ كبيرٍ في تصدره ترتيب الدوري التركي الممتاز لكرة القدم.
تألقه مع بشكتاش أعاده لحسابات بلماضي
ويعتبر رشيد غزال حالياً أفضل صانع أهداف في الدوري التركي بتقديمه 12 تمريرة حاسمة، إضافة لتسجيل هدف واحد في 20 مباراة شارك فيها من أصل 29 جولة من المسابقة، كما أسهم النجم الجزائري أيضاً في بلوغ فريقه نهائي كأس تركيا لكرة القدم، ليسير إذاً نحو تحقيق ثنائية تاريخية في مشواره الرياضي، بالتتويج بلقبي الدوري والكأس، مع إمكانية المشاركة في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم للموسم القادم، في حال استمراره مع نادي بشكتاش عند نهاية فترة إعارته من ليستر سيتي الإنجليزي.
وقد سمح هذا التألق لغزال مع ناديه التركي بالعودة إلى حسابات مدرب المنتخب الجزائري، جمال بلماضي الذي لم يوجه له الدعوة منذ المباراة التي انهزم فيها "الخضر" أمام منتخب البنين في أكتوبر/تشرين الأول 2018 بكوتونو لحساب تصفيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2019.
وقد تواجد اسم رشيد غزال في القائمة الموسعة لمنتخب الجزائر التي ستواجه منتخبي زامبيا وبوتسوانا يومي 25 و29 مارس/آذار الجاري، برسم تصفيات كأس أمم إفريقيا 2022، حيث ينوي بلماضي الاعتماد على الجناح المتألق لفريق بشكتاش لتعويض الغياب شبه المؤكد لرياض محرز، نجم نادي مانشستر سيتي، وسعيد بن رحمة، جناح وست هام، بسبب قيود السفر الصارمة التي تفرضها السلطات البريطانية، في إطار الإجراءات الصحية الوقائية من تفشي جائحة كورونا.. وما على رشيد، إذاً إلّا استغلال الفرصة وفرض وجوده ضمن تشكيلة "الخضر".
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.