فتح استمرار الصراع الدائر في منطقة درعا، جنوب غربي سوريا والقريبة من الحدود مع الأردن، الباب أمام مناشدات الأمم المتحدة للأردن الإسراع في فتح الحدود أمام السوريين الذين يحاولون الفرار من الصراع الدائر.
وحث مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين الأردن على التجاوب مع النداء الأممي، وقالت الأمم المتحدة، الاثنين 2 يوليو/تموز 2018، إن نحو 270 ألف شخص فرّوا من القصف الجوي والبري في الأسبوعين الأخيرين.
وقالت ليز ثروسيل، المتحدثة باسم مكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان، في إفادة صحفية: "ندعو الحكومة الأردنية إلى إبقاء حدودها مفتوحة، كما ندعو الدول الأخرى في المنطقة لتكثيف الجهود واستقبال المدنيين الفارين".
وقال أندريه ماهيسيتش، المتحدث باسم مفوضية اللاجئين، إن ما يقدر بنحو 40 ألف سوري يحتشدون بالقرب من الحدود مع الأردن الذي يستضيف بالفعل 650 ألف لاجئ سوري مسجل.
الشارع الأردني أيضاً يريد فتح الحدود مع سوريا
في "السوق السوري" بمدينة الرمثا الأردنية وعلى بعد كيلومترات قليلة من الحدود السورية، يعلق الجميع آمالاً كبيرة على عودة النظام إلى جنوبي سوريا وإعادة فتح المعابر مع الأردن المغلقة منذ سنوات، لعودة الازدهار إلى البلاد.
ويطلق على السوق الواقع وسط مدينة الرمثا بين أحياء سكنية اسم "السوق السوري"، كونه كان يعتمد قبل الحرب على البضائع القادمة من الجانب الآخر من الحدود. ويمكن من المكان رؤية أعمدة دخان متصاعد من درعا القريبة التي تتعرض لقصف عنيف منذ أكثر من أسبوعين، في ظل معارك بين الجيش السوري وفصائل معارضة.
حتى أن بعض المواطنين رأوا في فتح الحدود بين البلدين الفرصة الجيدة لانتعاش الاقتصاد الإيراني، وقال أحدهم، ويدعى نصر مخادمة، إن "أيام العز ستعود".
ويؤكد عاصر (32 عاماً)، صاحب مخبز يعبق برائحة خبز الطابون التقليدي: "السوق مات". ويضيف بينما يعاون صهره السوري القادم من درعا في ترتيب الخبز: "السوق كان يعج بالحركة.. لكن منذ إغلاق الحدود اختلف الوضع تماماً".
ويقول أبونائل، صهره الثلاثيني: "كنت آتي إلى هنا قبل إغلاق الحدود، كان السوق يعج بالزبائن من مختلف مناطق الأردن ولا تجد مكاناً لركن سيارتك".
الأردن وسوريا تبادلا تجارياً قبل الحرب الحالية بما قيمته 620 مليون دولار
وشكّل إغلاق معبر جابر (نصيب على الجانب السوري)، وهو آخر معبر رسمي كان مفتوحاً بين البلدين، في نيسان/أبريل 2015 بسبب المعارك، ضربة موجعة لاقتصاد المملكة التي سجل التبادل التجاري بينها وبين جارتها الشمالية عام 2010 نحو 615 مليون دولار، قبل أن يتراجع تدريجياً بسبب الحرب التي اندلعت عام 2011.
وكانت الحدود مع سوريا شرياناً مهماً لاقتصاد الأردن، إذ كانت تصدر عبرها بضائع أردنية الى تركيا ولبنان وأوروبا وتستورد عبرها بضائع سورية ومن تلك الدول، ناهيك عن التبادل السياحي بين البلدين. ويرتبط سكان مدينة الرمثا بعلاقة خاصة مع سوريا، وتوجد علاقات مصاهرة وتجارة وشراكة مع أهل درعا.
وخلال سنوات الحرب، حلّت البضائع الصينية محل البضائع السورية في عشرات المحلات القائمة في أسفل أبنية قديمة تمتد على جانبي الشارع في السوق السوري وتتنوّع بضاعتها من المواد الغذائية، الأجبان والألبان والمخللات، إلى مواد التنظيف والملابس والأقمشة وغيرها.
ويقول رئيس غرفة تجارة الرمثا، عبدالسلام ذيابات، إن "التبادل التجاري وحركة السفر والبضائع بين البلدين وبالاتجاهين كانت ممتازة حتى عام 2011 وأدخلت مئات الملايين للدولة سنوياً".
ويوضح أن "أكثر من 4000 محل تجاري (في الرمثا) كانت تعتمد على البضاعة السورية، وكانت 2000 سيارة نقل صغيرة تنتقل إلى سوريا يومياً وتعيش من ورائها أكثر من 2000 عائلة".
ويضيف: "استعادة الدولة السورية السيطرة على الحدود والمعابر ستحرك اقتصادياً الرمثا بشكل خاص، وسينتعش الأردن بشكل عام".
الملك عبد الله الثاني وبعد أن طالب بشار الأسد بالرحيل، يطالب الآن بحل سياسي
ورغم دعوة ملك الأردن عبدالله الثاني في مراحل معينة من الحرب السورية، الرئيس بشار الأسد إلى التنحي، وعلى الرغم من الدعم والتدريب الذي قدمه الأردن لفصائل معارضة في الجنوب السوري، إلا أن المملكة طالبت باستمرار بحل سياسي للأزمة.
ويقول مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي لوكالة فرانس برس "من المؤكد 100% ان الاردن يفضل استعادة الجيش السوري السيطرة على الحدود والمعابر تمهيدا لفتحها"، مذكرا بالموقف الرسمي ومفاده "لن نفتح الحدود إلا بوجود مؤسسات الدولة السورية على الجانب الآخر".
ويشير الى ان "هناك ما يشبه توافقا اقليميا ودوليا على عودة الدولة الى الحدود السورية الجنوبية".
وفاقم إغلاق الحدود مع سوريا بعد اغلاق الحدود مع العراق لفترة طويلة، الشريكين التجاريين الأهم بالنسبة للاردن، من صعوبة وضعه الاقتصادي، وتجاوز دينه العام 38 مليار دولار بنسبة تفوق 95% من الناتج الاجمالي.
عودة اللاجئين الى سوريا ستحل الازمة الاقتصادية في الأردن
ويعتبر مدير مركز "الفينيق" للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض أن "احد اهم اسباب الازمة الاقتصادية في الاردن في السنوات الماضية هو إغلاق الحدود مع سوريا".
على صعيد آخر، يرى عوض ان سيطرة الجيش السوري على الحدود والمعابر "ستسهل عودة اللاجئين لدى الاردن الى سوريا"، معتبرا ان "الاردن بذل ما يفوق طاقته في استضافة إخوتنا السوريين، وبدء عودتهم سيخفف أعباءه الاقتصادية".
وأكد الاردن ان حدوده ستبقى مغلقة وانه لن يستقبل لاجئين جدد مع اشتداد القتال منذ أسابيع في الجنوب السوري.
ويستضيف الاردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، فيما تقدر عمان عدد الذين لجأوا إلى البلاد بنحو 1,3 مليون منذ اندلاع النزاع. وتقول إن كلفة استضافة هؤلاء تجاوزت عشرة مليارات دولار.