قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الثلاثاء 16 مارس/آذار 2021، إنّ عشرات المهاجرين ماتوا حرقاً في اليمن يوم 7 مارس/ الفائت، وذلك بعدما أطلقت قوات الأمن التابعة للحوثيين مقذوفات مجهولة على مركز احتجاز للمهاجرين في صنعاء.
المنظمة أشارت إلى أن مستشفيات العاصمة عالجت حروق مئات المهاجرين الناجين، معظمهم من الإثيوبيين، الذين كانوا يحتجون على ظروفهم في المركز.
وروى مهاجرون إثيوبيون ناجون مشاهداتهم لما حدث، وقالت المنظمة إنها تواصلت مع 5 منهم، قالوا إن المهاجرين كانوا محتجزين في مرفق الاحتجاز التابع لـ "مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية" في صنعاء.
ذكر الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلات أنّ ظروف الاحتجاز في المنشأة المكتظة، غير صحية، حيث وُضع حتى 550 مهاجراً في "الهنجار"، وقالوا إنهم لم يحصلوا على أفرشة للنوم، لكن سُمح لهم بشراء فراش من الحراس.
كان الطعام أيضاً محدوداً ومياه الشرب شحيحة، ما أجبر المحتجزين على الشرب من حنفيات المراحيض.
بعد أسابيع من العيش في المنشأة المكتظة، نظم المحتجزون إضراباً عن الطعام احتجاجاً على الظروف واستمرار احتجازهم، وقالوا للمنظمة إنّ السبيل الوحيد للإفراج عنهم كان دفع رسم 70 ألف ريال يمني (280 دولاراً أمريكياً) لحراس الأمن.
كذلك تحدث المهاجرون عن انتهاكات لفظية من قبل الحراس، بما فيها الإهانات العنصرية، والتهديدات، والشتائم المتكررة.
حرق المهاجرين
في صباح 7 مارس/آذار، رفض المهاجرون المحتجزون تناول الإفطار، ثم عاد الحراس بطعام الغذاء في وقت لاحق، لكنّ المحتجزين أصرّوا على رفضهم، وتلا ذلك اشتباك قال المحتجزون إنّ حراس الأمن تعرفوا خلاله على منظمي الاحتجاج، وأخرجوهم من الهنجر، وضربوهم بالعصي الخشبية وأسلحتهم النارية.
ردّ المحتجزون بإلقاء الأطباق، وأصابوا أحد حراس الأمن في وجهه وجرحوه، وجمع الحراس المهاجرين بعدها في مكان قريب واحتجزوهم في "الهنجار".
تضيف "رايتس ووتش"، نقلاً عن مهاجرين، أنه بعد ذلك "غادر الحراس وعادوا بعد عدة دقائق برفقة قوات أمن بالزي الأسود والأخضر والرمادي التابعة للحوثيين، كانوا مجهزين بأسلحة ومعدات عسكرية"، وأضافوا أنّ حراس الأمن أمروا المحتجزين بتلاوة "صلواتهم الأخيرة".
بعد ذلك صعد أحد أفراد القوة التابعة للحوثيين إلى سطح "الهنجار"، الذي يضمّ فسحات مفتوحة، وأطلق مقذوفتين على الغرفة، وقال المهاجرون إنّ المقذوفة الأولى أحدثت دخاناً كثيفاً وجعلت عيونهم تدمع وتلذع.
ثم انفجرت الثانية، التي سمّاها المهاجرون بالـ"قنبلة"، محدثةً دوياً ومشعلة الحريق، وقال أحد المهاجرين (20 عاماً): "كان الدخان والنيران كثيفَيْن، لا أجد الكلمات المناسبة للتعبير عن الوضع حينها – انفجرت [المقذوفات]، وتصاعد دخان كثيف، ثمّ انتشرت النيران".
أضاف المهاجر: كنت مذعوراً، وكأنّ الدخان شلّ ذهني. كان الناس يسعلون، وأحرقت النيران الفراش والبطانيات… احترق الناس أحياء. اضطُررت إلى الدوس على جثثهم للهروب".
بعد نحو 10 إلى 15 دقيقة، ساعد الناس خارج "الهنجار" في كسر الجدران والأبواب، ونقلوا عدداً من الناجين إلى المستشفيات القريبة.
وتلقت "هيومن رايتس ووتش" مقاطع فيديو تؤكد روايات الشهود وحلّلتها، بما فيها فيديو التُقط بعد الحريق مباشرة يظهر عشرات الجثث المتفحمة في وضعيات تشير إلى أنهم كانوا يحاولون الفرار لكن الدخان والنار تغلبا عليهم.
الحوثيون يعتبرون الحدث "عادياً"
من جانبها، قالت نادية هاردمان، باحثة حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش: "يشكّل استخدام الحوثيين المتهور للأسلحة، والذي أدى إلى موت عشرات المهاجرين الإثيوبيين احتراقاً، تذكيراً مروّعاً بالمخاطر المحدقة بالمهاجرين في اليمن الذي مزقته الحرب".
هاردمان دعت سلطات الحوثيين إلى "محاسبة المسؤولين والتوقف عن احتجاز المهاجرين في مرافق احتجاز سيئة تهدّد حياتهم وأوضاعهم".
بدوره، علّق المتحدث باسم جماعة الحوثي، محمد عبدالسلام على تقرير "رايتس ووتش"، وقال إن "الحادث الذي حصل هو نتيجة اعتيادية تحصل في حوادث مشابهة في كل مكان بالعالم ولا ينبغي تسييسها أو استغلالها خارج سياقها الطبيعي".
كانت وزارة الداخلية الحوثية قد أصدرت، يوم 7 مارس/آذار 2021، بياناً حمّلت فيه المنظمة الدولية للهجرة والأمم المتحدة "المسؤولية الكاملة" عن الحادثة "لتقاعسهما عن أداء دورهما في توفير الملاجئ… لتجميع وإيواء المهاجرين غير الشرعيين"، وفق تعبيرها.
وتسيطر جماعة الحوثيين المسلحة على جزء كبير من اليمن، بما فيه صنعاء، وبحسب "المنظمة الدولية للهجرة" فإن نحو 6 آلاف مهاجر على الأقل مُحتجزون في جميع أنحاء اليمن، كما يحتجز المهربون المئات، إن لم يكن الآلاف.