من منا لم يسمع عن أعمال شكسبير؟ ربما لم يشاهد الجميع مسرحياته، لكن قد نشاهد تأثير التراجيديا المأساوية لأعماله في أعمال أخرى لم نكن نعرف أنها مقتبسة من هذا الشاعر والكاتب المسرحي الذي أثر في الأدب الإنجليزي والعالمي، بل أيضاً في الأفلام حتى يومنا هذا.
على الأقل 3 أفلام حديثة اقتبست من أعمال شكسبير بعد أكثر من 3 قرون ونصف على رحيله، وفق قائمة طويلة نشر عنها موقع Taste of Cinema الأمريكي.
أفلام مقتبسة من أعمال شكسبير
Ex Machina هو إعادة تأويل لمسرحية The Tempest
رغم أن فيلم Ex Machina الصادر عام 2014 يركز عن عالم ذكي للروبوتات، لكنه تأويل لمسرحية شكسبير The Tempest، فالفيلم يأخذ بعض البنية والشكل من مسرحية شكسبير ويمدها إلى عالم حديث للغاية.
يتتبع الفيلم قصة مبرمج الكمبيوتر الذي يقضي أسبوعاً مع إنسان آلي كتطبيق لاختبار تورنغ لمعرفة ما إذا كان الكمبيوتر يمكنه إظهار ميزات بشرية كافية لدرجة تجعلك تنسى أنه مجرد جهاز كمبيوتر. كانت الخطة المبدئية هي إجراء اختبار تورنغ على الروبوت، المسمى إيفا (يظهر في هيئة أنثوية في الفيلم)، لكن الأمور تنحرف بعيداً عندما يقع مبرمج الكمبيوتر، كاليب، في حب الروبوت.
مثل مالك الروبوتات في هذا الفيلم، فقد وجد الساحر القوي بروسبيرو في مسرحية شكسبير The Tempest قوته قائمة على المعرفة القصوى، وهنا يجد ناثان معرفته وقوته اللاحقة من تكنولوجيا الكمبيوتر، وتستخدم كلتا الشخصيتين الساحرتين مساعدة خدمهما لتطبيق السحر لتلفيق نسخة الواقع التي يفضلانها أكثر من خلال التلاعب بحياة من حولهما.
أيضاً تعمل شخصية ناثان في Ex Machina مثل شخصية بروسبيرو، فقط بدلاً من كونه مشعوذاً يستخدم السحر، فإن ناثان مفعم بالقوة المستمدة من أجهزة الكمبيوتر التي تتمتع بقدرات عميقة للغاية، وهي تعمل مثل السحر. الروبوت الذي صنعه ناثان، إيفا، هو المعادل لدور ميراندا في مسرحية شكسبير، ابنة بروسبيرو، التي أُبعدت عن العالم الخارجي في المسرحية.
وبالمثل فإن إيفا تجهل أي تجربة خارجة عن سيطرة ناثان. وتماماً كما في المسرحية، يغري بروسبيرو شخصاً غريباً بالقدوم إلى الجزيرة ويقع في حب ابنته. ويتسبب التخطيط الخبيث من الساحر البارع المؤثر في جميع الشخصيات في تعقيد قصة حبهم.
Mean Girls اقتباس مختلف عليه من مسرحية Julius Caesar
Mean Girls هو إعادة سرد لمسرحية شكسبير Julius Caesar لكن في مدرسة ثانوية في القرن الحادي والعشرين، ويلعب قيصر دوراً ثابتاً في حبكة الفيلم. ففي وقت من الأوقات قالت غريتشن: "لماذا يجب أن يتجول قيصر في الأرجاء مثل العملاق بينما يحاول الباقون منا عدم الانكسار تحت قدميه الكبيرتين؟".
دور ريجينا هو المعادل لدور يوليوس قيصر كقائد يريد الجميع تحطيمه. أما شخصية كادي هيرون، التي لعبت دورها ليندسي لوهان، تحمل تشابهاً لطيفاً مع بروتوس من مسرحية شكسبير، باعتباره الشخص الذكي الذي خُدع لخيانة قيصر.
وعندما قالت غريتشن: "بروتوس لطيف مثل قيصر. حسناً بروتوس ذكي مثل قيصر. الناس يحبون بروتوس تماماً بقدر ما يحبون قيصر"، كان من الممكن أن تكون واقفة على أرضية مجلس الشيوخ الروماني المختلقة داخل مسرح من القرن السادس عشر للتحدث بهذه السطور، نظراً لوجود شخصية جانبية تخرج ثورة غضبها على المسرح، وهو الأمر الذي يبدو بمثابة دعابة لحظتها من الفيلم، لكن في نهاية المطاف يظهر أن الحبكة ككل مأخوذة مباشرة من شكسبير.
من الواضح أن غريتشن، باعتبارها اليد اليمنى لريجينا، تفكر في نفسها على أنها بروتوس بالنسبة لقيصر (ريجينا). وفي مسرحية شكسبير يعتبر كاسيوس مسؤولاً عن إقناع بروتوس بأن موت قيصر في مصلحة الجمهورية. في الفيلم جانيس (لتحقيق مكاسبها الخاصة) تقنع كادي بالانقلاب على ريجينا.
My Own Private Idaho مقتبس من مسرحيات Henriad
في مسرحيات Henry IV الجزآن الأول والثاني وHenry V لشكسبير، نرى الأمير الشاب هنري يخرج بمفرده لمحاولة العثور على مكانه في العالم. إنه يرفض الاعتراف بالمسؤوليات التي حددتها له عائلته ويسعى إلى الملاذ مع الفقراء والمعوزين وسيئي السمعة في الأحياء الفقيرة في إنجلترا. وتمثل شخصية فالستاف للأمير الشاب نوعاً من سمات شخصية الأب لكن في غير محلها، ويصبح بديلاً للأب الملك الذي تمرد هنري عليه. عندما يموت الملك يصبح الأمير هنري الملك هنري الخامس، ويختار تولي تلك المسؤولية، ويرفض علناً الأسرة التي أسسها مع فالستاف في مشهد رفض محزن بشكل مؤلم في مسرحية شكسبير Henry V.
الفيلم، My Own Private Idaho الصادر عام 1991 يضع هذه القصة في سياق حديث للغاية، وهو يختبر حدود ما كان يُعتبر آنذاك لائقاً لوضعه في فيلم عند إنتاجه، فهو يظهر شابين يمران بنفس مشاعر الشك الذاتي ويندفعان في الحياة بلا هدف.
شخصية سكوت في هذا الفيلم تعادل هنري، وسكوت، مثل هنري، يختار بشكل سيئ عندما يتعلق الأمر بالأصدقاء، وزعيم الأحياء الفقيرة هو رجل يدعى بوب، ويتخذه كلا الشابين كأب لهما كنوع من التعويض عن غياب شخصية الأب في حياتهما. أيضاً كان موضوع الانحراف الجنسي مؤشراً لحياة سيئة ومتدنية متشابهة.
يأخذ المخرج فان سانت الاقتباس من مسرحيات شكسبير بعيداً بعض الشيء في عملية تحديث الجانب المظلم للمسرحيات، لكن الاقتباس لا يزال دقيقاً في تطبيقه على المسرحيات. في مسرحية شكسبير، يقدم هنري وعوداً لفالستاف والتي يكسرها في النهاية عندما يختار هنري أن يصبح ملك إنجلترا. وبالمثل، في هذا الفيلم، يرفض سكوت شخصية بوب كوالد، ويختار أن يرث المال من والده البيولوجي، ويتحول إلى رجل يترك الأحياء الفقيرة وراءه ويتولى الدور المسؤول الذي كان مقدراً له أن يتولاه.
ومثل هنري في سلسلة مسرحيات Henriad شكسبير الذي يتألم ولكنه مصمم في رفضه لفالستاف، نرى سكوت يعترف بالصراع العاطفي لاتخاذ قرار ترك بوب والآخرين خلفهم، لكن قراراته وقناعاته بشأن تلك الخيارات، حازمة.