اقترب علماء أمريكيون، من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، من حل لغز "أول حاسوب" بالتاريخ، ويتعلق الأمر بآلية أنتيكيثيرا، وهو جهاز حساب فلكي محير ومذهل نجا من العالم القديم، ويبلغ عمره 2000 عام، كما أنه يعمل باليد، أما مهمته فهي رصد حركة الأرض وتوقع حركة الكواكب الخمسة المعروفة ومراحل القمر وخسوف الشمس والقمر.
وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 12 مارس/آذار 2021، فإن اللغز يكمن في كون أنه من الصعب للغاية حل الطريقة التي تحققت بها مثل هذه الإنجازات المذهلة المثيرة للإعجاب.
فك اللغز
بينما يعتقد الباحثون الآن أنهم تمكنوا من حل اللغز، جزئياً على الأقل، وشرعوا في صناعة الجهاز والتروس وما عداها من جديد، ليتأكدوا مما إذا كان اقتراحهم صحيحاً أم لا، وإذا تمكنوا من صناعة نسخة طبق الأصل بالآلات الحديثة، فإنهم يهدفون إلى فعل الشيء نفسه باستخدام تقنيات تعود إلى العصور القديمة.
آدم فويسيك، عالم المواد بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، علق على الأمر قائلاً: "نعتقد أن صناعتنا الجديدة تتفق مع كل الأدلة التي حصّلناها من البقايا الموجودة حتى الآن".
بينما أعاد علماء آخرون صناعة الجهاز مرات كثيرة في الماضي، لكن حقيقة فقد ثلثي الآلية جعلت من الصعب التأكد من طريقة عملها.
كيف عُثر عليه؟
إذ عثر غواصون يبحثون عن الإسفنج على الآلة، التي توصف غالباً باعتبارها أول حاسوب تناظري في العالم، عام 1901 وسط غنيمة كنز انتُشلت من سفينة تجارية تعرضت لكارثة قبالة جزيرة أنتيكيثيرا اليونانية.
في البداية، لوحظت بالكاد شظايا النحاس المتآكلة، لكن عقوداً من العمل الأكاديمي كشفت أن القطعة تحفة من روائع الهندسة الميكانيكية. وكانت الآلة في الأصل محاطة بصندوق خشبي يبلغ طوله نحو نصف متر، ومغطاة بنقوش عبارة عن دليل مستخدم مدمج، واحتوت على أكثر من 30 ترساً برونزياً متصلاً بأقراص ومؤشرات.
وجمع مايكل رايت، الأمين السابق للهندسة الميكانيكية في متحف العلوم بلندن، الكثير من طريقة عمل الآلة وصنع نسخة طبق الأصل. لكن الباحثين لم يعرفوا تماماً ماهية عمل الجهاز. ولم تحظَ جهودهم بدعم تلك البقايا التي نجت في 82 جزءاً منفصلاً، مما جعل مهمة صناعته من جديد أشبه بحل أحجية ممزقة ثلاثية الأبعاد ضاعت معظم أجزائها.
في دورية Scientific Reports العلمية كتب فريق جامعة كاليفورنيا موضحين كيف اعتمدوا على أعمال رايت وآخرين، واستخدموا النقوش على الآلية وطريقة رياضية وصفها الفيلسوف اليوناني القديم بارمينيدس، لوضع ترتيبات جديدة للتروس من شأنها تحريك الكواكب وغيرها من الأجسام بالطريقة الصحيحة. ويسمح الحل لجميع تروس الآلية تقريباً بالدخول في مساحةٍ عمقها 25 مم فقط.