أعادت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل مؤخراً تفعيل ما يعرف بـ"المنتدى الاستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي حول إيران"، وهي مجموعة عمل استراتيجية برئاسة مستشاري الأمن القومي في البلدين لـ"مواجهة إيران"، فما قصة هذا المنتدى، وما الأدوار التي لعبها سابقاً، والتي سيلعبها لاحقاً في الملف الإيراني في ظل إدارة بايدن التي تسعى بالفعل لإعادة إحياء الاتفاق النووي خلافاً لوجهة النظر الإسرائيلية؟
ما هو "المنتدى الاستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي حول إيران"؟
في الأشهر الأولى من ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وفي أعقاب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض عام 2009، اتفق الطرفان على التنسيق بينهما للتعامل مع الملف الإيراني، وبناء على ذلك تم إنشاء هذا المنتدى.
ومن خلال المنتدى صاغت واشنطن وتل أبيب الاستراتيجية لزيادة الضغط على إيران من خلال العقوبات الأمريكية والدولية خلال فترة ولاية أوباما الأولى (يناير 2008– يناير 2009).
كما شهد المنتدى خلافات بين الطرفين حول الاتفاق النووي مع طهران الذي توصلت له إدارة أوباما، والدول الكبرى، مع إيران، حول برنامجها النووي عام 2015، حيث عارضت تل أبيب بشدة هذه الاتفاقية وحثت ترامب لاحقاً على إلغائها، وكان لها ذلك.
وخلال رئاسة دونالد ترامب (يناير 2017– يناير 2021) كان المنتدى المشترك هو المكان الذي جرت فيه المناقشات الإسرائيلية الأمريكية الحثيثة حول انسحاب محتمل لواشنطن من الاتفاق النووي. وأصبح المنتدى لاحقاً المكان الذي نسق فيه الطرفان حملة "الضغط الأقصى" ضد إيران، بقيادة إدارة ترامب، حسب وسائل إعلام إسرائيلية.
لماذا أعادت أمريكا هذا المنتدى الآن؟
منذ تولي جو بايدن رئاسة أمريكا، وعد الرئيس الأمريكي بالعودة إلى الاتفاقية النووية العالمية التي تقودها الولايات المتحدة مع إيران، والتي وافقت بموجبها طهران على قيود مؤقتة على برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الضاغطة، وهو الأمر الذي أثار حفيظة إسرائيل وقلقها.
وكان السفير الأمريكي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، قد علق على تعيين بايدن كبير المفاوضين بشأن اتفاق إيران، ويندي شيرمان، كنائبة لوزيرة الخارجية، وأنتوني بلينكن وزيراً للخارجية، وجيك سوليفان مستشاراً للأمن القومي، إلى جانب وزير الخارجية السابق جون كيري، ومستشارة الأمن القومي السابقة سوزان رايس، في مناصب عليا بإدارة بايدن، بأنهم جميعاً "شاركوا في إبرام الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى الدولية"، وقال فريدمان: "فرقة إيران عادت معاً مرة أخرى".
وفي ظل اختلاف وجهات النظر بين حكومة نتنياهو وإدارة بايدن حول الملف الإيراني، وتهديد تل أبيب بالذهاب منفردة في ضرب إيران إن دعت الحاجة، أكد مسؤولون أمريكيون مؤخراً حرص واشنطن على "أمن إسرائيل" من باب طمأنة تل أبيب.
وأجرت كمالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي، هذا الأسبوع، اتصالاً هاتفياً مع نتنياهو، لفتت فيه إلى أن "الولايات المتحدة ستواصل "التزامها غير المشروط بأمن إسرائيل"، معربة عن" دعم بلادها القوي لاتفاقيات التطبيع الأخيرة التي أبرمتها إسرائيل مع دول في العالم العربي والإسلامي، كما شددت نائبة الرئيس الأمريكي على أهمية زيادة أمن إسرائيل والفلسطينيين، والسلام والاستقرار بالمنطقة".
وأفاد بيان للبيت الأبيض أن الطرفين اتفقا على "التعاون الوثيق والشراكة في قضايا الأمن الإقليمي، بما في ذلك برنامج إيران النووي وتصرفاتها الإقليمية الخطيرة".
ما غاية إسرائيل من إعادة التنسيق مع واشنطن عبر هذا المنتدى؟
ولتطبيق "طمأنة" تل أبيب حول خطوات واشنطن نحو إيران، اتفق الطرفان على إعادة العمل لـ"المنتدى الاستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي حول إيران"، وأجرى رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات ومستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، الخميس 11 مارس/آذار 2021 أولى المباحثات المشتركة حول الملف الإيراني.
وأفادت قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية، أن هذه المباحثات هي الأولى من نوعها في عهد الرئيس جو بايدن، وأنها تجري افتراضياً، دون إضافة مزيد من التفاصيل.
ويرأس المنتدى مستشارو الأمن القومي الأمريكي والإسرائيلي -حالياً جيك سوليفان ومائير بن شبات- ويضم كبار المسؤولين من مختلف وكالات الأمن القومي والسياسة الخارجية والاستخبارات في كلا البلدين.
من جانبه أكد البيت الأبيض لقاء بن شبات وسوليفان. وأوضح في بيان، أن اللقاء سيعقد في إطار ما يُعرف بـ"المنتدى الاستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي حول إيران". وقبل نحو أسبوعين، ذكر موقع "واللا" العبري أن المحادثات المشتركة بين الطرفين ستتركز على "الصورة الاستخبارية وتقديرات استخبارات الدولتين بشأن البرنامج النووي الإيراني".
ويقول موقع إكسيوس الأمريكي، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتبنيان وجهات نظر متناقضة حول الاتفاق النووي الإيراني، لكن استئناف مجموعة العمل هو "إشارة إلى رغبة حكومة كلا البلدين في بدء حوار جاد ومهني بدلاً من خوض مواجهة سياسية".
وبحسب الموقع الأمريكي، "تتمثل الأولوية الإسرائيلية القصوى في وضع أحدث المعلومات الاستخبارية والبيانات حول برنامج إيران النووي وتقييم ما إذا كانت صور المخابرات الأمريكية والإسرائيلية متوافقة". وتطالب مصادر إسرائيلية مطلعة على القضية "بضرورة وضع خط أساس استخباراتي مشترك بين واشنطن وتل أبيب قبل الانتقال إلى المناقشات السياسية".
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، تسعى تل أبيب إلى الاستفادة من إعادة تفعيل المنتدى المشترك، وتقديم كافة المعلومات الاستخباراتية التي بحوزتها حول البرنامج النووي الإيراني، بما فيها ملخص لنتائج الأرشيف النووي، لثني إدارة بايدن عن العودة للاتفاق النووي مع إيران، والتأكد من وجود اتفاق وتنسيق مع إدارة بايدن حول الصورة الاستخباراتية للملف الإيراني، وفهم ما إذا كانت هناك خلافات وثغرات حول "الحقائق".
وبحسب مصدر مطلع أكد لموقع "واللا" العبري، فإن "إسرائيل تهدف لإنشاء قاعدة بيانات مشتركة مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني، ستتم بموجبها مناقشة السؤال المحوري التالي: "ما السياسة التي يجب اتباعها لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية؟".