تساءلنا في المقال الماضي: هل الآباء النرجسيون يحبون أطفالهم؟ وأجبنا بشكل مستفيض.
في المقال الحالي نتحدث عن تأثير هؤلاء الآباء على أطفالهم، كيف تتكون شخصياتهم وصفاتهم ونشأتهم تتم على يد أب/أم نرجسي؟!
عندماً يكون الآباء نرجسيين فتلك معاناة مطلقة.
أُم تبدو وكأنها مثالية في الأماكن العامة، ولكنها تغضب وتصرخ على أطفالها وزوجها في المنزل عندما يضايقونها، أو أب يجعل أطفاله يشعرون بالارتباك عن عمد بإخبارهم أن شيئاً ما لم يحدث عندما يحدث، فإلى أين سيأخذ هذا أطفاله؟!
الإجابة: إلى إبطال تجربتهم البريئة وإلى تعلم عدم ثقتهم حتى في أنفسهم.
في الحقيقة إن تربية الطفل على يد والد نرجسي يؤدي إلى اعتقادة بأنه ليس جيداً بما يكفي.
فبشكل عام، الآباء النرجسيون ينظرون إلى أطفالهم على أنهم امتداد لأنفسهم، ويصبحون مصدراً لتقدير الذات لدى الوالدين؛ "شيء ما يتم التفاخر به" ويصبح الأطفال وسيلة لجذب الانتباه من الآخرين.
يتم صنع قولب لهم، ويتعلم الأطفال كيف يتناسبون مع تلك القوالب التي تم إعدادها لهم مسبقاً، وهذا يمكن أن يؤدي إلى قلق الطفل الذي يدفع باستمرار شخصيته جانباً من أجل إرضاء الوالد.
يجب أن يلتزم ابن الوالد النرجسي بجدول أعمال والده، حتى تكون حياته مستقرة. قد يؤدي تأكيد مشاعره أو أفكاره إلى مشاكل مع الوالد قد تشمل الغضب أو اللوم أو العقاب. ومن خلال هذا، يتعلم الطفل أن مشاعره وأفكاره غير مهمة بل ويجب كبتها وتنحيتها جانباً، وغالباً ما يخنق مشاعره من أجل الحفاظ على السلام في المنزل.
النرجسيون ليسوا دائماً قساة، يمكن أن يكونوا لطفاء في كثير من الأحيان، لكن هذا اللطف يأتي دائماً مع "الظروف". غالباً ما يفهم الطفل أن حب والديه يقوده إلى الشعور بأنه مدين لوالده النرجسي، سواء كان ذلك علنياً أو خفياً، فإن صوت الشعور يكون "إذا فعلت هذا من أجلك، فأنت مدين لي" يأتي دائماً مع أفعال طيبة. اللطف والحب دائماً "مشروط".
قد يكون من الصعب التعامل مع سلوك النرجسي في أفضل الأوقات، لذلك قد يشعر الطفل بعدم القدرة على التنبؤ به وعدم الاستقرار، لا يمكن للأطفال الصغار فقط النهوض وترك عائلاتهم، لذا فهم يغذون الأمل بالتضحية باحترامهم لذاتهم ولوم أنفسهم ويتم تشويه شخصيتهم بنجاح.
والطفل يستوعب الاعتقاد بأنه هو المشكلة؛ "شيء ما داخلي هو الخطأ." وإن اعتقاد والده النرجسي بأنه الوالد المثالي يضاعف هذا الاعتقاد فقط، لأنه يعتقد أن أي مقاومة أو سلبية يتعرض لها من الطفل هي "خطأ الطفل" كالعادة الجميع مع النرجسي هم المخطئون.
تكمن صعوبة النشأة مع والد نرجسي في أن الطفل غالباً لا يدرك أن هناك شيئاً خاطئاً، وعندما يكبر يكتشف ما تم قتله بداخله. قد تمر سنوات بعد أن يبدأ الطفل، الذي أصبح في الغالب الآن بالغاً، في فهم طفولته التي تم تدميرها بشكل أو بآخر.
حديثنا مستمر في هذا الموضوع.. سنتناول معاً كل ما يتعلق بالموضوع حتى ننقذ ما يمكن إنقاذه.. ودُمتم في سلام.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.