هل يواجه الحزب الجمهوري أسوأ أيامه؟ موجة تقاعدات تترك فراغاً سيملؤه إما “الترامبيون” أو الديمقراطيون

عربي بوست
تم النشر: 2021/03/09 الساعة 14:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/03/09 الساعة 14:58 بتوقيت غرينتش
ترامب لا يزال يمثل قوة عظمى داخل الحزب الجمهوري، تعبيرية، رويترز

نشرت وكالة Associated Press الأمريكية تقريراً يسلط الضوء على موجة الاستقالات والتقاعد في الحزب الجمهوري الأمريكي، وقالت الوكالة إن السناتور الجمهوري روي بلانت المنتمي لولاية ميزوري يوم الإثنين 8 مارس/آذار، أصبح خامس سناتور يعلن اعتزامه عدم الترشح من جديد، وسط موجة تقاعد تنذر بموسم انتخابي سيئ العام المقبل وتعطي الديمقراطيين أملاً جديداً في الحفاظ على أغلبيتهم في مجلس الشيوخ.

ويُعد تقاعد بلانت البالغ من العمر 71 عاماً تذكيراً بالطريقة التي تتغير بها سياسات البلاد منذ صعود دونالد ترامب. ويمثل بلانت وزملاؤه الجمهوريون المتقاعدون من أوهايو وبنسلفانيا وكارولينا الشمالية وألاباما، حرساً قديماً حارب في سبيل سياسات محافظة، وقاوم أحياناً الهجمات الشخصية والحكم غير المتكافئ اللذين سادا في عهد ترامب.

من المستفيد الأكبر من هذه الحملة داخل الحزب الجمهوري؟

بحسب الوكالة الأمريكية، فإن رحيل هؤلاء سيترك فراغاً يرجح أن يملؤه جيل جديد من الجمهوريين أكثر استعداداً لتقبل الترامبية، أو الديمقراطيون.

ويُتوقع أن يسعى العديد من الجمهوريين في ولاية ميزوري إلى الترشح لحل محل بلانت، لكن لا أحد منهم سيكون أكثر إثارة للانقسام من الحاكم السابق إريك غريتنز، الذي استقال عام 2018 وسط تداعيات فضيحة جنسية وتحقيق أخلاقي. ومن حينها، تحتشد قاعدة ميزوري الجمهورية خلفه، معتقدين أنه تعرض لمحاكمة غير عادلة.

وكان غريتنز يفكر في التقدم لترشيح الحزب الجمهوري حتى قبل إعلان بلانت. ومن المنتظر أن يعلن ترشيحه الثلاثاء. وقبل إعلان غريتنز، كان يراود بعض الجمهوريين شعوراً بالقلق من أنه قد يخاطر بمقعد مجلس الشيوخ إذا اختير مرشحاً للحزب.

ولفت ستيفن لو، الحليف الرئيسي لزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل والرئيس التنفيذي لصندوق القيادة في مجلس الشيوخ، إلى أن الجمهوريين ربما يبدأون في تكرار أخطاء عام 2010، حين خسر الحزب الجمهوري الأغلبية في مجلس الشيوخ بعد دعمه مرشحين فاسدين من اليمين المتطرف.

وأشار "لو" إلى إعلان غريتنز القريب على وجه التحديد. وقال: "لدينا فرصة لاستعادة الأغلبية. لكن عام 2010 ضاعت هذه الفرصة في مجلس الشيوخ بسبب ترشيح أشخاص لا يمكن انتخابهم".

ما الذي يمثله عام 2010 بالنسبة للجمهوريين والديمقراطيين؟

عام 2010 فازت كريستين أودونيل، المفضلة لدى "حركة الشاي" في الحزب الجمهوري، على عضو جمهوري عتيد في الكونغرس في الانتخابات التمهيدية لمجلس الشيوخ بولاية ديلاوير قبل أن تتعرض لهزيمة ساحقة في الانتخابات العامة بعد ظهور تقارير عن مواجهتها صعوبات مالية شخصية واستخدام مشكوك فيه لأموال الحملة ومزاعم بـ"تورطها  في السحر".

وبعد ذلك بعامين في ولاية إنديانا، هزم ريتشارد موردوك السناتور ريتشارد لوغار الذي استمر ست فترات في الكونغرس في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لعام 2012، لكنه تعرض لهزيمة ساحقة بعد مناقشة قال فيها إن الحمل الناتج عن الاغتصاب "شيء قصده الرب". وفي ولاية ميزوري، خسر المرشح الجمهوري تود أكين بعد تأكيده في برنامج حواري محلي على أن "أجساد النساء لها طرق لتجنب الحمل في حالات الاغتصاب المشروع".

وخلال العقد الذي أعقب هزيمة أكين، تطورت سياسات ميزوري، مثل سياسة البلاد ككل، بطريقة تمنح كلا الحزبين فرصاً. إذ أصبحت ولايات مثل ميزوري وأوهايو وأيوا، التي اعتبرت مؤخراً ولايات متأرجحة، تتحول عن الديمقراطيين. وفي الوقت نفسه، تتحول الولايات الحمراء سابقاً مثل كارولينا الشمالية وجورجيا عن الجمهوريين.

معارك مقبلة بين الديمقراطيين والجمهوريين

وليس لدى الديمقراطيين هامش للخطأ. إذ ستصبح أغلبية مجلس الشيوخ من نصيب الجمهوريين خلال العامين الأخيرين من ولاية الرئيس جو بايدن إذا حصلوا على مقعد إضافي واحد في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وعادة ما يتكبد الحزب الذي يحتل البيت الأبيض خسائر كبيرة في الانتخابات النصفية الأولى في ولاية رئيس جديد. على سبيل المثال، خسر الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس باراك أوباما 63 مقعداً في مجلس النواب وستة مقاعد في مجلس الشيوخ عام 2010.

ولكن، يأمل الديمقراطيون أن يصبح ترامب حليفاً دون قصد عام 2022. إذ تعهد الرئيس الجمهوري السابق بالمساهمة بدور حيوي في الانتخابات النصفية، لا سيما عن طريق دعم مرشحين مؤيدين لترامب في الانتخابات التمهيدية. وهذا لا يترك فرصة كبيرة أمام الجمهوريين الراسخين مثل بلانت الذين يتمتعون بشعبية على مستوى الولاية.

يقول مورغان جاكسون، الخبير الاستراتيجي الديمقراطي البارز في ولاية كارولينا الشمالية: "التحدي الذي يواجه الجمهوريين سيكون السباق نحو القاع في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين. والأمر لا يتعلق بما تقوله، بل بمدى غضبك وارتفاع نبرة صوتك وأنت تقوله. وهذه وجهة نظر مختلفة تماماً عن العالم".

وقال جاكسون إن الجمهوريين سيفوزون "على الأرجح" بأغلبية مجلس النواب، لكنه متفائل بأن تدخل ترامب في الانتخابات التمهيدية لمجلس الشيوخ سيساعد في الحد من خسائر الديمقراطيين. قال: "ربما لن تكون دورة انتخابية جيدة، وربما لن تكون سيئة أيضاً".

من جانبه أشار جيه بي بويرش، الذي يقود لجنة العمل السياسي للأغلبية في مجلس الشيوخ المتحالفة مع الديمقراطيين، إلى أن الجمهوريين يركزون على "الحروب الثقافية في البلاد"، في حين يعمل الديمقراطيون على إرسال مليارات الدولارات إلى الطبقة العاملة الأمريكية المتضررة من الجائحة. وقال إن هذا التناقض سيساعد الديمقراطيين.

وقال: "ثمة نقاش اقتصادي يخص الأسر العاملة لا يزال بإمكان الديمقراطيين طرحه في وسط البلاد، في أماكن مثل ميزوري وأوهايو، ويحافظ على قدرتهم على المنافسة".

وفي الوقت نفسه، توقع بلانت أن يحقق الجمهوريون نجاحاً سياسياً في ولاية ميزوري وخارجها خلال مؤتمر صحفي يوم الإثنين. وتحدث أيضاً عن انتخابات عام 2010، حين عوقب الديمقراطيون على مستوى البلاد بعد تبنيهم مشروع أوباما الخاص بالحوافز المالية وإصلاح الرعاية الصحية.

وقال بلانت: "أعتقد أن عام 2022 سيكون عاماً رائعاً على البلاد وأعتقد أنه سيكون عاماً جيداً في هذا السباق على مجلس الشيوخ. والحزب الجمهوري سيكون على ما يرام".

هل يواجه الحزب الجمهوري أسوأ أيامه؟

وبعد أحداث اقتحام الكونغرس والتصويت على محاكمة دونالد ترامب، أصبح مستقبل الحزب الجمهوري غير واضح، خاصة بين الدعم الكامل لترامب من العديد من أعضائه في ظل محاولة البعض الآخر الابتعاد عن صورته للحفاظ على مستقبلهم السياسي.

وكان تصويت الأغلبية الساحقة من الجمهوريين في مجلس الشيوخ لصالح تبرئة ترامب الشهر الماضي، مؤشراً على نفوذه الذي لا يزال يحافظ عليه ضمن حزبه. وقالت ممثلة ولاية جورجيا في المجلس مارغوري تايلور غرين، التي تعد بين أشد المؤيدين له، إن "الحزب له لا لأحد آخر" في إشارة لترامب.

لكن صوّت 7 أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ لصالح إدانته، بينما صوّت عشرة جمهوريين من أعضاء مجلس النواب لصالح عزله الشهر الماضي، بينهم النائبة ليز تشيني، ابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني. وبينما صوّت زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل لصالح تبرئته، إلا أنه أشار إلى أن ترامب مسؤول "عملياً وأخلاقياً" عن أعمال العنف التي شهدها السادس من يناير/كانون الثاني.

وعلى الرغم من تكاتف الأغلبية بالحزب الجمهوري لدعم ترامب حتى الآن، إلا أن الرئيس السابق سيواجه تحديات كبيرة في حال أراد الترشح للرئاسة مرة أخرى.

ومن أكبر تلك التحديات هو إقناع أصحاب الأعمال والشركات الضخمة لتمويل حملته الانتخابية المحتملة في وقت يخشى فيه أصحاب تلك الأعمال أن يؤثر دعمهم لترامب بالسلب على صورتهم التجارية ورواج منتجاتهم سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها.

وبينما يظل ترامب مسيطراً على زعامته للحزب الجمهوري حتى الآن، إلا أن ذلك لا يعني أن طريقه للترشح المستقبلي لرئاسة البلاد ممهد، بل يظل ملطخاً بالآثار السلبية لما وقع في مبنى الكابيتول على مرأى ومسمع من مئات الملايين من المشاهدين حول العالم.

تحميل المزيد