وصلت قيمة شركة SpaceX المملوكة لإيلون ماسك إلى 74 مليار دولار، بعد أن جمعت المزيد من رؤوس الأموال، وهذا الطلب القوي على أسهمها يعني أنّ العديد من المستثمرين على قناعة بأنّ مشاريعها الطموحة سترفع قيمتها السوقية أكثر مستقبلاً.
إذ قفزت قيمة الشركة بنسبة 60% منذ آخر زيادة في رأسمالها، قبل 6 أشهر فقط.
وشهدت الجولة الأخيرة من جمع رؤوس الأموال حصول الشركة على عروض بقيمة 6 مليارات دولار من المستثمرين خلال ثلاثة أيام فقط، وفقاً لما أفاد به مصدر مطلع لقناة CNBC الأمريكية، وقد قبلت الشركة منها نحو 850 مليون دولار.
لماذا ارتفعت أسهم شركة SpaceX إلى هذه الدرجة؟
يأتي هذا الطلب الهائل من المستثمرين بفضل مشاريع Starship وStarlink في المقام الأول، بحسب ما أوضحه مؤسس Quilty Analytics كريس كويلتي. وشبّه تلك المشاريع بمشروع مانهاتن (المشروع الأول في العالم الذي نتج عنه اختراع القنبلة النووية).
وStarship هو صاروخ الجيل التالي الذي تُطوّره شركة ماسك حالياً، وهو مصمم ليكون أكثر قوة من صواريخ Saturn V، التي حملت رواد الفضاء إلى سطح القمر.
وقد تحدّث كبار المحللين في وول ستريت والصناعة إلى شبكة CNBC الأمريكية، للمساعدة في تفسير سبب الحماسة لبرامج ومشاريع الشركة.
إذ قالت كاريسا كريستنسن، المديرة التنفيذية لـBryce Space and Technology: "يعتمد هذا التقييم على رؤية المستثمرين لما تستطيع شركة SpaceX تحقيقه مستقبلاً".
وبينما يشارك المستثمرون في شركة قيمتها المرتفعة تصل إلى 74 مليون دولار، لكن محلل Ark Invest سام كوروس يعتقد أنّه من المحتمل أن تتحول شركة SpaceX نفسها إلى شركة تتجاوز قيمتها التريليون دولار.
وأضاف كوروس: "لا أجد صراحةً أي شركة في هذه الصناعة تتحرّك بنفس معدلات الابتكار الخاصة بـSpaceX".
كيف غيّر مشروع Starship نموذج إطلاق الصواريخ
أحدثت الشركة مفاجأة في السوق العالمية من خلال معدل إطلاق الصواريخ غير المسبوق وقليل التكلفة لصواريخ Falcon 9، بحسب محلل Jefferies غريغ كونراد.
إذ كانت إعادة استخدام معززات صواريخ Falcon 9، التي هبطت بها SpaceX 67 مرة، ضروريةً للشركة من أجل إبقاء التكاليف منخفضة وزيادة سرعة الإطلاق.
فتاريخياً، كانت الصواريخ التي تُطلق الأقمار الصناعية وغيرها من المركبات الفضائية تُستخدم لمرة واحدة، مع التخلص من المعززات -التي تمثل الجزء السفلي من الصاروخ- في المحيط بعد الإطلاق، لكن كونراد أكّد على أنّ انخفاض تكاليف صواريخ SpaceX خلق "فرصاً جديدة لما يُمكنك إطلاقه وفي أي سوق"، بينما تعمل شركات أخرى الآن على إعادة استخدام الصواريخ.
لكن الشركة ترغب في اتّخاذ خطوة أكبر مع صواريخ Starship، حيث يهدف ماسك إلى جعل صواريخ الشركة قابلةً لإعادة الاستخدام بالكامل، وليس فقط المعززات من خلال الهبوط بها وإعادة إطلاقها بطريقةٍ تُشبه الطائرات التجارية.
ويصل طول صاروخ Starship والمعزز إلى نحو 120 متراً، لذا فهو يوفر قدرات أكبر من أي صاروخ سابق، وذلك بغرض تحقيق هدف ماسك في إطلاق ما يصل إلى 110 أطنان من البضائع دفعةً واحدة.
ولم تصل الشركة بعد إلى مدار الأرض باستخدام صواريخ Starship، لكنّها تبني وتختبر نماذج أولية سريعاً داخل منشأتها في بوكا شيكا بولاية تكساس.
وقد نجحت الشركة في إطلاق عدد من نماذج Starship الأوّلية، وهبطت بها بسلام بعد رحلات قصيرة على ارتفاع نحو 150 متراً.
لكن آخر رحلتين على ارتفاعات عالية، رغم اجتيازهما للعديد من مراحل التطوير، شهدت انفجار الصواريخ عند الاصطدام أثناء محاولات الهبوط.
ولم تُفصح الشركة عن حجم إنفاقها على برنامج Starship حتى اليوم، لكن ماسك قدّر في وقتٍ سابق أنه يتوقع وصول التكلفة على الشركة إلى قرابة الخمسة مليارات دولار حتى إكمال البرنامج.
ورغم النهايات المتفجرة لآخر الرحلات، فإن محلل Morgan Stanley آدم جوناس أكّد على فكر الشركة القائل إنّ كل اختبار لـStarship يُمثّل خطوة مثيرة إلى الأمام.
ورغم الترويج لصواريخ Falcon 9 على أنّ قيمتها تصل إلى 62 مليون دولار، فإن SpaceX قالت إنّ التكلفة التشغيلية تصل إلى نحو 28 مليون دولار لكل عملية إطلاق. ومع ذلك يزعم ماسك أنّ صواريخ Starship ستكون قابلةً لإعادة استخدامها بالكامل، ما سيخفض التكلفة لكل عملية إطلاق إلى نحو المليوني دولار، ويخفض تكلفة بلوغ مدار الأرض المنخفض أيضاً بحسب كوروس.
وقالت كاريسا: "أعتقد أنّ رؤية Starship تكمن في محاولة فتح المجال أمام نمو هذا السوق، سواء ببناء مركبات فضائية أكبر أو بتصميم مختلف".
وتتمثل إحدى فوائد حجم Starship الهائل في توسيع قدرة SpaceX على إرسال مهمات ثنائية الأهداف، حين تحمل الصواريخ أقماراً صناعية إضافية إلى جانب حمولتها الأساسية. وستتمتّع Starship بمساحةٍ إضافية كافية "لدرجة أنّ الحمولات الثانوية قد تُغطي تكلفة الإطلاق"، بحسب جوناس، وهذا سيدعم فعلياً إطلاق الأقمار الصناعية الخاصة بالشركة بدون تكلفة تقريباً.
وبعدين عن نقل البضائع، تخطط الشركة لاستخدام Starship من أجل نقل الأشخاص إلى مدار الأرض أو حتى سطح القمر والمريخ.
حيث أوضحت كاريسا: "هناك أيضاً السوق المحتمل المرتبط برحلات الفضاء البشرية، التي كانت تاريخياً تعتمد بالكامل تقريباً على الميزانيات الحكومية. وهناك سوق سياحة بشرية تجارية في الفضاء، ونحن لا نزال في بداياته".
ورغم أنّ الرحلة إلى المدار على متن كبسولة Crew Dragon من الشركة تُكلّف نحو 200 مليون دولار لأربعة ركاب، فإنّ مشروع Starship من شأنه أن "يفتح المجال أمام فرص مذهلة، لأنّ الصواريخ قابلة لإعادة الاستخدام، فيمكنك تخيل أن تصل تكلفة رحلة القمر معها إلى نحو 100 ألف دولار فقط"، بحسب كوروس.
سوق الفضاء
سلط كونراد الضوء أيضاً على وجود عدد محدود من شركات الفضاء الخالصة أمام المستثمرين في الأسواق العامة. وهذا "زاد شهية المستثمرين للشركات التي لديها نسبة نمو أعلى".
إذ ينمو اقتصاد الفضاء بثبات، ويُقدّر أنّ قيمته الحالية تتجاوز الـ423 مليار دولار حالياً، لكن العديد من شركات وول ستريت تتوقّع أن يكسر حاجز التريليون دولار بنهاية العقد الجاري.
وأكّد جوناس أيضاً على محدودية أعداد الخيارات الاستثمارية المتاحة، على غرار SpaceX. إذ تتمتع الشركة بمكانة مُهيمنة في الصناعة، ويقول جوناس إنّ مشاريعها الأخيرة "تستطيع الارتقاء إلى مستوى من الأسواق قد يجعله صاحب أكبر (إجمالي سوق متاح) في العالم أو من أكبرها".
وإجمالاً، ترى كاريسا أنّ ماسك أدخل "عقلية وادي السيليكون" على صناعةٍ ظلت لعقود تحت هيمنة المقاولين الحكوميين، الذين يركزون على الجوانب الدفاعية.
وقالت: "إنّ تنفيذ العديد من المشاريع الطموحة غير التقليدية في الوقت ذاته يتوافق تماماً مع هوية الشركة المتمثلة في إحداث طفرة داخل هذه الصناعة والعالم على حدٍّ سواء".