ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، الجمعة 5 مارس/آذار 2021، أن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى قد يواجهون أوامر اعتقال محتملة من قِبَل المحكمة الدولية في لاهاي، على خلفية إعلان الجنائية الدولية بدء تحقيقات في جرائم حرب بالأراضي الفلسطينية.
إذ أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، في 5 فبراير/شباط 2021، قراراً يقضي بولايتها القضائية على جرائم الحرب التي وقعت في الأراضي الفلسطينية المُحتلة منذ عام 1967، مما يفتح المجال أمام تحقيق محتمل، وسط ترحيب فلسطيني وتنديد إسرائيلي.
نتنياهو على رأس قائمة المهددين
صحيفة "جيروزاليم بوست" كشفت أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يأتي في مقدمة هؤلاء المسؤولين، إضافة إلى وزير الدفاع في ذلك الوقت، موشيه يعلون، ووزير الدفاع الحالي، بيني غانتس، الذي كان يشغل منصب رئيس أركان الجيش آنذاك، علاوة على عدد من قادة الجيش في البلاد.
فيما أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية أنها فتحت تحقيقاً رسمياً في جرائم مفترضة في الأراضي الفلسطينية، في خطوة تعارضها إسرائيل بشدة.
قالت المدعية العامة، فاتو بنسودا، إن هناك "أساساً معقولاً" للاعتقاد بأن جرائم ارتُكبت من جانب أفراد من قوات الدفاع الإسرائيلية والسلطات الإسرائيلية وحماس وفصائل فلسطينية مسلحة خلال حرب غزة عام 2014.
إسرائيل تخطط لاستباق قرارات "الجنائية الدولية"
أشارت الصحيفة إلى أنه من المرجح أن تحافظ إسرائيل على حوار منتظم مع الدول الأعضاء في المحكمة الدولية البالغ عددها 123 دولة، لمعرفة ما إذا كانت ستتدخل إذا قدمت مع المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق المسؤولين.
كان الجيش الإسرائيلي فتح عشرات التحقيقات الجنائية المفصلة مع عدد من أفراده بعد حرب غزة 2014 وأزمة الحدود مع القطاع 2018 على خلفية مقتل عدد من الفلسطينيين، إضافة إلى نحو 500 مراجعة لما حدث.
في عام 2017، أصدرت محكمة إسرائيلية حكماً بالسجن 18 شهراً على الجندي في الجيش، إيلور عزاريا، الذي أدين بالقتل غير العمد للشاب الفلسطيني، عبدالفتاح الشريف، في مدينة الخليل بالضفة الغربية.
لكن ليس من الواضح إذا ما كانت هذه التحقيقات والمراجعات كافية للمحكمة الجنائية الدولية.
ترحيب فلسطيني.. وتنديد إسرائيلي
رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، بقرار المحكمة الجنائية الدولية، مؤكدةً أنه "يوم تاريخي لمبدأ المساءلة"، ومنوهة بأنها مستعدة للتعاون مع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية في حال فتح تحقيق.
كما قال حسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية بالسلطة الفلسطينية، في تغريدة على "تويتر"، إن قرار المحكمة الجنائية الدولية اعتبار فلسطين دولة عضوة، بموجب معاهدة روما واختصاص المحكمة بالنظر في المسائل المتعلقة بالأراضي الفلسطينية والشكاوى التي ترفعها السلطة، "انتصار للحق والعدالة والحرية وللقيم الأخلاقية في العالم".
كذلك، رحب وزير العدل الفلسطيني محمد فهد الشلالدة بهذه الخطوة، مؤكداً أن "قرار الجنائية الدولية تاريخي، ويعني الشروع فوراً في التحقيق بالانتهاكات الجسيمة على الأرض الفلسطينية المحتلة"، لافتاً إلى ثلاثة ملفات تتصدر الأولوية مدرجة في المحكمة، هي: الحرب الإسرائيلية على غزة في 2014، والاستيطان، والأسرى.
بدورها، وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش القرار بأنه "بالغ الأهمية"، وقالت بلقيس جراح، مستشارة برنامج العدالة الدولية بالمنظمة، إن القرار "يُقدّم أخيراً بعض الأمل الحقيقي في العدالة لضحايا جرائم خطيرة، بعد نصف قرن من الإفلات من العقاب".
في المقابل، ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالقرار قائلاً إن "المحكمة تتجاهل جرائم الحرب الحقيقية، وتتعقب بدلاً من ذلك إسرائيل، وهي بلد له نظام ديمقراطي قوي يقدس حكم القانون وليس عضواً بالمحكمة"، مؤكداً أن إسرائيل "ستحمي كل مواطنيها وجنودها من المقاضاة"، حسب مزاعمه.
نتنياهو ذكر أن "المحكمة بقرارها هذا تُضعف حق الدول الديمقراطية في الدفاع عن نفسها".