كان عهد الخليفة الأموي عبدالرحمن الناصر (912 : 961) من أزهى وأقوى عصور الأندلس، إذ أعلن الناصر الخلافة في قرطبة عام 929 واستقرّت البلاد على يديه بعد أن هددت الثورة مُلك بني أمية وكادت تقضي على ملكهم. كما أغار على الإسبان، الذين هاجموا مدناً أندلسية وسيطروا عليها، وردهم إلى بلادهم وحصن حدود بلاده معهم، ما جعل الأندلس وجهة البعثات الدبلوماسية من أقطارٍ مختلفة تسعى لخطب ود عبدالرحمن الناصر وطلب دعمه أو التحالف معه.
ومن بعد الناصر تولى ابنه الأكبر الحَكَم المستنصر عام 961 وكان عمره يومئذ 48 سنة. ولم يكن الحَكَم حديث عهدٍ بشؤون الملك والحكم، فقد مارسها في حياة أبيه، بل كثيراً ما ندبه الناصر لمباشرة المهام والشؤون الخطيرة، لذا كان خليفةً حكيماً، واشتهر الحَكَم بحبه وولعه بالعلوم والآداب وتقديره الشديد للعلماء، ولم يعطِّله ذلك عن مواجهة الممالك الإسبانية، فقد تعددت غزواته على ممالك وقلاع ومدن الإسبان.
تولَّى الحَكَم الملك وهو كهل ولم يكن إلى ذلك الحين قد أنجب ولداً ما أثار قلقه لعدم وجود وريثٍ له في الملك، وانتهى ذلك القلق عندما وُلد ابنه عبدالرحمن الذي توفي طفلاً، فحزن الحَكَم حزناً شديداً، لكنه لم يلبث أن وُلد ابنه الثاني هشام في عام 965 والذي أصبح ولياً للعهد، وأمر الحَكَم بأن تُعدّ لتعليمه الدار المعروفة بدار المُلك بقصر الزهراء، لذا؛ انتقلت معه أمه، صبح البشكنجية التي لعبت دوراً كبيراً فيما بعد على مسرح الأحداث.
وفاة الحَكَم وصراعٌ على العرش
ينقل لنا محمد عبدالله عنان -المؤرخ المصري المتخصص في تاريخ الأندلس- في موسوعته (دولة الإسلام في الأندلس) لحظات موت الحَكَم وما تبعها من أحداث، فيقول: لما توفي الحَكَم في 976م حرص خادماه فائق وجؤذر على كتمان خبر موته، لتسيير الأمور وفق الخطة التي وضعاها. وكانت هذه الخطة تنحصر في تنحية ولي العهد الصبي هشام عن العرش، واختيار عمه المغيرة بن عبدالرحمن الناصر، لولاية العرش، وكان هذان الفتيان من الصقالبة الذين كان لهم نفوذ كبير داخل القصر، إذ إنهم حرس الخليفة الخاص فكانوا بذلك قوة يُخشى بأسها.
أبلغ فائق وجؤذر، الحاجب -وهو من يرأس الوزارة- جعفر بن عثمان المُصحفي، وأخبراه بموت الخليفة وعرضا عليه مشروعهما، في تولية المغيرة، فتظاهر الحاجب بالاستحسان والموافقة، ووعدهما بالعمل وفق خطّتهما، ثم خرج واستدعى العديد من قادة الدولة الكبار فنعى لهم الخليفة، وعرض عليهم مشروع الصقالبة، في تنحية هشام وتولية المغيرة، وبيَّن لهم كيف أن هذا المشروع خطر عليهم، وأنه إذا حصل المغيرة على الحُكم، فإن الصقالبة سيستبدون بالأمر، وسيقضي عليهم وعلى نفوذهم المغيرة ومعه الصقالبة.
فاقترح بعض القادة أن يُقتل المغيرة، وتطوّع محمد بن أبي عامر -أحد كبار القادة- لتنفيذ هذه المهمة، فأرسله جعفر مع بعض الجند وذلك في سِريِّة لكي لا يعلم الصقالبة ما هم مقدمون على فعله.
أحاط الجند دار المغيرة، وقتلوه خنقاً أمام زوجته، ثم أشاعوا أنه قتل نفسه، وهكذا وقع الاتفاق على تولية هشام، وأُخذت له البيعة في اليوم التالي لوفاة أبيه الحَكَم في 1 أكتوبر 976. كان ذلك قضاءً محكماً على كل معارضة لحكم الصبيّ هشام، كما أدت إلى اجتماع مقاليد السلطة في أيدي رجلين اثنين: الحاجب جعفر بن عثمان المصحفي، ومحمد بن أبي عامر، وهو يومئذ مدير الشرطة، ومتولي خطة المواريث.
يذكر عنان أنه من الخطأ أن يُقال إن السلطة قد خلصت لهذين الرجلين وحدهما، فقد كان ثمة شخصية ثالثة تشاطرهما السلطان من وراء الستار. تلك هي صبح البشكنجية حظيّة الحَكم وأم ولده عبدالرحمن المتوفى وأم هشام الخليفة الصبي، وكانت قد مُنحت الوصاية على ولدها، واكتسبت بذلك صفة شرعية في الاشتراك في الحكم وتدبير شؤون البلاد.
صبح وصعود بن أبي عامر في سلم السلطة
كانت صبح جارية بشكنجية من مملكة نافار الإسبانية، وصبح أو صبيحة هي ترجمة لكلمة Aurora ومعناها الفجر أو الصباح وهو الاسم المسيحي الذي كانت تحمله صبح.
ظهرت صبح في بلاط قرطبة في أوائل عهد الخليفة الحَكَم المستنصر، ولا يُعرّف إن كانت قد أُسِرَت في بعض المعارك، أو كيف وصلت للبلاط القرطبي، لكن المهم أن الحَكَم شغف بها، وأغدق عليها حبه وعطفه، ولم تلبث أن استأثرت لديه بكل نفوذ ورأي. ثم ازداد هذا النفوذ توطداً وتمكناً، حينما رُزق منها بولده عبد الرحمن ثم بهشام.
تمتّعت صبح أيام الحَكَم بنفوذٍ كبير في البلاط، وكان الحَكَم يثق برأيها، ويستمع لها في الكثير من الشؤون. وكان لرأيها تأثيرٌ في تعيين الوزراء ورجال الحكم، وكان الحاجب جعفر بن عثمان المصحفي يجتهد في خدمتها وإرضائها، ويستأثر لديها ولدى الحَكَم بنفوذ كبير.
استمرّ الحال حيناً على ذلك، حتى ظهر الشاب الذكي محمد بن أبي عامر الذي أُعجبت صُبح بذكائه وطموحه، فاختارته حينما أراد الحَكَم أن يعين مشرفاً لإدارة أملاك ولده عبد الرحمن.
لما توفي ابنهما عبد الرحمن وهو طفل، عُيِّن مشرفاً لإدارة أملاك أخيه هشام. وتقدم بن أبي عامر في وظائف الدولة بسرعة؛ فأضيف إلى مهامه إدارة الخزانة العامة، وأمانة دار السِّكة المسؤولة عن إنتاج العُملة، ثم عُين للنظر على خطة المواريث، ثم عُيِّن قاضياً لإشبيلية ولبلة، ثم عينه الحَكَم مديراً للشرطة، وفي أواخر أيامه عينه ناظراً على الحشم؛ وكان عندئذ يلقب بـ"فتى الدولة".
حديث أهل قرطبة
يذكر عنان في موسوعته عن الأندلس، أنّ الفضل الرئيسي في صعود محمد بن أبي عامر وتقدُّمه في وظائف الدولة بتلك السرعة وشغله للكثير من المناصب يرجع لمهاراته المتعددة وذكائه، ثم يرجع بالأخص إلى عطف صبح وحمايتها له والتي سرعان ما تحوّلت إلى شغفٍ وولعٍ به كما يصف عنان.
كان ابن أبي عامر متفانياً في خدمة صبح. يرسل إليها باستمرار الهدايا والتحف النفيسة، حتى لقد أهداها ذات مرة نموذج قصرٍ من الفضة، أنفق عليه مالاً كثيراً.
ولم تلبث علاقة صُبح الخاصة بابن أبي عامر أن أصبحت حديث أهل قرطبة، فسعى بعض خصوم ابن أبي عامر واتهموه بأنه يُبدِّد الأموال العامة التي عُيِّن للنظر عليها لشراء التحف والإنفاق على أصدقائه، فأمره الحَكَم بأن يُقدِّم حساب الخزانة العامة ليتحقق من سلامتها، وقد كان بالخزانة عجزٌ كبير، فهرع ابن أبي عامر إلى صديقه الوزير ابن حُدير، وكان ثرياً، فأغاثه وأعانه بماله على تدارك هذا العجز، وتقدَّم إلى الحَكَم وليس في الموازنة عجز، فزالت شكوك الحَكَم وتوطدت ثقته به، واستمر ابن أبي عامر متمتعاً بنفوذه وسلطانه.
صبح وصناعة "السيد المطلق"
مع تولِّي الصبي هشام الحُكم تحقُّق مشروع "ثلاثي السلطة"، صُبح والحاجب المصحفي وابن أبي عامر. كانت العلاقة بين صبح وابن أبي عامر تزداد قوة، وكان ابن أبي عامر، يرى في تلك المرأة، التي تجتمع في يدها السلطة بوصايتها على الخليفة الطفل، أداةً لينة يستطيع أن يخضعها لإرادته، لتحقيق مشاريعه بعيدة المدى.
أمّا من جانبها فقد كانت صُبح تثق في ابن أبي عامر وتضع فيه كل أملها لحماية عرش ابنها وبالتالي حماية سلطتها. فلم تمض أيامٌ قلائل على تولية هشام، حتى عُيِّن ابن أبي عامر وترقى إلى مرتبة الوزارة، وجُعل معاوناً للمصحفي في تدبير شؤون الدولة.
لم يعترض أحد من رجال القصر أو الدولة على ذلك الاختيار، سوى الحاجب المصحفي، فقد كان يرى في هذا التعيين انتقاصاً لسلطته، ونكراناً لجميله، بعد أن حمل أعباء السلطة كلها وقتاً كبيراً مع الحَكَم. وكان يرى في ابن أبي عامر بالأخص منافساً قوياً، لذا تبدلت صداقة الأمس إلى عداوة وبدأ الصراع المكتوم بين الرجلين.
مع اشتعال الصدام بينهما وقفت والدة الخليفة في صف ابن أبي عامر لتُطلق يده في كل كبيرةٍ وصغيرة ليصبح في الواقع هو السيد المطلق.
أمّا عن هشام فكان بعيداً كل البعد عن أمور السلطة بل كان يقضي وقته في اللهو واللعب، ومنذ تولي هشام الحكم عَمَدَ ابن أبي عامر للحجر عليه ولم يسمح لأحدٍ غيره برؤيته أو مخاطبته، حتى غدا هشام شبه معتقل أو سجين.
وفي الفرص النادرة، التي كان يسمح فيها لهشام بالخروج إلى الناس، كان ابن أبي عامر يتخذ أشد الاحتياطات فيحيط موكبه وهو يخترق شوارع قرطبة، بصفوفٍ كثيفةٍ من الجند، تمنع الشعب من رؤيته أو الاقتراب منه.
كان حجب هشام على هذا النحو، بداية ذلك الانقلاب الكبير الذي اعتزم ابن أبي عامر أن يحدثه في نظام الدولة، لتمكين سلطانه وجمع سلطات الدولة كلها في يده، والإطاحة بصديقة الزمن القديم: صبح البشكنجية.
اشتعال الصراع والانقلاب الكبير
أوَّل ما قام به بن أبي عامر في الدولة هو التخلٌّص من خصومه ومنافسيه واحداً واحداً. فطارد الصقالبة وقتل الكثير منهم، واستمال البقية. وانهار بذلك سلطان ونفوذ الصقالبة في الدولة.
بعد ذلك عمل ابن أبي عامر على بسط نفوذه على الجيش وذلك بالخروج عدة غزوات قادها بنفسه مكّنته من اختيار اخلص الجند ليكوّنوا بطانته، ما جعل أكّد صورة ابن أبي عامر باعتباره القائد المظفّر الذي استولى على قلوب الجند والشعب سوياً، ورأى فيه الشعب حامي المملكة والمدافع عنها.
ومع صعود نجم ابن أبي عامر والتفاف الجيش والرعية حوله، وبناءً على هذا صدر أمر الخليفة بعزل الحاجب المصحفيّ وتقليد منصبه لابن أبي عامر، وبذلك سيطر ابن أبي عامر على الدولة والجيش معاً. وكانت قرطبة تعاني قبل تولّيه الحجابة عدة اضطرابات فضَبَطَ أمرها، ثم استخلف على حكم المدينة ابن عمه عمرو بن عبد الله بن أبي عامر.
قبل عزله من الحجابة، ولكي يستعيد المصحفي ما كان عليه، سعى لاستمالة قائد أحد جيوش الثغور غالب الناصريّ، وهو أحد كبار القادة وأشجعهم، فطلب يد ابنته أسماء لابنه محمد، فاستجاب غالب إلى طلبه، وكادت تتمّ المصاهرة، لولا أن كتب ابن أبي عامر إلى غالب يخطب ابنته لنفسه، فنزل غالب على تلك الرغبة، وعدل إلى مصاهرة ابن أبى عامر. وزُفّت أسماء إلى ابن أبي عامر، في حفلةٍ كانت مضرب الأمثال في البذخ والبهاء، ونُظِّم الاحتفال في قصر الخليفة، تحت إشراف صبح، وأغدقت صبح على العروس أروع الهدايا والتحف.
على إثر ذلك أصدر الخليفة أمره بالقبض على المصحفي وعلى كل أهله، والتحفظ علي أموالهم. وبادر ابن أبي عامر إلى محاسبتهم والتحفظ على أموالهم، وشدد في مطاردتهم، أما عن المصحفي نفسه فقد أودع في السجن حتى لقيَّ حتفه، فبعض الروايات تذكر أن هناك طعاماً دُسّ فيه السُّم قُدم إليه، وهناك روايات أخرى تقول إنه قُتل خنقاً.
اشتعال الصراع بين صبح وابن أبي عامر
أضحى الحاجب محمد بن أبي عامر الذي تلقّب الآن بـ"المنصور" السيد الأوحد للأندلس بعد أن قضى على كل خصومه ومنافسيه، وأضحى بعد أن وضع يده على الجيش، صاحب السلطة العليا دون منازع.
ولم يكن الخليفة هشام، سوى أداةً لينة يوجِّهها بن أبي عامر كيف يشاء. ومع ذلك ظلّ ابن أبي عامر يخشى على نفسه من الوجود في قصر الزهراء، وما قد يضمره بعض الحاقدين المتربصين، فرأى أن يتخذ له مركزاً مستقلاً للإدارة والحكم، فبنى مدينة جديدة سمّاها الزاهرة.
نقل بن أبي عامر دواوين الإدارة والحكم إلى مدينته الجديدة، وبنى فيها مساكن بطانته وحرسه، وأقام حولها سوراً ضخماً، ونقل إليها خزائن المال والسلاح، وإدارات الحكم؛ وأقطع ما حولها للوزراء والقادة وكبار رجال الدولة، فبنوا القصور، وأُنشئت الشوارع والأسواق الفسيحة.
وفي هذه اللحظة؛ أدركت صبح، أم الخليفة العاجزة ما يرمي إليه ابن أبي عامر، وأدركت خطورته على مستقبل ابنها ومستقبل الأسرة الأموية في الخلافة، فثارت نفسها سخطاً، وأضحت تبغض ذلك الرجل الذي سلب ملك ابنها وسلبها كل نفوذ وسلطة.
من ذلك الحين انقلبت صبح من الصداقة إلى الخصومة مع ابن أبي عامر وسعت لمقاومته. وقد كان من الصعب إزاء يقظة ابن أبي عامر وسلطانه الشامل، أن تستطيع صبح القيام بأية عمل مباشر، فلجأت عندئذ إلى العمل سراً.
أخذت صبح تبثُّ في نفس ولدها هشام، بُغض ابن أبي عامر والسعي إلى صده واسترداد سلطانه منه، وتولي مقاليد الحكم بنفسه، وأشاعت بواسطة أعوانها أن ابن أبي عامر يسجن الخليفة ويحكم على عكس إرادته ويغتصب سلطته.
إلا أن ابن أبي عامر زاد من غزواته وانتصاراته على الممالك الإسبانية، وتسمّى الحاجب المنصور، وأمر بالدعاء له على المنابر، ونُفذت الكتب والأوامر باسمه مباشرةً بلقب "الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر"، ونُقش اسمه على النقود مع الخليفة، وجرت عادة الوزراء ورجال الدولة على تقبيل يده، وبذلك لم يبق من الخلافة الأموية سوى الاسم.
فما كان من صبح إلا أن تواصلت بزيري ابن عطية حاكم المغرب، ودفعته لمناوأة الحاجب المنصور. فبعثت إليه رسلها، وهرّبت له الأموال سراً ليحشد الجند ويتأهب للعبور إلى الأندلس.
كان زيري وفياً لبني أمية، وكان ينقم على المنصور بسبب حجره على الخليفة هشام؛ لذا فقد لبّى زيري دعوة صبح، وأخذ يُشهِّر بالمنصور وسياسته، وحجره على الخليفة، ويدعو إلى مقاومته، ورد الأمر إلى الخليفة الشرعي.
فأرسل المنصور ابنه عبد الملك في قوةٍ من الجيش إلى قصر الخلافة بقرطبة، ومعه جمهرة من الوزراء، ثم دخل بهم إلى مجلس الخليفة وخاطبه في الأمر، فأنكر هشام وتبرأ من خصومة المنصور، وطلبوا منه نقل أمواله وأهل بيته كخليفة الأموال إلى مدينة الزاهرة فوافق هشام ونُقلت الأموال على الفور. ولم يبق منها في خزائن القصر شيء، ولم تُجدِ توسلات صبح، ولا وعيدها شيئاً.
بعد ذلك سار المنصور إلى قصر قرطبة مع ابنه عبد الملك وسائر قادة الدولة، وانفرد بالخليفة في مجلسه، فاعترف له هشام بالفضل، وأقره على سياسته. ثم عَمَد المنصور إلى اتخاذ خطوةٍ جريئة أخرى، فأخرج هشاماً من القصر، وجلس بجانبه على العرش وخرج معه في موكبٍ عظيم، وأمامه ابنه عبد الملك بن أبي عامر ولي عهد أبيه، وسار الجيش أمام الموكب ومن خلفه، وشق هذا الموكب شوارع قرطبة بين جموعٍ حاشدة، وبذلك بطلت الإشاعات التي نشرتها صبح.
وهكذا فشلت صبح في محاولتها، ولم يسفر ذلك الصراع المتأخر إلا عن توطيد سلطان المنصور، وسحق البقية الباقية من خصومه ومعارضيه. ولما أيقنت صبح أن المقاومة محض عبث، لجأت إلى العزلة، ولم يُسمع عنها شيءٌ بعد ذلك.
وكما يذكر عنان في كتابه فلا أحد يعرف على وجه التحديد تاريخ وفاتها، وكأن ذكرها قد طُمس مع قفول شمس الدولة الأموية في الأندلس. وصعود شمس محمد بن أبي عامر.