قال تقرير نشرته صحيفة The Independent البريطانية يوم الجمعة 19 فبراير/شباط 2021 إن روسيا تحاول أن تجد سبيلاً لدفع المفاوضات المتعثرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، في ظل حديث الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس جو بايدن في خيارات كثيرة بخصوص الانسحاب من كابول.
إذ استغلت روسيا ما ذهب إليه حلف الناتو في مؤتمرهم الأخير من أنه ستكون هناك صعوبة في إنهاء حرب أفغانستان، فبعثت موسكو مبعوثيها إلى أفغانستان للقيام بجولات مكثفة وقد التقوا بكبار الشخصيات والمسؤولين في حركة طالبان لبحث مستقبل الحرب هناك.
لقاءات روسية في أفغانستان
زامير كابولوف، مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخاص لأفغانستان، قام بزيارة إلى باكستان يوم الجمعة 19 فبراير/شباط 2021، للتباحث مع المسؤولين هناك لما لباكستان من دور فعال ونفوذ قوي على حركة طالبان.
كانت واشنطن التزمت بموجب اتفاق فبراير/شباط 2020 الذي وقَّعته إدارة ترامب مع طالبان، بانسحاب كافة القوات الأجنبية من أفغانستان بحلول الأول من مايو/أيار 2021 وبات الصراع الأفغاني، بعد مرور 20 عاماً عليه، أطول صراعٍ أمريكي.
لكنَّ الرئيس جو بايدن يجري الآن مراجعة للاتفاق، وتصاعدت أصوات لدى الإدارة الأمريكية تتحدث عن صعوبة الانحساب من أفغانستان، وذلك رغم تحذيرات طالبان من تراجع أمريكا عن الاتفاق المبرم في عهد ترامب، وهددت باستئناف الحرب مع الولايات المتحدة والناتو إن لم يجرِ الالتزام به.
إذ حافظت طالبان منذ توقيع الاتفاق مع الولايات المتحدة على التزامها بعدم مهاجمة القوات الأمريكية والناتو، لكنَّ في المقابل تقوم طالبان باستهداف القوات الأفغانية بلا هوادة، والتي بدورها تشن عمليات ضد المتمردين. ويُقوِّض تصاعد العنف في أرجاء أفغانستان أي آفاق للتوصل إلى وقف ملموس لإطلاق النار.
مقومات حركة طالبان في أفغانستان
من ناحية أخرى، تُعَد حركة طالبان في أقوى أطوارها منذ أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2001 بنظامها لإيوائه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول على الولايات المتحدة، زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
روسيا من جانبها لم تنسَ تجربتها في أفغانستان، حيث قُتِل 15 ألفاً على الأقل من القوات السوفييتية في القتال الذي بدأ كمحاولة لتدعيم حليف شيوعي ثُمَّ سرعان ما تحول إلى حملة طاحنة ضد تمرد المجاهدين المدعومين أمريكياً.
لكن خلال الزيارة غير المعلنة إلى إسلام آباد الجمعة، التقى المبعوث الروسي في زيارته إلى باكستان- حيث لم يتم الإعلان من قبل عن هذه الرحلة- بالقائد القوي للجيش الباكستاني، فضلاً عن وزير الخارجية. ولم ترشح تفاصيل كثيرة عن لقاءي كابولوف، باستثناء بيان يقول إنَّ أفغانستان ومساعي التوصل إلى اتفاق سلام قد هيمنت على المباحثات.
في المقابل فكثيراً ما خاضت روسيا في الساحة الدبلوماسية بشأن أفغانستان، حيث زار الشهر الماضي، يناير/كانون الثاني 2021، وفدٌ من طالبان موسكو، كما فعلوا من قبل خلال لحظات حاسمة في عملية السلام. إذ استضافت روسيا في عام 2019 مرتين اجتماعاتٍ بين طالبان وشخصيات أفغانية بارزة، وهي الاجتماعات التي نُظِرَ إليها على أنَّها تمهيد لمباحثات السلام بين الحكومة الأفغانية والمتمردين، التي بدأت العام الماضي في قطر، حيث تحتفظ طالبان بمكتب سياسي لها.
جهود روسيا في أفغانستان
في المقابل تأتي الجهود الدبلوماسية الروسية قبيل الذكرى الثانية والثلاثين لانسحاب الاتحاد السوفييتي من أفغانستان، إذ كان يقاتل المجاهدين المدعومين من واشنطن وباكستان. كما قتل المؤسس المشارك لطالبان الملا عبدالغني برادار في حرب الثمانينيات ضد القوات السوفييتية.
من ناحية أخرى قال وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قريشي، في تصريحٍ بعد الاجتماع مع كابولوف إنَّ إسلام آباد وموسكو تتشاركان الرغبة في التوصل إلى "تسوية سياسية شاملة للصراع في أفغانستان".
كذلك فقد قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، يوم الخميس 18 فبراير/شباط 2021 للصحفيين إنَّ وزير الخارجية الأفغاني، محمد حنيف أتمار، سيزور موسكو، مشيرة إلى أن روسيا تولي اهتماماً خاصاً بالمصالحة الوطنية في أفغانستان وإنهاء الصراع هناك، على حد قولها.