دعا أكثر من 20 سيناتوراً من الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي والجمهوري، الرئيس جو بايدن إلى التراجع عن قرار واشنطن بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهو القرار الذي اتخذته إدارة ترامب لمكافأة الرباط على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني الخميس 18 فبراير/شباط 2021.
إذ كان الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، قد أعلن خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وتبعه بإعلان تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، وهو الأمر الذي دخل حيز التنفيذ بتوقيع الرباط وتل أبيب الاتفاق في 22 ديسمبر إعلاناً مشتركاً في العاصمة المغربية.
التراجع عن اعتراف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء
في رسالة، قاد جهود صياغتها الجمهوري البارز جيم إينهوفي والديمقراطي الكبير باتريك ليهي، وصف 25 مُشرِّعاً مطالبة المغرب بالسيادة على الصحراء الغربية بأنها "غير شرعية"، وحثوا بايدن على التراجع عمّا وصفوه بأنه "قرارٌ مضلل" للرئيس السابق دونالد ترامب.
كتب أعضاء مجلس الشيوخ في الرسالة، يوم الأربعاء 17 فبراير/شباط: "القرار المفاجئ الذي اتخذته الإدارة السابقة في 11 ديسمبر/كانون الأول 2020 بالاعتراف رسمياً بمزاعم المملكة المغربية غير المشروعة بالسيادة على الصحراء الغربية افتقر إلى بُعد البصيرة، وقوَّض عقوداً من السياسة الأمريكية المتسقة، وأدى إلى نفور عدد كبير من الدول الإفريقية".
لم تأتِ رسالة الأربعاء التي بعث بها أعضاء مجلس الشيوخ على ذكر إسرائيل ولا التطبيع. ومن بين الموقعين عليها بعض أقوى مؤيدي إسرائيل في الكونغرس، منهم العضو الديمقراطي عن ولاية نيو جيرسي كوري بوكر.
كما جاء في الرسالة أنَّ "الولايات المتحدة تدين للشعب الصحراوي باحترام تعهداتنا والمساعدة في ضمان التزام المغاربة بتعهداتهم وإجراء هذا الاستفتاء". وأضافت: "يستحق الشعب الصحراوي الحق في حرية تقرير مصيرهم. ونأمل أن نستطيع الاعتماد عليك لتكون شريكاً في هذا الجهد".
لا موقف من بايدن إلى حدود الساعة
لم يصدر لحد الآن أي موقف علني من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بخصوص اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، إلا أن مصدراً كبيراً في إدارة بايدن تحدث لصحيفة "واشنطن بوست" وقال إن "قرار ترامب بخصوص الصحراء يدخل ضمن العقبات التي وضعها أمام الإدارة الجديدة، كما أن إدارة بايدن ستصدر حكمها على عدد من قرارات ترامب بناء على معيار المصلحة الوطنية".
إمكانية تراجع الرئيس جو بايدن عن قرار الرئيس السابق دونالد ترامب من بين القضايا التي تشغل صُناع القرار المغربي، لكن يبدو أن عدم مسارعة فريق بايدن لمعارضة القرار وتعويل المغرب على اللّوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية، وما تبع القرار من خطوات تصب كلها في صالح المغرب.
رئيس الحكومة المغربي، سعد الدين العثماني، قال في تصريح داخل البرلمان المغربي، إن تراجع إدارة بايدن عن قرار الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية أمر صعب جداً، إذ يحتاج لإصدار قانون من طرف الكونغرس.
مقابل ذلك سارع السفير الأمريكي في الرباط، دفيد فيشر، إلى طمأنة المغرب بخصوص مآل القرار الأمريكي في ظل إدارة بايدن، إذ أشار في مؤتمر صحفي عُقد عشية انتهاء مهامه في المغرب في 18 يناير/كانون الثاني 2021، إلى أن إدارة الرئيس بيل كلينتون كانت قد أطلقت مشروع التفكير في حل لقضية الصحراء، بينما شرعت إدارة أوباما في إدماج الإقليم ضمن برنامج المساعدة المقدمة للمغرب.
كما اعتبر فيشر أن "القرار الأمريكي بالاعتراف بمغربية الصحراء الغربية هو تطور طبيعي تماماً للموقف الأمريكي تجاه الإقليم"، مؤكداً أن "ما قام به الجمهوري ترامب يعتبر امتداداً لما قام به الديمقراطيون فقط".
"لا أهمية قانونية" لرسالة أعضاء الكونغرس
من جهته، الخبير القانوني المغربي، عزيز إدامين، اعتبر أن مراسلة 27 عضواً من الكونغرس الأمريكي لجو بادين لسحب الاعتراف بمغربية الصحراء "لا قيمة سياسية لها ولا قيمة قانونية" لها.
إذ أشار إلى أن الكونغرس الأمريكي يتكون من 535 عضواً، وبالتالى فـ25 عضواً لا تأثير على قرارات باقي الأعضاء، وزعم إدامين أن الـ25 عضواً الذين راسلوا الرئيس الأمريكي، هم أعضاء "اللوبي" الجزائري، موضحاً أيضاً أن المغرب أيضاً لديه نادٍ أو اثنان من "اللوبي" يضم عشرات من أعضاء الكونغرس وأيضاً رجال الأعمال والإداريين، والذي يمكنه أن يقوم بمراسلة مضادة، أو أن يقوموا بنشاط أو مبادرة أخرى داعمة للمغرب داخل الكونغرس أو خارجه، على حد قول الخبير القانوني المغربي.
كما قال إن النظام الدستوري الأمريكي هو نظام رئاسي، والعلاقة بين رئيس الدولة والكونغرس علاقة صلبة أو جامدة، فلا الرئيس يتدخل في شؤون البرلمان ولا البرلمان يتدخل في شؤون الرئيس.
إذ إن مراسلة أعضاء الكونغرس الأمريكي في أمر يخص الرئيس ويدخل في مجاله الدستوري والقانوني بشكل مطلق، "لا تعدو أن تكون مراسلة بروباغندا ودعاية إعلامية لا أقل ولا أكثر".
سنوات من الصراع دون حلّ
بعد الانسحاب الإسباني عام 1975، طالب كل من المغرب وموريتانيا بالسيادة على الإقليم، بينما طالب القوميون في الصحراء الغربية بقيادة جبهة البوليساريو بالاستقلال.
ثم في عام 1979، أوقفت موريتانيا سعيها لبسط السيادة على الإقليم، الذي كان يقع في الغالب تحت السيطرة المغربية الفعلية. لكن جبهة البوليساريو -المدعومة من الجزائر- واصلت الضغط من أجل جمهورية صحراوية عربية ديمقراطية مستقلة.
أدى الصراع، الذي يستمر في الاشتعال بين الحين والآخر، إلى نزوح أكثر من 100000 صحراوي يعيش معظمهم في مخيمات في الجزائر.
حتى أواخر العام الماضي، كان الموقف الرسمي لمعظم المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، هو إجراء استفتاء في الصحراء الغربية لتحديد مصير المنطقة؛ سواء بمنحها الحكم الذاتي أو الاستقلال أو دمجها في المغرب.
لكن سعياً من ترامب لإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والدول العربية، تحرك الرئيس الأمريكي السابق للمصادقة على مطالبة المغرب بالمنطقة وفتح قنصلية أمريكية في الصحراء الغربية.
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أكد جاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاريه، أنَّ الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية مرتبطة بتطبيع المملكة مع إسرائيل.
كما قال كوشنر، للصحفيين عقب الإعلان في العام الماضي، إنَّ التطبيع سيساعد الصحراويين على "عيش حياة أفضل". وخلال الأشهر الأخيرة من عمر إدارة ترامب، بدا أنها تقدم مكافآت مختلفة للدول العربية التي أقامت علاقات رسمية مع إسرائيل.