حظي وصول مسبار "برسيفيرانس" لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" إلى سطح المريخ باهتمام كبير بعد رحلة استمرت 7 أشهر في الفضاء انتهت بهبوط ناجح، في مهمة تقودها فرح علي باي وهي شابة كندية مهاجرة من أصول ملغاشية (مدغشقر)، ولم يتجاوز عمرها 33 عاماً.
فقد اخترقت مركبة الفضاء (برسيفيرانس) التابعة لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا)، الغلاف الجوي للمريخ، الخميس 18 فبراير/شباط 2021، وهبطت بسلام على سطح حفرة شاسعة، في أول محطة لها بحثاً عن علامات على حياة ميكروبية قديمة على الكوكب الأحمر.
كندية من أبوين مهاجرين تقود مهمة "بيرسيفيرانس"
ولدت فرح علي باي في مونتريال بكندا، وكانت تتحدث الفرنسية فقط إلى أن انتقلت لمانشستر في شمال إنجلترا خلال سنوات مراهقتها.
وهناك درست هندسة الطيران في جامعة "كامبريدج"، ثم توجهت للولايات المتحدة لعمل الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في بوسطن.
وأكملت فرح علي باي خلال تلك الفترة ثلاث دورات تدريبية في وكالة "ناسا"، بما في ذلك دورتان في مختبر الدفع النفاث. وقد شاركت علي باي في ثلاثة مشاريع رئيسية تتعلق بالمريخ أبرزها مركبة "بيرسيفيرانس".
تحدثت علي باي مع قناة الحرة، حيث عرضت أهم محطات عملها مع ناسا، كاشفة عن طموح الوكالة في التوجه لكواكب أخرى.
وقالت علي باي خلال اللقاء: "عمري ٣٣ سنة وأنا مهندسة في برنامج 'بيرسيفيرانس'، وأنا أعمل على مهمة النزول على المريخ اليوم، بعد عدة ساعات سأكون جزءاً من الفريق الدراسات".
وعن مسيرتها مع ناسا، قالت فرح علي باي: "أنا أشعر بالإثارة ويشرفني أن أكون جزءاً من الفريق في معامل الدفع النفاث في باسادينا، بدأت كمتدربة في 2012، عندما أنزلنا مسبار 'كوريوسيتي' على المريخ، وكنت أحلم منذ ذلك الوقت بأن أكون جزءاً من الفريق اليوم".
ما الذي ستقوم به فرح علي باي؟
وصلت فرح إلى كاليفورنيا قبل أقل من 48 ساعة من هبوط "برسيفيرانس" على سطح المريخ، وستقوم الشابة بتكييف جدولها الزمني مع جدول الكوكب الأحمر، حيث تكون الأيام أطول بحوالي 40 دقيقة.
بعد ساعة أو ساعتين من هبوط المسبار "بيرسيفيرانس"، ستنطلق مهمة فرح علي باي وفريقها، وهي مهندسة تعمل حالياً في قسم الدراسات بفريق مركبة "بيرسيفيرانس".
في هذا الصدد قالت فرح إنه "في أول 20 يوماً، نفحص جميع الأدوات للتأكد من أن الروبوت سليم، قبل أن نبدأ في مهمتنا العلمية سنعمل على برمجة الروبوت، أو المركبة، في ساعات الليل حسب التوقيت المريخي، حتى تتمكن المركبة من إنجاز مهمتها في ضوء النهار والتقاط الصور والتجول في الفضاء.
تابعت فرح علي باي: "في الليل نضع الروبوت في حالة نشاط منخفض حيث نستخدم الطاقة لتدفئته وإبقائه تحت التشغيل طوال ليلة مريخية".
وأوضحت أنه يجب التخطيط للأوامر التي ترسل للروبوت مسبقاً، لأن الاتصال يستغرق ما بين 20 و30 دقيقة ذهاباً وإياباً بين الأرض والمريخ. ويعمل يومياً أكثر من 50 عالماً على البرنامج الذي سيتبعه الروبوت خلال اليوم. ومن المتوقع أن تجمع المركبة الاستكشافية حوالي 20 عينة من بيئات مختلفة.
إنجاز "عظيم" لوكالة ناسا
ستقوم المهندسة فرح علي باي، التي تعمل في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا "JPL" منذ عام 2014، بتنسيق عمليات طائرة هليكوبتر "Ingenuity"، ترافق المركبة الجوالة في مهمتها.
قالت المهندسة: "ستكون هذه هي المرة الأولى التي نسافر فيها إلى كوكب آخر.. من خلال المهمة قد نتمكن من تحديد إن كانت هناك بالفعل حياة على المريخ. إنه لشرف كبير أن أكون جزءاً من هذا الفريق. نحن نصنع التاريخ".
بينما هلل مديرو المهمة في مختبر الدفع النفاث التابع لـ"ناسا"، والواقع قرب لوس أنجليس، فرحين مع وصول إشارات لا سلكية تؤكد نجاة المركبة الجوالة، التي تضم ستة إطارات، من عملية هبوط محفوفة بالمخاطر ووصولها إلى هدفها في حوض شاسع يسمى حفرة جيزيرو، حيث قاع بحيرة اختفت منذ أمد بعيد.
كما نشرت محطة الفضاء الأمريكية، على حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مقطعاً يُظهر لحظة انتشاء طاقم المهندسين المشرف على هذه العملية، بعد إعلان نجاح عملية هبوطها على سطح كوكب المريخ.
فقد قطعت المركبة رحلة طويلة في الفضاء بدأت قبل نحو سبعة أشهر، قطعت خلالها 472 مليون كيلومتر قبل أن تخترق الغلاف الجوي للمريخ بسرعة 19 ألف كيلومتر في الساعة، لتبدأ الاقتراب من نقطة الهبوط على سطح الكوكب الأحمر.