“سرايا أولياء الدم” مجرد قناع.. الكشف عن المنفذ الحقيقي للهجوم على القوات الأمريكية في كردستان

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/18 الساعة 14:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/18 الساعة 14:58 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية

مساء يوم الإثنين، 16 فبراير/شباط، في تمام الساعة 9 مساء بتوقيت بغداد، كان 15 صاروخاً تصيب قاعدة الحرير الأمريكية بمطار أربيل الدولي، ما أسفر عن مقتل مقاول مدني، وإصابة خمسة متقاعدين مدنيين، وجندي أمريكي.

على الفور أعلنت جماعة تُطلق على نفسها اسم "سرايا أولياء الدم"، مسؤوليتها عن الهجوم، في بيان لها، حصل "عربي بوست" على نسخة منه.

الجدير بالذكر، أن القوات الأمريكية في العراق كانت قد بدأت في العام الماضي الانسحاب تدريجياً من عدد من القواعد التي اتخذتها في بغداد، وتمركزت في مدينة أربيل بإقليم كردستان العراق، في الشمال، نظراً لما تتمتع به المدينة من مستوى جيد من الأمن، خاصة بعد الاستهداف المتواصل للأصول الأمريكية من قبل الفصائل المسلحة الشيعية العراقية الموالية لإيران، بعد اغتيال واشنطن للجنرال الإيراني قاسم سليماني ورفيقه العراقي، نائب رئيس الحشد الشعبي، أبومهدي المهندس، في يناير/كانون الثاني 2020، بطائرة بدون طيار، بالقرب من مطار بغداد الدولي.

من هم "سرايا أولياء الدم"

لم يتم تداول اسم فصيل سرايا أولياء الدم من قبل، كان الظهور الأول له في هجوم أربيل، وبعد أن أعلن الفصيل مسؤوليته عن الهجوم، سارع البعض لربطه بعصائب أهل الحق، خاصة أن زعيم العصائب، قيس الخزعلي، كان قد توعد القوات الأمريكية حتى وإن ذهبت إلى مدينة أربيل.

مصدر استخباراتي عراقي رفيع المستوى تحدّث لـ"عربي بوست"، يقول "إن سرايا أولياء الدم مرتبطون بعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، هجوم أربيل تم بموافقة أكبر الفصائل المسلحة الموالية لإيران، وليس كما يدعون أن لا علاقة لهم بالأمر".

وأضاف المصدر قائلاً "إن أولياء الدم ليس لهم وجود بالشكل المتعارف عليه على أرض الواقع، إنهم مجرد واجهة إعلامية تتبنى عمليات الفصائل الكبرى".

ويرى المصدر الاستخباراتي، أن الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق، قد أنشأت في الآونة الأخيرة عدداً من الفصائل المسلحة الصغيرة، التي لا تنضوي تحت راية وحدات الحشد الشعبي، تقوم بتبني عمليات استهداف القوات الأمريكية داخل الأراضي العراقية، لكي تنأى بنفسها عن الشبهات أو احتمالية الانتقام الأمريكي.

في العام الماضي، أعلنت خمس فصائل مسلحة جديدة موالية لإيران عن نفسها، وتبنّت العديد من الهجمات ضد الأصول الأمريكية بالعراق، وفي حديث سابق مع "عربي بوست"، قال أحد قادة كتائب حزب الله العراقية، "إن هذه الفصائل لا تتبع وحدات الحشد الشعبي، ولا علاقة لها بالفصائل المسلحة الكبرى"، لكنه في الوقت نفسه بارك أعمالها، قائلاً "بوركت أيدي المقاومة الإسلامية تحت أي مسمى".

العصائب والكتائب على علم بالهجوم

في أعقاب الهجوم على أربيل، اتَّهم المتحدث باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني محمود محمد، فصيلاً لم يسمِّه، يعمل تحت مظلة الحشد الشعبي، بالوقوف وراء قصف أربيل، لكن نفى محمد البصري، القيادي البارز في هيئة الحشد الشعبي، في حديثه لـ"عربي بوست" هذا الأمر، قائلاً "لا علاقة للحشد الشعبي بفصيل أولياء الدم، ونرفض الاتهامات الكردية بضلوع الحشد في هذا الهجوم.

كما تحدّث قائد شبه عسكري، في كتائب حزب الله العراقية، لـ"عربي بوست"، نافياً الأمر أيضاً، قائلاً "لا صلة لنا من قريب أو بعيد بأولياء الدم، نحن لا نخفي عملياتنا ضد الاحتلال الأمريكي، مقاومة الاحتلال شرف لا يمكن التبرؤ منه".

لكنّ سياسياً عراقياً شيعياً في حزب الدعوة العراقي مقرباً من الفصائل المسلحة الموالية لإيران، قال لـ"عربي بوست"، شريطة عدم الكشف عن هويته، "إن عصائب أهل الحق، هي المخطط الرئيسي لقصف أربيل، وتم الأمر بموافقة وعِلم كتائب حزب الله، بعد اجتماعات عديدة بين قادة الفصائل".

بعد أن أعلنت الفصائل المسلحة الشيعية في العراق، والمدعومة من إيران، عن هدنة وعدم استهداف القوات الأمريكية في العام الماضي، بتوصية من المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، انتهكت عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي هذه الهدنة، معلنةً التمرد على الأوامر الإيرانية، وقامت باستهداف السفارة الأمريكية في بغداد أكثر من مرة، وأكد الخزعلي حينها على أن مقاومة الاحتلال الأمريكي عمل وطني، والعراقيون فقط هم أصحاب القرار في هذا الأمر.

سيطرة الخازر

يقول المصدر الاستخباراتي العراقي، لـ"عربي بوست"، إن الصواريخ التي استهدفت أربيل دخلت إلى المدينة عبر سيطرة الخازر، وهو كمين أمني يقع بين محافظتي نينوى وأربيل.

يقول المصدر ذاته، والمطّلع على سير التحقيقات بالتعاون مع القوات الأمنية الكردية، "تم تسهيل دخول الصواريخ التي استهدفت أربيل من خلال مدينة نينوى، بالتحديد من منطقة يسيطر عليها اللواء 30".

اللواء 30 الذي تحدث عنه المصدر الاستخباراتي، من ضمن وحدات الحشد الشعبي، مرتبط بمنظمة بدر بقيادة هادي العامري، المدعوم بقوة من إيران.

بايدن لن ينتقم

قال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، خلال اجتماع مجلس الوزراء يوم 16 فبراير/شباط، صباحاً، معلقاً على هجوم أربيل، "العمل الإرهابي يهدف إلى إحداث الفوضى، وخلط الأوراق، لكننا وجّهنا بفتح تحقيق للتعرف على المجرمين والقبض عليهم".

في مساء اليوم نفسه، أجرى وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكن مكالمة هاتفية مع الكاظمي، أعرب فيها عن استيائه من الحادث، وحث حكومة بغداد على التعاون مع حكومة إقليم كردستان للتصدي لمثل هذه الهجمات.

مصدر حكومي مطلع على هذه المكالمة، قال لـ"عربي بوست"، "لم يتناول السيد بلينكن أمر انتقام واشنطن من مثل هذه الهجمات على القوات الأمريكية، وأخبر السيد الكاظمي أن الإدارة الأمريكية لا تريد تصعيد الأمور وزعزعة استقرار العراق".

كانت آخر مرة قتل فيها مقاول تابع للولايات المتحدة أواخر عام 2019، عندما استهدفت صواريخ الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران، قاعدة K1 العسكرية في شمال كركوك، التي تستضيف قوات أمريكية، ما أدى إلى قيام واشنطن تحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بالانتقام لاغتيال سليماني والمهندس، وزيادة مستوى التصعيد بين طهران وواشنطن في العراق.

هل استهداف أربيل رسالة من إيران لواشنطن؟

يقول السياسي العراقي، المقرب من الفصائل المسلحة الموالية لإيران، لـ"عربي بوست"، "التقى الخزعلي بعدد من ضباط فيلق القدس، في الآونة الأخيرة بشكل متكرر، لذلك أعتقد أن الحرس الثوري على علم باستهداف أربيل، لكن ليس لدي معلومات مؤكدة".

ويضيف السياسي العراقي قائلاً، "من الممكن أن يكون استهداف أربيل رسالة من إيران لبايدن، بأن صبرها قد نفد، خاصة أنه في الآونة الأخيرة أعلن مؤكِّداً مراراً وتكراراً أنه لن يعود إلى الاتفاق النووي، إلا في حال عودة طهران كخطوة أولى".

ويرى السياسي العراقي، المقرب أيضاً من إيران، أن استهداف القوات الأمريكية في أربيل، يبدو وكأنه رسالة شديدة اللهجة من إيران لواشنطن، فيقول "من الممكن أن تكون طهران تريد إرسال رسالة إلى واشنطن، مفادها أنه كلما كانت العودة إلى الاتفاق النووي أسرع من جانب الولايات المتحدة، سارت الأمور بشكل أفضل في العراق".

زيارة وزير خارجية قطر لإيران، والأموال المجمدة

بالتزامن مع استهداف القوات الأمريكية في مدينة أربيل شمال العراق، جاءت زيارة وزير خارجية قطر، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، لإيران، التي قال بعض المراقبون عنها إنها زيارة للتوسط بين طهران وواشنطن لحل أزمة العودة إلى الاتفاق النووي.

في زيارته لطهران، التقى وزير الخارجية القطري، نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، والرئيس الإيراني حسن روحاني، لمناقشة آخر التطورات الإقليمية، وسبل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة بحسب الوزير القطري.

مصدر دبلوماسي إيراني، مطلع على لقاء آل ثاني، جواد ظريف، قال لـ"عربي بوست": "تريد دولة قطر التوسط لحل أزمة الاتفاق النووي، كما فعلت عمان من قبل، لدى الدوحة اقتراح للتوفيق بين طهران وواشنطن في حالة تمسك الأخيرة بعدم رفع العقوبات بشكل كامل، وهي حزمة مساعدات مالية من صندوق النقد الدولي لإيران، وخطوط ائتمانية أوروبية، والإفراج عن بعض الأموال الإيرانية المجمدة في الصين وكوريا الجنوبية".

كان المطلب الإيراني بالإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة في بعض الدول مطروحاً بشكل كبير داخل المؤسسة السياسية الإيرانية في الآونة الأخيرة، كبديل عن رفع واشنطن الكامل للعقوبات الأمريكية المفروضة على طهران.

كما ناقش الرئيس الإيراني حسن روحاني الأمر ذاته مع نظيره السويسري، في مكالمة هاتفية استغرقت 30 دقيقة، بحسب وسائل الإعلام الإيرانية.

كان أبرز الموضوعات التي ناقشها الرئيس روحاني مع الرئيس السويسري هو تفعيل الآلية المالية السويسرية، وبحسب المصادر الحكومية الإيرانية التي تحدثت لـ"عربي بوست"، فإن الرئيس الإيراني حسن روحاني أبلغ نظيره السويسري، الذي تقوم سفارة بلاده في طهران بتمثيل المصالح الأمريكية في الجمهورية الإسلامية، بمطلب الحكومة الإيرانية، بالإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة في الدول الأجنبية.

يقول المصدر الدبلوماسي الإيراني لـ"عربي بوست"، "نقدر المحاولات القطرية والأوروبية للتوسط بين طهران وواشنطن، لكننا نريد قناة اتصال مباشرة مع الإدارة الأمريكية، ومفاوضات علنية، وأخبرنا الجانب القطري بهذا الأمر".

مصدر صحفي مقرب من الحرس الثوري الايراني تحدث لـ"عربي بوست"، معلقاً على مسألة الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة في بعض الدول، يقول "ترى مؤسسة الحرس الثوري أن الإدارة الأمريكية تضيع الكثير من الوقت، لعدم العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، حتى انتخاب إدارة إيرانية جديدة في الصيف المقبل، لذلك هناك نقاشات داخل مؤسسة الحرس الثوري، حول ضرورة أن تعمل واشنطن على تحرير الأموال الإيرانية المجمدة في الصين وكوريا الجنوبية وعدة دول أخرى، كحل لأزمة الاتفاق النووي".

تحميل المزيد