قال موقع The Daily Beast الأمريكي، الثلاثاء 16 فبراير/شباط 2021، إن مجموعة دراسة أسسها الكونغرس الأمريكي، أوصت في وقت سابق من هذا الشهر بأن يُرجئ الرئيس جو بايدن الموعد النهائي لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، المقرر بداية مايو/أيار المقبل.
يرى خبراء أن الاستراتيجية الأمريكية بخصوص أفغانستان من شأنها أن تهدد بفسخ الاتفاقية بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، وتحمل احتمالية انتكاس عملية السلام المحتملة في أفغانستان، بل قد تحكم عليها بالفشل.
مصالح مالية
لكن الموقع أشار إلى أن المُطالب ببقاء القوات الأمريكية في أفغانستان لديه هدف آخر بعيد عن السياسة، إذ إن اثنين من أصل ثلاثة رؤساء مشاركين لمجموعة الدراسة، و9 من أصل 12 عضواً في الجلسات العامة، لديهم الآن أو منذ عهد قريب ارتباطات مالية بمقاولي الدفاع البارزين.
يستحوذ هذا النوع من الأعمال على أكثر من نصف ميزانية الدفاع البالغة 740 مليار دولار، وتستفيد من التورط العسكري الممتد للجيش الأمريكي خارج البلاد.
في هذا الصدد، بيّنت الآراء الواردة من المجموعة التي طُلبت استشارتها، والتي تتألف من 26 "مستشاراً بارزاً"، أنها كانت متباينة بنفس درجة تباين المصالح المالية، وفقاً لما ذكره موقع yahoo الأمريكي.
فعلى الأقل، حذّر ثلاثة مستشارين علناً من أن مد الموعد النهائي المقترح لسحب القوات قد يشكل تهديدات خطيرة، لكن أعضاء الجلسات العامة للمجموعة مرتبطون ارتباطاً عميقاً مع قاعدة الصناعات العسكرية الأمريكية؛ إذ إن الرؤساء المشاركين وأعضاء الجلسات العامة تلقوا حوالي 4 ملايين دولار مقابل عملهم في مجالس الإدارة الخاصة بمقاولي الدفاع.
تضارب المصالح
تقول ماندي سميثبيرجر، مديرة مركز معلومات الدفاع التابع للمنظمة غير الحكومية Center for Defense Information: "يضرب هذا مثالاً واضحاً على الثعلب الذي يحرس عش الدجاج. إحدى المشكلات في صناعة سياساتنا الخارجية تكمن في أن جميع الاستشارات يهيمن عليها بشدة أشخاص لديهم مصالح مالية من وراء استمرار الحرب".
على سبيل المثال، كان الجنرال المتقاعد جوزيف دانفورد رئيساً مشاركاً في مجموعة الدراسة الخاصة بأفغانستان، وشغل منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة من 2015 إلى 2019، وكان قائداً لسلاح مشاة البحرية، وقائد جميع قوات الولايات المتحدة وقوات الناتو في أفغانستان في 2013.
يقود دانفورد المجموعة بجانب كيلي أيوت، التي شغلت سابقاً منصب عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيوهامبشاير بين 2011 و2016، ومعهما نانسي ليندبورج، الرئيس والمدير التنفيذي لمؤسسة David and Lucile Packard Foundation الخاصة.
لم يقتصر الأمر بالنسبة لدانفورد وكيلي على استخدام خبراتهم لتقديم الاستشارات إلى إدارة بايدن حول الحرب في أفغانستان، بل امتد كذلك للاستفادة مالياً من كبار مقاولي الدفاع.
فمنذ عام 2017، شغلت كيلي منصباً في مجلس إدارة شركة BAE Systems Inc، وهي فرع تابع لشركة الصناعات الدفاعية البريطانية العملاقة، بي إيه إي سيستمز.
أما دانفورد، فقد انضمّ من جانبه إلى مجلس إدارة شركة لوكهيد مارتن للصناعات العسكرية، في العام الماضي، وتُبيّن تقارير إيداع الأوراق المالية أن دانفورد يملك أسهماً بقيمة تقريبية تصل إلى 290 ألف دولار، في إطار ما تُعرف بـ"خطة أسهم المديرين في لوكهيد مارتن".
هذه الخطة تستهدف منح أسهم إلى المديرين بهدف "خلق مزيد من الاتساق والمواءمة بين المصالح الاقتصادية لهم وبين مصالح حاملي الأسهم في العموم".
كذلك يرتبط تسعة من أعضاء الجلسات العامة لمجموعة الدراسة بعلاقات وطيدة مع صناعات الأسلحة.
جمع أموال ضخمة
إضافة إلى دانفور وكيلي، جمعت سوزان جوردون، النائب الأول لمدير الاستخبارات الوطنية من 2017 إلى 2019، مبلغاً يقدر بـ26250 دولاراً من أحد مقاولي الدفاع، وهي شركة California Analysis Center, Inc، لعملها جزءاً من السنة في مجلس إدارة الشركة خلال عام 2020، وتشير تقارير إلى أنها تملك حوالي 160 ألف دولار من أسهم الشركة.
أيضاً شغل ستيفن هادلي منصب نائب مستشار الأمن القومي خلال إدارة جورج دبليو بوش، وهو المنصب الذي عرض استقالته أثناء شغله إياه بسبب دوره في السماح بتمرير معلومات استخباراتية خاطئة حول سعي العراق لشراء مواد، تستخدم في تصنيع الأسلحة النووية من النيجر.
استفاد هادلي مالياً عن طريق الانضمام في عام 2010 إلى مجلس إدارة شركة رايثيون الأمريكية المتخصصة في الصناعات الدفاعية، وتلقى حوالي 2.6 مليون دولار نقداً وفي صورة أسهم، حصل عليها على مدى السنوات التسع اللاحقة.
أما مارغريت أوسوليفان، فقد شغلت منصب نائب مستشار الأمن القومي لشؤون العراق وأفغانستان بين 2005 و2007، وشغلت منصباً في مجلس إدارة شركة رايثيون، التي تملك عقداً بقيمة 145 مليون دولار لتدريب طيّاري القوات الجوية الأفغانية، كما حصلت مارغريت على 940 ألف دولار نقداً، وفي صورة أسهم من شركة الدفاع بين 2017 و2019.
استغلال السياسة الخارجية
رغم أنه يمكن بكل وضوح تتبُّع هذا المبلغ المقدّر بحوالي 4 ملايين دولار، الذي حصله أعضاء في مجموعة الدراسة حول قوات أمريكا في أفغانستان، فإن العلاقات المالية لأعضاء الجلسات العامة لمجموعة الدراسة، بينهم وبين صناعات الأسلحة، تبدو أكثر غموضاً.
ماندي، مديرة مركز معلومات الدفاع قالت: "يوضح هذا أن الحكومة لا تحصل على تعددٍ لوجهات النظر، بل تتحدث عن عملية الاستيلاء على سياستنا الخارجية عن طريق الصناعات الدفاعية".
من جانبه، قال جوناثان شرودن، مدير برنامج العمليات الخاصة لدى مركز التحليلات البحرية (CNA) وأحد مستشاري المجموعة، إن مجموعة دراسة أفغانستان لم تعمل بمشورة الخبراء الذين يؤيدون انسحاب القوات الأمريكية في أفغانستان، في 1 مايو/أيار، أو الذين لديهم مخاوف مما قد ينطوي عليه إرجاء الموعد النهائي للانسحاب.
شرودن أضاف أن مجموعة المستشارين البارزين كانت تشكل تنوعاً من الأشخاص الذين لديهم خبرات عميقة حول أفغانستان، والجوانب الوظيفية المتنوعة التي يمكن أن تكون ذات أهمية عند التفكير في مستقبل أفغانستان.
لكن شرودن اختلف مع الاستنتاجات النهائية للمجموعة، وقال: "القضية الكبرى أن التقرير يبالغ في تضخيم حجم النفوذ الذي تمتلكه الولايات المتحدة في الواقع، ولاسيما عندما يتعلق بأمور على شاكلة مكافحة الفساد في أفغانستان، وليّ عنق طالبان بطريقة ما، نزولاً على رغبات الولايات المتحدة في إطار هياكل الاتفاقية بين الولايات المتحدة وطالبان".
اعتبر شرودن أيضاً أنه إذا "وضعت في الحسبان الرأي الذي يقول إن الولايات المتحدة لديها نفوذ أقل مما يفترضه التقرير، فأعتقد أنك ستجد نفسك في وضعية استنتاج أن أي قرار أحادي بمدّ الوجود الأمريكي، مثلما يوصي التقرير، سوف ينتج عنه انسحاب طالبان من عملية السلام".