بايدن يبحث عن “توازن جديد” مع السعودية.. مسؤولون يكشفون تفاصيل لإجراءات أمريكية جديدة مع الرياض

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/13 الساعة 18:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/13 الساعة 18:59 بتوقيت غرينتش
بايدن وبن سلمان

يرى مسؤولون أمريكيون، أن إدارة الرئيس جو بايدن ترغب في التوصل إلى توازن بالعلاقة مع السعودية يسمح بمزيد من إجراءات المراجعة لسياسة المملكة دون إحداث قطيعة للشراكة الاستراتيجية التي مر عليها حتى الآن ستة وسبعون عاماً، وتأتي تأكيدات المسؤولين الأمريكيين بعد أن كشف البيت الأبيض أنه بصدد القيام بتعديل ومراجعة سياسة واشنطن تجاه الرياض، وأن جو بايدن لا يخطط في الوقت الحالي لربط الاتصال مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. 

حسب تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، السبت 13 فبراير/شباط 2021، فإن عملية مراجعة العلاقات مع المملكة الغنية بالنفط، تعد أوسع مما كانت تشير التقارير إليه، فإلى جانب مبيعات السلاح والحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، أكد المسؤولون الأمريكيون أنَّ عملية المراجعة تشمل تقييم ما إذا كانت الولايات المتحدة قامت بما يكفي لمحاسبة المسؤولين السعوديين على قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، فضلاً عن مجالات أخرى في العلاقات بين البلدين.

محاولة لإيجاد توازن 

خلال حملته الانتخابية، وصف بايدن السعودية بأنَّها "منبوذة"، لكن منذ ذلك الحين، تبنَّت الإدارة الجديدة نبرة مختلفة، فشددت على أنَّ الولايات المتحدة ستساعد في الدفاع عن المملكة بمواجهة هجمات القوى المدعومة من إيران في المنطقة.

في السياق نفسه، يعتقد المسؤولون الحاليون والسابقون أنه في حين تدهورت العلاقات على مدار العقد الماضي، ما تزال واشنطن والرياض بحاجة لبعضهما البعض على جبهات عدة، من الصراع مع إيران وحتى التنسيق في مكافحة الإرهاب وسياسات الطاقة.

من جهته، قال دينيس روس، الذي تولى مناصب رئيسية متعلقة بالشرق الأوسط في إدارات رؤساء ديمقراطيين وجمهوريين: "من الصعب للغاية تصوُّر إمكانية نجاح أي استراتيجية من أي نوع في المنطقة إذا لم يكن السعوديون جزءاً منها".

وأضاف روس أنَّه بناءً على خطوات بايدن المبكرة، "يمكنني أن أرى محاولة لإيجاد توازن، لإرسال رسالة بأنَّنا مستعدون لفرض بعض الحدود" على السلوك السعودي.

رسائل قادمة من الرياض

في الجهة المقابلة، بعث السعوديون برسائلهم الخاصة، إذ أفرجت الحكومة، الأربعاء 10 فبراير/شباط، عن الناشطة لُجين الهذلول ولو بشكل مشروط، إذ ما تزال قيد المراقبة وتخضع لحظر سفر.

كما قال مستشاران ملكيان سعوديان، إنَّ تقليص الحكم على الهذلول جاء بناءً على طلب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي سعى لتخفيف الضغط من واشنطن. ورحب بايدن بإطلاق سراح الهذلول.

بينما  أشاد المدافعون عن حقوق الإنسان بإطلاق سراح الهذلول، أعربوا عن عدم تيقُّنهم مما إذا كان بايدن سيجعل مثل هذه القضايا أولوية على المدى الطويل.

إذ قال سونجيف بيري، المدير التنفيذي لمنظمة "الحرية إلى الأمام" الحقوقية: "ستكون نتيجة مريعة للغاية لو عاد النظام الملكي السعودي بعد سنة من الآن، إلى القمع الداخلي والتدخلات الخارجية، ببساطة لأنَّه توصل إلى استنتاج بأنَّ الحكومات الغربية تطوي الصفحة".

ملف حقوق الإنسان وقضية خاشقجي

رغم كل المؤشرات المشار إليها آنفاً، يلوح في الأفق توتر أمريكي سعودي محتمل بشأن مسألة حقوق إنسان، أكثر حساسية للرياض.

إذ تعهَّد البيت الأبيض بنشر تقرير غير سري بشأن دور المسؤولين السعوديين في قتل خاشقجي وتقطيع أوصاله بالقنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية، وكان تقييم سري لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) قد حدد بمستوى ثقةٍ متوسط إلى مرتفع، أنَّ الأمير محمد بن سلمان على الأرجح قد أصدر الأمر بقتل خاشقجي. 

وبينما نفى ولي العهد ذلك، قال إنَّه يتحمَّل المسؤولية النهائية باعتباره الحاكم الفعلي للبلاد.

يُذكر أن إدارة ترامب كانت قد فرضت عقوبات على 17 ضابطاً ومسؤولاً سعودياً آخر، قالت إنَّ لهم دوراً في مقتل خاشقجي، وقد تشمل الخطوات الأخرى التي قد تتخذها إدارة بايدن فرض عقوبات إضافية بحق سعوديين، أو نشر مزيد مما تعلمه الولايات المتحدة عن عملية القتل.

تحديات تواجه واشنطن

وهو الأمر الذي أشار إليه مسؤولون أمريكيون سابقون، يعتقدون أنه سيكون على بايدن أن يكون مُدركاً للتغيرات التي شهدتها السعودية والمنطقة في السنوات الأخيرة، حين يعيد تقييم نهج الولايات المتحدة.

في هذا السياق، تقول كريستين فونتينروز، التي أشرفت على شؤون الخليج بمجلس الأمن القومي الأمريكي في عهد ترامب، إنَّ الصين وروسيا زادتا انخراطهما بالخليج؛ على أمل إزاحة الولايات المتحدة من مكانها باعتبارها المحور الأمني للمنطقة. وأضافت أنَّ الاعتماد على بكين وموسكو لن يكون مثالياً من منظور السعودية، "لكنَّنا أيضاً لسنا الخيار الوحيد".

يعود تاريخ العلاقات الأمريكية السعودية إلى يوم عيد الحب عام 1945، حين التقى الرئيس فرانكلين روزفلت مع الملك عبدالعزيز بن سعود، مؤسس السعودية، على متن سفينة حربية أمريكية بقناة السويس وأبرما اتفاقاً: أن توفر أمريكا الأمن للسعوديين، وأن يوفر السعوديون سبيلاً للوصول إلى النفط.

بالنسبة للولايات المتحدة، تضرر هذا الاتفاق بشدة، من جراء هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 والحملة العسكرية السعودية في اليمن.

وبالنسبة للسعوديين، يقول مسؤولون خليجيون إنَّ الاتفاق النووي الأمريكي مع إيران طَبَعَ العلاقة بالقلق. وقال بايدن إنَّه سيستأنف المفاوضات النووية مع إيران، لكن بشروط صارمة.

وقال السيناتور الديمقراطي عن ولاية كونيتيكيت، كريس ميرفي، إنَّ واشنطن لا تحتاج دعم الرياض لبدء المفاوضات بشأن إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحب ترامب منه.

يضيف ميرفي في تصريح لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية: "يجب علينا التعاون مع السعوديين حيث تكون أهدافنا مشتركة، كما في تبادل المعلومات الاستخباراتية ومكافحة الإرهاب، لكنَّ هذا لا يعني أنَّه يتعين علينا دعم كل تحرُّك سعودي في المنطقة على حساب مصالح الأمن القومي الأمريكي".

كان ردُّ الرياض العلني بعد إعلان بايدن وقف الدعم الأمريكي المتبقي للهجوم العسكري السعودي في اليمن هو التركيز على التهديدات المشتركة من إيران واليمن، فضلاً عن التركيز على تعهُّد بايدن بمساعدة المملكة على الدفاع عن نفسها.

وقال روس إنَّه فيما يعيد الرئيس بايدن صياغة العلاقات، فإنَّه لا ينبغي أن يتغاضى عن التغييرات التي أحدثها الأمير محمد بن سلمان داخل السعودية، ومن ضمنها تقديم مزيد من الحقوق للنساء وتقليص سلطة المؤسسة الدينية ومحاولة تنويع الاقتصاد. وأضاف أنَّ تلك التغيرات "في مصلحتنا إلى حدٍّ كبير أيضاً".

تحميل المزيد