بعد اشتباكات خلّفت 163 قتيلاً و100 ألف نازح.. السودان يعلن الاتفاق على “وقف عدائيات” بدارفور

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/13 الساعة 18:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/13 الساعة 18:24 بتوقيت غرينتش
احتجاجات في إقليم دارفور بالسودان(أرشيفية)/ رويترز

بعد اشتباكات قبلية دامية خلَّفت 163 قتيلاً وقرابة 100 ألف نازح، شهدت مدينة الجنينة بمركز ولاية غرب دارفور، غربي السودان، السبت 13 فبراير/شباط 2021، توقيع اتفاق لـ"وقف العدائيات" بين قبيلتين، وذلك دون الإعلان عن كافة تفاصيل بنود الاتفاق.

إذ قالت وكالة الأنباء للسودان الحكومية (سونا)، إنه تم التوقيع علي اتفاق وقف العدائيات بين قبيلتي "المساليت" و"العرب" بولاية غرب دارفور، وذلك بمقر أمانة الحكومة في الجنينة، تحت رعاية الفريق عبدالرحيم دقلو عضو الوفد الاتحادي لمعالجة أحداث الجنينة، وقائد ثاني قوات الدعم السريع، وبحضور أعضاء الوفد وقيادات الإدارة الأهلية ورموز المجتمع المحلية.

دقلو قال في كلمته بمناسبة التوقيع، إن الاتفاق يعد تتويجاً للجهود التي بذلها الوفد برئاسة محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة السوداني، و"يُمثل بشرى لأهل الجنينة، ويؤكد حرص والتزام المكونات الاجتماعية بولاية غرب دارفور على طي صفحة الماضي والإقبال على المستقبل بقلوب متسامحة ومُحبة للسلام".

كما أشاد بدور سعد عبدالرحمن بحر الدين، سلطان (زعيم) عموم دار "مساليت"، الذي قال إنه وقف إبان أحداث الجنينة على مسافة واحدة من جميع المكونات الاجتماعية بالولاية، مما ساهم في احتوائها، مشدّداً على أن "الاتفاق مُلزم لجميع الأطراف، خاصةً أن الدولة أرسلت قوات مشتركة لولاية غرب دارفور لتدعيم الأمن والاستقرار"، مشيراً إلى التزامه بمتابعة تنفيذ اتفاق وقف العدائيات.

دقلو حيّا أيضاً لجنة أمن ولاية غرب دارفور والإدارات الأهلية والشباب والمرأة؛ لجهودها لتجاوز المشكلة، فضلاً عن الدعم الإنساني الذي قدَّمته الدولة للمتضررين من هذه الأحداث، متوعداً من وصفهم بمروجي الفتنة والخارجين عن القانون بالحسم وتقديمهم للعدالة.

بدوره، أشاد بحر الدين بما وصفه باهتمام قيادة الدولة بأحداث الجنينة، مشيراً إلى أن زيارة الوفد الاتحادي برئاسة "الفكي" للمدينة كان لها أثر طيب في نفوس المتضررين من الأحداث، داعياً إلى ضرورة محاربة من وصفهم بـ"المجرمين والخارجين عن القانون، وفرض هيبة الدولة حتى يعم السلام والاستقرار كافة ربوع محليات ولاية غرب دارفور".

كما أكد صالح أرباب، مُمثل قبيلة المساليت، التزام قبيلتهم باتفاق وقف العدائيات، مطالباً بـ"رد المظالم" للمتضررين، والعمل علي سيادة حكم القانون، وعدم الإفلات من العقاب.

في حين شدّد حافظ تاج الدين، مُمثل قبيلة العرب، على ضرورة عدم الخلط بين القضايا الاجتماعية والسياسية، مضيفاً أن "مجتمع غرب دارفور متماسك ومترابط، وأن المجرمين ومروجي الفتن لا يريدون الاستقرار لأهل الجنينة، ولا بد من حسمهم وفقاً للقانون".

يُذكر أن دقلو وقَّع على اتفاق وقف العدائيات كضامن للاتفاق وممثل لحكومة السودان.

اشتباكات دامية بين قبيلتي "المساليت" و"العرب"

يشار إلى أن أعمال العنف في "الجنينة" اندلعت منتصف شهر يناير/كانون الثاني 2021، على خلفية شجار مسلح بين قبيلتي "المساليت" و"العرب"، أودت بحياة شخص واحد، ثم تطورت لتودي بحياة 163 آخرين و217 مصاباً، حسب لجنة أطباء السودان (غير حكومية)، فيما لم تعلن السلطات الرسمية عن حصيلة نهائية.

كانت الأمم المتحدة قد صرّحت، الأسبوع الماضي، بأن 97 ألفاً و825 نزحوا من منازلهم بمدينة الجنينة والقرى المحيطة إلى مقار حكومية ومناطق مفتوحة بالمنطقة ذاتها.

جدير بالذكر أنه من آن إلى آخر، تشهد مناطق عديدة في دارفور اقتتالاً دموياً بين القبائل العربية والإفريقية، ضمن صراعات على الأرض والموارد ومسارات الرعي.

أعمال عنف مُتجددة

إلا أن أعمال العنف الأخيرة في دارفور لا تُعدّ جديدة، حيث تصاعد الصراع هناك ابتداء من عام 2003 عندما حدثت اشتباكات بين القوات الحكومية وقواتٍ أغلبها من العرب، وقوات متمردة من غير العرب، الأمر الذي أدى إلى ارتكاب فظائع على نطاق واسع. ولقي من يقدَّر عددهم بنحو 300 ألفٍ حتفهم، وما زال نحو 1.5 مليون بعداد النازحين في دارفور.

تقول تقارير إنَّ تصاعد العنف يزيد من المخاوف المتعلقة برحيل قوات حفظ السلام الدولية.

فيما من المقرر استبدال قوة حفظ السلام (يوناميد)، وهي قوة مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، بقوة سودانية يتعين أن تضم متمردين سابقين في دارفور وقَّعوا اتفاق سلام مع الحكومة السودانية في أكتوبر/تشرين الأول 2020.

إذ قال مسؤولون سودانيون إنه جارٍ نشر الأفراد الأوائل من القوة، لكنَّ سكاناً وبعض الدبلوماسيين يخشون أن يترك انسحاب "يوناميد" المدنيين أكثر عرضة للهجوم.

إعلان حالة الطوارئ في ولايات سودانية

كان والي ولاية الجزيرة وسط السودان، عبدالله إدريس، قد أعلن فرض حالة الطوارئ في جميع أنحاء الولاية اعتباراً من ليل الخميس، وحتى إشعار آخر؛ للحفاظ على ممتلكات المواطنين.

ومؤخراً، أعلنت 6 ولايات من أصل 18، هي شرق وجنوب وشمال دارفور (غرب) وغرب وشمال كردفان (جنوب)، وسنار (جنوب شرق) حظر التجوال؛ في مسعى لاحتواء احتجاجات شعبية على تردي الأوضاع المعيشية ترافقها أعمال عنف ونهب.

ودعا القرار، وفق ما أعلنته الوكالة الرسمية، الجمعة 12 فبراير/شباط 2021، كل الأجهزة الأمنية والشرطة إلى "اتخاذ الحيطة والحذر؛ لحماية ممتلكات وأرواح المواطنين، تحسباً لاندلاع احتجاجات ترافقها أعمال عنف"، مطالباً المواطنين بـ"الإبلاغ عن أماكن وتجمعات عناصر النظام البائد (السابق)، وعن قياداتهم السياسية ومحتكري السلع ومُخربي الاقتصاد".

في الأثناء، أعلن والي (حاكم) ولاية شمال دارفور (غرب) محمد حسن عربي، أن الأيام القادمة ستشهد صدور قرارات ثورية تتضمن اعتقالات وإعفاءات وتنقُّلات لعناصر النظام البائد بالولاية.

تجدر الإشارة إلى أن السودان يعاني أزمات متجددة في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي؛ بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق الموازية (غير الرسمية) إلى أرقام قياسية، حيث يبلغ سعر الدولار حالياً 55 جنيهاً بالسوق الرسمية و390 في الموازية.

تحميل المزيد