رفضت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، جين بساكي، تقديم إجابة واضحة بخصوص ما إذا كانت إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، تعتبر السعودية وإسرائيل من حلفائها المهمين، وقدَّمت "إجابة غامضة وغير متماسكة"، بحسب ما ذكرته صحيفة New York Post الأمريكية، الجمعة 12 فبراير/شباط 2021.
الإجابة التي قدمتها موظفة البيت الأبيض، الجمعة، تأتي بعد تصريح لمسؤولين في إدارة بايدن عن "نهج جديد" في التعامل مع السعودية، وهو النهج الذي اعتبره محللون "أكثر صرامة من نهج أي رئيس أمريكي آخر منذ عقود"، بينما لم يتصل بايدن بعدُ برئيس الوزراء الإسرائيلي، ما أثار كثيراً من الانتقادات.
هل السعودية وإسرائيل حليفتان مهمتان لبايدن؟
صحيفة "نيويورك بوست" قالت إن السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، جين بساكي، قدمت إجابةً غامضة وغير متماسكة، الجمعة 12 فبراير/شباط، حين سألها بعض المراسلين عما إذا كانت إدارة بايدن تعتبر السعودية وإسرائيل من "الحلفاء المهمين".
إذ سأل مراسل: "هل بإمكانك أن تُعطينا فكرةً عامة عما تُحاول الإدارة تحقيقه بالشرق الأوسط؟"، في تعقيبٍ على سؤالٍ سابق حول سبب عدم اتصال بايدن برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حتى الآن.
أضاف المراسل في البيت الأبيض: "مثلاً، هل ما تزال الإدارة تعتبر السعوديين والإسرائيليين من الحلفاء المهمين؟".
بدلاً من الإجابة بـ"نعم" بكل بساطة، قدّمت جين الإجابة التالية، وفقاً لنص جلسة الإحاطة الصادر عن البيت الأبيض: "حسناً، كما تعلمون، مرةً أخرى، أعتقد أنّنا -هناك عمليات جارية وعمليات داخلية بين الوكالات- ونعتقد أننا، وكذلك أعتقد أنا، أكّدنا مقابلةً بين الوكالات الأسبوع الماضي، لنقاش العديد من القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط".
كما أضافت: "نحن لم نُمض هنا سوى ثلاثة أسابيعٍ ونصف فقط، وأعتقد أنني سأُفسِح المجال أمام تلك العمليات السياسية لتأخذ وقتها قبل أن نستطيع تقديم نوعٍ من المخطط الكامل لشكل نهج الأمن القومي الذي سنسير عليه فيما يتعلّق بمجموعةٍ من القضايا".
اتصال بايدن بنتنياهو لا يزال يثير الجدل
في وقتٍ مبكّر من جلسة الإحاطة الصحفية في البيت الأبيض، وأثناء الإصرار على أنّ فشل بايدن في الاتصال بنتنياهو "لا يُمثّل إهانةً دولية"، قالت جين: "من الواضح أن لدينا علاقةً قديمة ومهمة مع إسرائيل، والرئيس يعرفه من قبل وقد بدأ العمل على مجموعةٍ من القضايا التي تتضمن التزاماً متبادلاً بالفعل".
أوضحت أيضاً، أن "الأمر لا يعكس سوى حقيقة أننا لم نُمضِ هنا سوى ثلاثة أسابيع ونصف، وهو لم يتصل بكل زعماء العالم بعد، لكنّه سيحرص على فعل ذلك خلال الأسابيع المقبلة".
فعقّب مراسلٌ مستدركاً: "لكنه اتصل بكل الحلفاء الكبار في أوروبا وآسيا"، فأجابت جين قائلة بشكلٍ غامض: "اتصل بكثير منهم. هذا صحيح. وقد يجادل البعض بأنّهم لم يتلقوا المكالمات بعد، لكنهم متحمسون لتلقِّيها. ويُمكنني أن أُؤكّد لكم أنه سيتحدث إلى رئيس الوزراء قريباً، وهو يتطلّع إلى ذلك".
فيما رفضت جين خلال الإحاطة في البيت الأبيض تحديد موعد إجراء المكالمة، أو توضيح ما إذا كانت ستجرى خلال أيام أم أسابيع.
نهج جديد لواشنطن تجاه الرياض
المسؤولة نفسها كانت قد تجنبت في وقت سابق في البيت الأبيض، الرد على سؤال بشأن ما إذا كانت الإدارة ستفرض عقوبات على المملكة بخصوص مقتل الصحفي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين بقنصلية السعودية في إسطنبول.
ذلك الذي رسمه بايدن منذ أن كان مرشحاً للرئاسة، وهو النهج الذي اعتبره محللون "أكثر صرامة من نهج أي رئيس أمريكي آخر منذ عقود".
ففي وقت سابق، شدد بايدن على أنه سيجعل المملكة "تدفع الثمن" مقابل انتهاكات حقوق الإنسان، و"يجعلها في الواقع منبوذة مثلما يجدر بها"، لكن إن كان بايدن يريد أن يجعل السعودية منبوذةً الآن، فإنَّها منبوذة مُقرَّبة.
فبينما أعلن بايدن، الخميس 4 فبراير/شباط، وفاءه بالالتزام الذي قطعه خلال حملته الانتخابية، بإنهاء الدعم الأمريكي لحملة القصف السعودية المستمرة منذ 5 سنوات في اليمن، توضح إدارته أنَّها لن تتخلى عن مساعدة الجيش الأمريكي للمملكة، وتعتزم مساعدة السعودية على تعزيز دفاعاتها.
يعكس نهجه تعقيد العلاقات الأمريكية السعودية، ففي حين يتخذ بايدن نهجاً أكثر صرامة من أسلافه، يُقِرُّ هو وفريقه للسياسة الخارجية بأنَّ الولايات المتحدة لا يمكنها أن تسمح للعلاقات بالانهيار، ويرون أهمية الحفاظ على مجالات علاقة عسكرية وأمنية وفي مكافحة الإرهاب، وهي مجالات يُنظَر إليها باعتبارها حيوية لأمن كلا البلدين، بحسب تقرير لوكالة Associated Press الأمريكية.
إذ قالت وزارة الخارجية الأمريكية في رسالة عبر البريد الإلكتروني رداً على أسئلة من وكالة أسوشييتد برس: "ستتعاون الولايات المتحدة مع السعودية حين تتلاقى أولوياتنا، ولن نتحاشى الدفاع عن المصالح والقيم الأمريكية حين لا تتلاقى".
حقوق الإنسان.. مطالب أمريكا العاجلة
منذ وصوله إلى البيت الأبيض، لم يتوانَ بايدن عن الضغط على المملكة في ملف حقوق الإنسان، وقد تمثل أول الضغوط في مطالبتها بالإفراج العاجل عن المعتقلين، خاصةً معتقلي الرأي والدفاع عن حقوق المرأة.
الجمعة 5 فبراير/شباط الماضي، قال البيت الأبيض إن واشنطن تتوقع أن تحسّن السعودية سجلها الحقوقي، وضمن ذلك الإفراج عن السجناء السياسيين.
في الوقت الذي أشاد فيه البيت الأبيض بإطلاق الرياض سراح مواطنين سعوديين أمريكيين، فإن أمريكا تعتقد أن ذلك غير كافٍ، مطالبة بالإفراج عن مزيد من المعتقلين.
لكن سرعان ما أثمرت هذه الضغوط، الإفراج عن الناشطة الحقوقية لجين الهذلول، التي أمضت 1001 يوم في السجن، بتهمة الإرهاب. وهي الخطوة التي رحب بها جو بايدن، واعتبرها "قراراً صحيحاً وصائباً".