في تصريح يؤكد خطورة السلالة المتحورة من كورونا المستجد، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الجمعة 22 يناير/كانون الثاني 2021، إن ثمة أدلة تؤكد أن فيروس كورونا المتحور "أكثر فتكاً".
جونسون قال في مؤتمر صحفي، إن فيروس كورونا المتحوّر ليس أسرع انتشاراً وأكثر عدوى فقط، بل أشد فتكاً، موضحاً: "يبدو الآن أيضاً أن هناك بعض الأدلة على أن النسخة المتحوّرة الجديدة… قد تكون مرتبطة بدرجة أعلى من الوفيات".
فيروس كورونا المتحور رُصد منذ أسابيع في بريطانيا، التي باتت الأكثر تضرراً من الوباء بأوروبا؛ ما دفع السلطات إلى اللجوء لإغلاق للمرة الثالثة؛ في محاولة للحد من انتشار الموجة الجديدة.
مستشفيات بريطانيا تخوض "معركة يائسة"
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريراً لمراسلها بنجامين مولر عن المعركة اليائسة التي تخوضها المستشفيات البريطانية ضد تهديد حذَّر كثيرون من قدومه.
جاء فيه أن المستشفيات البريطانية تجاهد للتأقلم مع السلالة الجديدة من فيروس كورونا رغم التحذيرات خلال العام الماضي وضرورة التحضير في مواجهة زيادة بالحالات أثناء الشتاء.
قال مولر، إن السلالة الجديدة من فيروس كورونا، المعدية بشكل كبير، تضرب نظام الصحة الوطنية الذي يعمل فوق طاقته، حيث يقول عمال الصحة، إن هذا بسبب فشل الحكومة في استباق وتوقع الحالات أثناء الشتاء؛ وهو ما دفعهم إلى اتخاذ إجراءات أكثر تطرفاً لمواجهة الحالات المتزايدة.
الجيش ينخرط في نقل المرضى
تم نشر مئات الجنود؛ للمساعدة في نقل المرضى والمعدات إلى مستشفيات لندن. وتوقفت مراكز زرع الأعضاء عن إجراء العمليات الطارئة. وقلل الأطباء من معدلات الأكسجين المعطاة للمرضى؛ لحماية الأنابيب المحملة بشكل زائد.
أما الممرضات فيعملن بشكل محموم للعثور على مكان وأسرَّة إضافية لنقل المرضى المخطّرين، في منتصف الليل، إلى العنابر التي تم إعدادها على عجل لكي تستوعب مرضى كوفيد-19.
كل هذا رغم عدم وجود العدد الكافي من الممرضين لمعالجة مرضى فيروس كورونا الموجودين.
غير أن أكثر ما يزعج الممرضين والأطباء هو أن الحكومة البريطانية ونظام الصحة الذي عانى ضربة في ربيع العام الماضي، فشلا في التحضير والاستماع للتحذيرات المتتابعة حول ضرورة التحضير لموجة إصابات جديدة في فصل الشتاء، مما ترك المستشفيات من دون جاهزية عندما بدأ المرضى بالتدفق.
حالات فيروس كورونا مستمرة في التدفق على المستشفيات
رغم اتخاذ بريطانيا قراراً سبق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتوفير لقاحات مضادة لكوفيد-19 وإشارات عن تراجع عدد الإصابات الجديدة، فإن عدد الوفيات لم ينخفض.
إذ استمرت الحالات الجديدة بالتدفق على المستشفيات، التي يحاول فيها عمال الصحة الوطنية المُجهَدون مساعدة المرضى وإنقاذ حياتهم.
قال ديف كار، الممرض في وحدة العناية الفائقة بجنوب لندن: "لقد شعرنا بالرعب وكنا نعرف أن هذا سيحدث".
لكن الحكومة انتظرت حتى 4 يناير/كانون الثاني، لتعلن حالة إغلاق جديدة في البلاد، وكان القرار متأخراً، حيث كان النظام الصحي قد وصل لحافة الأزمة، وقرر الأطباء في المستشفيات تأجيل العمليات الاختيارية؛ للتحضير للموجة.
كما أضاف كار قائلاً: "لم نكن نعرف ما يجب علينا عمله، ولا يمكننا رفض دخول المرضى ونحن نقوم بممارسة الطب بطريقة لم تمارَس في بريطانيا من قبل".
فيما أشارت الصحيفة إلى أن المشاهد الفظيعة في المستشفيات البريطانية تقدم درساً واقعياً للولايات المتحدة التي تتراجع فيها الحالات مع أن البلاد لا تزال تحت طائلة الفيروس. فالأنظمة الصحية التي صمدت أمام الموجة الأولى لا تزال عرضة لمخاطر السلالات الجديدة الأكثر انتشاراً.
معدل إصابات مرتفع
من جهة أخرى، أظهرت دراسة رسمية نُشرت الثلاثاء 19 يناير/كانون الثاني، أن شخصاً من كل ثمانية في إنجلترا أصيب بفيروس كورونا المستجد في ديسمبر/كانون الأول، ما يشكل ارتفاعاً كبيراً مقارنة مع الشهر الذي سبقه (1 من 11)، على خلفية انتشار السلالة الجديدة المتحورة من الفيروس.
إذ أفاد مكتب الإحصاء الوطني بأن شخصاً من أصل عشرة في ويلز، وشخصاً من 13 في أيرلندا الشمالية، وشخصاً من 11 في أسكتلندا أصيبوا بالفيروس في الفترة نفسها. واستند في إحصاءاته إلى فحوص الأجسام المضادة التي أُجريت بشكل عشوائي لدى السكان وأتاحت بالتالي أيضاً تحديد الأشخاص المصابين الذين لا تظهر عليهم عوارض المرض وليس فقط هؤلاء الذين تكون نتيجة فحصهم إيجابية.
في إنجلترا وويلز، كان إجمالي معدل الوفيات في الأسبوع الأول من يناير/كانون الثاني، أعلى بنسبة 45.8% من المعدل المسجل في السنوات الخمس الماضية، بحسب مكتب الإحصاء الوطني، الذي حذَّر في الوقت نفسه من أن البيانات قد تكون غير دقيقة، بسبب التأخر في تسجيل الوفيات خلال فترة عطلة أعياد الميلاد.