خطر شيوعي رسمي واليمين المتطرف المسلح.. بايدن والولايات المتحدة على صفيح ساخن

عربي بوست
تم النشر: 2021/01/22 الساعة 10:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/22 الساعة 10:32 بتوقيت غرينتش
وزير الخارجية الأمريكية آنتوني بلينكين رفقة بايدن/مواقع التواصل

ينتظر الإنسان العادي رأس كل سنة جديدة متأملاً أن يحمل له العام الجديد فرجاً ما، وكذلك يراهن السياسيون والمحللون في العالم على الانتخابات الرئاسية الأمريكية كل 4 سنوات، لعل الرئيس الجديد يراعي مصالحهم أو يحقق توقعاتهم السياسية باعتبار الولايات المتحدة الأمريكية سيدة العالم.
في العام الماضي، 2020، أصبح الإنسان غير المشتغل بالسياسة، يتأمل أن يمر العام بأسرع ما يمكن، لعل العام الجديد يبعد عنه وباء كوفيد-19، أما السياسيون والمحللون فتمنوا انتهاء عام 2020 ودخول جو بايدن للبيت الأبيض، لفتح باب التوقعات وبدء موسم المراهنة على خطوات وسياسات الرئيس الأمريكي الجديد التي سوف يتخذها لحل مشاكل الكرة الارضية، وكأن ما جرى وما يجري في الولايات المتحدة الأمريكية عبارة عن "سحابة صيف" مرت وتوارت بعد خروج الرئيس ترامب من البيت الأبيض. 

لكن نظرة سريعة تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية باتت "شبه عاجزة" عن حل مشاكلها الداخلية المستعصية. وبالتالي يمكن التنبؤ بأنه لن يتغير الكثير على وجه الكرة الأرضية بقدوم بايدن، بل ستستمر الأمور تقريباً على ما هي عليه لأن جهود  الرئيس الأمريكي جو بايدن، ستنصب على محاولة إنقاذ الإمبراطورية الأمريكية من السير بخطى متلاحقة نحو الانهيار، خصوصاً أنه يعلم أن الامبراطوريات تنهار بفعل التآكل الداخلي وليس نتيجة لغزو خارجي.

بايدن رئيس الولايات المتحدة ة الأمريكية
بايدن رئيس الولايات المتحدة ة الأمريكية 20 يناير 2021/ رويترز


المد الشيوعي في الولايات المتحدة 


هناك من يراهن على قوة وسلطة الرئيس جو بايدن وسرعة تنفيذ قراراته ووعوده نتيجة سيطرة الديمقراطيين على الكونغرس بغرفتيه. لكن المفارقة هي أن هذه قد تكون هي  نقطة ضعف بايدن. حيث إن هناك فاتورة انتخابية داخلية عليه تسديدها خلال رئاسته لما يسمى بالجناح اليساري في الحزب الديمقراطين، خصوصاً بعد أن تنازل له المرشح ساندرز ممثل ذلك التيار خلال حملة السباق على الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة الأمريكية. ومن المعلوم أن برنامج الجناح اليساري يختلف عن  برنامج الجناح المحافظ في الحزب الديمقراطي في أمور كثيرة من الصعب على الرئيس بايدن التوفيق بينها. لذلك قد، وليس من المؤكد، أن يضطر بايدن إلى طلب المعونة من ممثلي الحزب الجمهوري في الكونغرس وفي مجلس الشيوخ لتمرير بعض المشاريع والقرارات إذا لم يلبّ مطالب هذا الجناح في حزبه.
ومن المعلوم أيضاً أن هناك نزعة يسارية جدية تنمو بوتيرة قوية في الجامعات والمعاهد الأمريكية على أيدي فلاسفة ومفكرين مرموقين لذلك عندما حذر "المكارثي ترامب" من خطر الشيوعية خلال حملته الانتخابية لم يبن ذلك من فراغ لكن فاته أن تلك الاشتراكية باتت تنمو في رحم المجتمع الأمريكي وليست مستوردة كما كان يدعي سلفه السيناتور مكارثي.


مشاكل بلا حلول 

وأولى مشكلات الولايات المتحدة الأمريكية، تراجع وزنها الاقتصادي في العالم بعد حيازة الصين زمام المبادرة. وثاني المشكلات، استفحال العنصرية وانتشار الأسلحة في أيدي التيارات اليمينية المتطرفة. وثالث المشكلات في الولايات المتحدة الأمريكية، الشعبوية التي تتغذى على التفاوت الطبقي واتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء بشكل غير مسبوق في ظل السياسات النيوليبرالية المهيمنة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
ورابع تلك المشكلات هي تدمير دونالد ترامب للعلاقات الطبيعية  في السياسة الداخلية والخارجية عبر اتباع سياسة أقرب إلى استعراض العضلات بل "البلطجة" الصريحة في بعض الأوقات بتطبيقه سياسة العقوبات بحق مختلف الدول، ولم تسلم من ذلك حتى المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية، مما أضعف ثقة المجتمع الدولي في الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى جائحة كورونا التي أنهكت الأمريكيين من الناحية الصحية والاقتصادية.وتجلت كل تلك المشكلات في خطاب القسم للرئيس الجديد، جو بايدن، لكن تعدادها لا يعني أن هناك حلولاً سحرية لها، بل سيبقى الرئيس الجديد طيلة عهده منهمكاً في البحث عن الحلول لها. مما يفرض انكفاءه عن ممارسة سياسة دولية نشطة.
كانت هذه المقدمة ضرورية للانتقال إلى استقراء ما سيكون عليه الشرق الأوسط خلال إدارة جو بايدن للولايات المتحدة الأمريكية علماً أنني واثق من أن التغيير في منطقتنا لن يحصل حتى في زمن بلوغ أحفاد ترامب أو بايدن منصب رئاسة الجمهورية في أمريكا.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ناصر الحسيني
كاتب صحفي لبناني مقيم في إفريقيا
مواليد 1958 بلبنان، حائز على ماجستير في الهندسة المدنية من جامعة الصداقة في موسكو سنة 1983 ودبلوم دراسات عليا سنة 1990. مهندس استشاري لدى منظمة الأمم المتحدة للتنمية UNDP، عملت في جريدة الديار قبل عام 2000، وكذلك لي كتابات ومساهمات في جريدة النهار وجريدة البلد، مقيم في إفريقيا منذ 2010 بشكل شبه دائم في غينيا الاستوائية وغينيا بيساو.
تحميل المزيد