رغم أن أقدم دليل تاريخي يشير إلى ممارسة الختان يعود إلى مصر القديمة، فإن علماء الأنثروبولوجيا يعتقدون أنها ممارسة انتشرت في أجزاء أخرى من إفريقيا وآسيا منذ آلاف السنين. في بعض الحالات كان الختان يقتصر على رجال الدين أو أبناء الطبقة النبيلة، وفي حالات أخرى كان طقساً يُمارس على جميع الصبية الذين يبلغون سن الرشد، وفي حالة الديانة اليهودية كان الختان يعتبر رمزاً دينياً وعرقياً يدل على الانتماء إلى المجتمع اليهودي.
أما ختان الإناث فكانت له أسباب تاريخية مختلفة تماماً، وإليكم القصة كاملة.
الختان في مصر القديمة
لم يكن الختان في مصر القديمة إجراء يطبق على عامة المصريين، إنما كان حكراً فقط على طبقتين من المجتمع: الأولى هم الفتية المراهقون الموشكون على دراسة الكهنوت في المعابد، والثانية هم الذكور البالغون من أبناء الطبقة النبيلة.
ويرجح المؤرخون أن الختان في مصر القديمة كان أحد الطرق التي يتم فيها تمييز أبناء النخبة عن الأناس العاديين، وفقاً لما ورد في موقع Ancient Origins.
وقد تم تصوير عملية الختان في الرسومات المصرية القديمة على جدران المعابد، والتي تصور شباناً مقيدين بينما يقوم الكاهن بإجراء عملية الختان بواسطة سكين.
وقد كان الختان في مصر القديمة مختلفاً عن الختان في الديانة اليهودية لاحقاً، إذ كان يتمثل في إزالة جزء فقط من القلفة، وهي جلد رقيق فضفاض يغطي جزءاً من رأس القضيب، وعرف هذا النوع من الختان باسم "الختان الفرعوني"، بينما يتمثل الختان اليهودي بإزالة القلفة بشكل كامل.
الختان في الثقافات الإفريقية الأخرى
مصر ليست البلد الإفريقي الوحيد الذي مارس الختان في العهد القديم، فقد كانت هذه الممارسة شائعة كذلك بين شعوب شرق إفريقيا والبانتو، لكنه لم يكن إجراء لتمييز أبناء الطبقة النبيلة، بل كان طقساً من الطقوس التي تتم ممارستها احتفالاً بانتقال أحد الصبيان إلى مرحلة الرجولة.
لم تكن تلك الطقوس مقتصرة على الختان فحسب، فعندما يبلغ الصبية سن الرشد تُدهن أجسادهم باللون الأبيض قبل الختان، ويتم عزلهم لعدة أسابيع، وخاصة عن النساء.
وبعد الختان يَدفن كل صبي الجزء المقطوع من القلفة في الغابة، مودعاً بذلك أيام الطفولة ومستقبلاً أول أيامه كرجل، ثم يقوم بغسل البياض الذي يغطي جسمه في النهر لينتهي بذلك طقس تحوله إلى رجل حقيقي من وجهة نظر قبيلته.
ومن المثير للاهتمام أن هذه الشعوب لا تزال تمارس الختان، إلا أنهم تخلوا في معظمهم عن الطرق التقليدية وباتوا يلجأون إلى المشافي عوضاً عن ذلك.
الختان في أوقيانوسيا
تاريخياً لم يكن الختان مقتصراً على إفريقيا والشرق الأوسط فقط، فقد مورس الختان كذلك في أوقيانوسيا (القارة التي تضم أستراليا والجزر القريبة منها).
وعلى غرار شعوب شرق إفريقيا كان الختان في أوقيانوسيا أحد طقوس العبور إلى مرحلة الرجولة، وكذلك كان بمثابة اختبار للشجاعة، وكانت أصداف البحر تستخدم كأداة للقطع في تلك المنطقة بدلاً من السكاكين.
الختان في المجتمع اليهودي
في حين كان الختان أداة تمييز طبقي في مصر وتعبيراً عن الرجولة في إفريقيا وأوقيانوسيا فقد كان طقساً دينياً بالمرتبة الأولى في المجتمعات اليهودية، بالإضافة إلى كونه علامة عرقية تدل على الانتساب إلى هذا المجتمع.
وعلى عكس ما جرت العادة في مصر القديمة لم يكن يجرى الختان على الصبية المراهقين أو البالغين في المجتمعات اليهودية، إنما كان يطبق عادة على الرضع بعد ثمانية أيام من الولادة، ولا يتم الختان في مرحلة البلوغ إلا في حال قرر شخص غير يهودي بالغ التحول إلى الديانة اليهودية.
وقد كان الختان هو أحد الطرق التي تم التمييز فيها بين المسيحيين واليهود في بداية انتشار المسيحية، إذ لم يكن الختان إجراء مطلوباً من المسيحيين.
عقوبة في زمن الحرب
لم يكن الختان على الدوام وسيلة للتعبير عن الانتماء إلى مجتمع ديني أو طبقة ما، فقد كان يستخدم كذلك كنوع من العقوبة في حالات الحروب.
إذ كانت هناك حالات يتم فيها ختان الجنود الذين تم أسرهم في المعركة، خاصة في الشرق الأوسط وشرق إفريقيا وجنوب آسيا قديماً.
ويقال إن الختان كان السبب الذي مكن الجنود الألمان خلال الحرب العالمية الثانية من تمييز اليهود وإرسالهم إلى معسكرات الاعتقال الخاصة.
ماذا عن ختان الإناث؟
على عكس ختان الذكور الذي يعتبر عبر التاريخ في الغالب رمزاً ثقافياً ودينياً في بعض الأحيان للتعبير عن الرجولة أو الانتماء العرقي، فإن لختان الإناث حكاية أخرى.
تاريخ ختان الإناث غامض بعض الشيء، إذ لا يُعرف على وجه التحديد التاريخ والمكان اللذان انطلقت منهما هذه الممارسة.
مع ذلك هناك أدلة تاريخية تشير أن ختان الإناث كان منتشراً كذلك في مصر القديمة وتحديداً منذ القرن الخامس قبل الميلاد.
وعلى ما يبدو فإن هناك صلة ما بين تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والعبودية، فقد كان يتم خياطة الأعضاء التناسلية لدى الفتيات اللواتي يتم بيعهن كجوارٍ، الأمر الذي يزيد من ثمنهن سواء لعفتهن أو لعدم قدرتهن على الإنجاب.
ويعتقد بعض علماء الأنثروبولوجيا أن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية كان يمارس في بعض المجتمعات الإفريقية، لحماية الشابات من التعرض للاغتصاب، أو كنوع من أنواع تقديم القرابين للآلهة، وفقاً لما ورد في موقع Too Many.