يتحدث الجميع عن اللقاح وقليلون هم الذين رأوه، إذ يبدو أن التمييز في توزيع لقاحات كورونا سيعبر عن ثراء الدول وقدراتها، وقوة استخباراتها وحتى لون شعبها وانتمائه العرقي والحضاري.
وبدأت هذه الأيام أكبر حملة تطعيم في التاريخ، حيث تم إعطاء أكثر من 42.2 مليون جرعة في 51 دولة، وفقاً للبيانات التي جمعتها وكالة Bloomberg.
وكان أحدث معدل يبلغ 2.43 مليون جرعة في اليوم بالمتوسط.
ولكن منظمة الصحة العالمية حذَّرت من "فشل أخلاقي كارثي"، بسبب النزعة القومية في توزيع اللقاحات.
وقال تيدروس أدهانوم جيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الإثنين 18 يناير/كانون الثاني 2021، إن العالم على شفا "فشل أخلاقي كارثي" في ما يتعلق بتوزيع لقاحات الوقاية من كوفيد-19، وحث الدول والشركات المُصنِّعة على مشاركة الجرعات بشكل أكثر إنصافاً في مختلف أنحاء العالم.
وأشار إلى توقيع 44 اتفاقاً ثنائياً العام الماضي، و12 على الأقل بالفعل هذا العام.
وقال: "قد يعطل هذا شحنات مبادرة توزيع اللقاحات التي تقودها المنظمة (كوفاكس)، ويخلق الظروف نفسها التي صُمم (كوفاكس) لتفاديها، بالتكديس وبالسوق الفوضوية وبالاستجابة غير المنسقة وباستمرار الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية".
وأضاف في افتتاح الاجتماع السنوي للمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة والذي ينعقد عبر الإنترنت، أن "أسلوب أنا أولاً" في توزيع اللقاحات جعل الأكثر فقراً وضعفاً بالعالم في خطر.
وتابع: "في نهاية المطاف، لن تسفر هذه التصرفات إلا عن إطالة أمد الوباء".
وعرض تيدروس مثالاً لانعدام المساواة، فأشار إلى استخدام أكثر من 39 مليون جرعة من اللقاحات في 49 من الدول مرتفعة الدخل، مقارنة مع 25 جرعة فقط بإحدى الدول الفقيرة.
الدول الأنجح في توزيع لقاحات كورونا على مواطنيها
إسرائيل: 42 ضعف نسبتها من السكان
لم يكن غريباً أن إسرائيل، الدولة الثرية التي تتمتع بتقدم علمي كبير ونخبة ماكرة وأجهزة استخبارات قوية، وتستفيد من الحساسية الغربية في التعامل مع اليهود، كانت من أوائل دول العالم في الحصول على اللقاحات، ليمتد التدليل الغربي لإسرائيل من السياسة والشؤون العسكرية إلى الصحة.
وقالت وكالة الأنباء الفرنسية، الإثنين 18 يناير/كانون الثاني 2021، إنها اطلعت على اتفاقية توضح السبب خلف حصول إسرائيل على مخزون كبير من جرعات كورونا، في الوقت الذي ما زالت فيه دول أكثر ثراء تعاني في الحصول على إمدادات اللقاح.
الوكالة أوضحت أن الاتفاقية الموقَّعة بين إسرائيل وشركة الأدوية الأمريكية العملاقة فايزر، تنص على إمدادها بمخزون كبير من جرعات لقاح فيروس كورونا مقابل تزويد الشركة ببيانات سريعة لمتلقي اللقاح كافة.
وبحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن الاتفاق سيجعل إسرائيل "أول دولة في العالم تخرج من أزمة فيروس كورونا".
وأكدت مستشارة خصوصية البيانات في معهد إسرائيل للديمقراطية، فإن "إسرائيل وفقاً للاتفاق، يمكنها أن تعرض على شركة فايزر بيانات عن مليونَي شخص في غضون شهر أو ستة أسابيع"، واصفاً ما يجري بأنه "يرقى إلى أن يوصف بأنه أكبر تجربة على البشر في القرن الحادي والعشرين".
يُشار إلى أن إسرائيل التي بدأت بحملة التطعيم ضد فيروس كورونا في 19 ديسمبر/كانون الأول، قد تمكنت من تقديم الجرعة الأولى من اللقاح لأكثر من مليونَي شخص حتى اليوم (18 يناير/كانون الثاني 2020)، أي بنسبة 4.7% من إجمالي الجرعات في العالم، فيما يبلغ عدد سكان إسرائيل 0.11% من سكان العالم أي أن نسبتها من اللقاحات تبلغ نحو 42 ضعفاً نسبتها من سكان العالم.
بريطانيا.. بدء حملة تطعيم كبار السن
لم يكن غريباً ان تكون بريطانيا، الإمبراطورية الاستعمارية التي تجمع بين ميزة التقدم والحجم المتوسط، أن تكون أول دولة في العالم تعتمد لقاح كورونا.
وستكثف المملكة المتحدة برنامج التطعيم الشامل ضد فيروس كورونا هذا الأسبوع، حيث تقدم جرعات لملايين آخرين.
وسيتم تقديم اللقاحات للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 70 عاماً، وأولئك الذين يُعتبرون "معرَّضين للخطر سريرياً"، اعتباراً من يوم الإثنين 18 يناير/كانون الثاني، المجموعتان الثالثة والرابعة ذات الأولوية. ووصفه رئيس الوزراء بوريس جونسون، بأنه "مَعلم مهم" في جهود التطعيم.
وقال وزير الخارجية دومينيك راب، الأحد 10 يناير/كانون الثاني، إن الحكومة تهدف إلى تقديم اللقاح لجميع البالغين في المملكة المتحدة بحلول سبتمبر/أيلول 2021.
حتى الآن، تلقى أكثر من 4.3 مليون شخصٍ جرعتهم الأولى، وفقاً لتتبُّع اللقاحات الخاص بـ"بلومبيرغ".
أوروبا.. نجحت في تجاوز الخلافات
يبدو أن الاتحاد الأوروبي يحاول اللحاق ببريطانيا التي خرجت لتوها من عباءته، بعد محاولته حل الخلافات بين أعضائه بشأن توزيع اللقاحات.
وأبدت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تضامناً من خلال انتظار موافقة مجلس الاتحاد الأوروبي على اللقاح قبل بدء الحملات الوطنية المنسقة.
ومن دور رعاية المسنين بفرنسا إلى مستشفيات في بولندا، شمَّر الأوروبيون الأكبر سناً والعمال الذين يعتنون بهم، الأحد، لتلقِّي لقاح فيروس كورونا، في حملة لتلقيح أكثر من 450 مليون شخص بجميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
وباتت كل الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي لديها الآن إمدادات لقاح في متناول اليد لتوزيعه.
انتقلت عشرات الحافلات الصغيرة التي تحمل مُبردات مملوءة بالثلج الجاف؛ لمنع ارتفاع جرعات لقاح Pfizer-BioNTech إلى 70 درجة مئوية تحت الصفر، إلى دور رعاية المسنين بأنحاء العاصمة الألمانية. يأتي هذا الانتشار في الوقت الذي تواجه فيه أكبر دولة بأوروبا أكثر فتراتها دموية منذ بداية الوباء.
تمتلك جميع الدول الأعضاء أنظمة رعاية صحية وطنية، لذلك سيتم تطعيم الناس مجاناً. ولكن مثلما كانت المستشفيات بالدول الأعضاء الفقيرة مثل بلغاريا ورومانيا، غارقة في الموجة الأخيرة من الفيروس، ستواجه الشبكات بتلك البلدان تحديات في توزيع اللقاحات.
قالت معظم الدول الأعضاء إنها تتوقع وصول اللقاح إلى عامة الناس بحلول الربيع.
الولايات المتحدة.. لا عدالة توزيع بين الولايات
في جميع أنحاء الولايات المتحدة، تم إعطاء 4.4 جرعة لكل 100 شخص.
فشل طرح الولايات المتحدة أن يكون على مستوى التوقعات، حيث استمر توزيع اللقاحات بشكل غير متساوٍ عبر الولايات.
وتم توزيع الجولة الأولى من اللقاحات حتى أوائل شهر يناير/كانون الثاني، في المقام الأول، من خلال المستشفيات وغيرها من أماكن الرعاية الصحية المؤسسية. ستعتمد المرحلة التالية بشكل أكبر على الصيدليات والعيادات الصحية- الأماكن التي تُعطى فيها اللقاحات بشكل أكثر تقليدية- وستوسع مجموعة الأشخاص المؤهلين للحصول على الحقن. تقوم بعض الولايات بتحويل الملاعب الرياضية والمتنزهات إلى مراكز تطعيم جماعية.
في محاولة لتسريع التطعيمات بعد انطلاق صارم، بدأت حكومة الولايات المتحدة في 12 يناير/كانون الثاني، تشجيع الولايات على البدء في تحصين جميع السكان الذين يبلغون من العمر 65 عاماً أو أكثر، إضافة إلى أولئك الذين تبلغ أعمارهم 16 عاماً أو أكثر والذين يعانون من حالات طبية معينة.
من شأن هذا التوجيه أن يوفر اللقاحات لما يصل إلى أكثر من ثلث سكان الولايات المتحدة، وحتى الآن، أكمل ما لا يقل عن 1.80 مليون شخص في الولايات المتحدة نظام التطعيم المكون من جرعتين.
روسيا: تبدأ حملة التطعيم العامة
أطلقت روسيا حملة تطعيم واسعة النطاق ضد فيروس كورونا يوم الإثنين؛ في محاولة لإنهاء تفشي المرض دون إعادة فرض إغلاق جديد على مستوى البلاد، بعد أن كلف الرئيس فلاديمير بوتين المسؤولين، الأسبوع الماضي، بإتاحته لجميع سكان البلاد البالغ عددهم 146 مليون نسمة.
في أغسطس/آب 2020، سجلت البلاد لقاح سبوتنيك-5 الذي سُمي على اسم قمر صناعي شهير من الحقبة السوفييتية، قبل أشهر من المنافسين الغربيين وقبل بدء التجارب السريرية على نطاق واسع، وهو لقاح لا يحظى بالقبول عالمياً.
وقال المسؤولون منذ ذلك الحين، إن التطعيم فعال بأكثر من 90%.
وفي أوائل ديسمبر/كانون الأول، بدأت روسيا في إعطاء التطعيم للعاملين الذين يتعاملون مع عدد كبير من الناس، ومن ضمن ذلك الطاقم الطبي والمعلمون.
التطعيم متاح الآن لأي شخص يريده.
وقالت نائبة عمدة موسكو، أناستاسيا راكوفا، إن 190 ألف شخص تم تطعيمهم حتى الآن في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 12 مليون نسمة.
تركيا: بدأت بإعطاء التطعيم الصيني وتبحث إنتاج لقاح فايزر
بدأت تركيا، الخميس الماضي، حملة التعقيم العامة ضد فيروس كورونا باستخدام لقاح كورونافاك الصيني.
كما تبحث تركيا إنشاء مركز مشترك مع ألمانيا لإنتاج لقاح كورونا، خاصةً أن مخترعي لقاح فايزر بيونتيك من أصل تركي.
الدول العربية: مضطرة للذهاب للصيني
أعلنت دول كالسعودية والكويت وقطر والبحرين وعُمان والأردن ولبنان وتونس نيتها استخدام لقاح فايزر-بيونتيك.
ولكن واقعياً فإنه من الواضح أن الدول العربية، وضمنها دول الخليج الثرية، يركز كثير منها -على مايبدو- على اللقاحات الصينية، وتقود الإمارات هذا التوجه، الذي يبدو أنه يأتي من معرفتها بصعوبة الحصول على اللقاحات الغربية ليس بسبب سعرها ولكن بسبب أن الأولوية في هذه اللقاحات ستكون للدول الغربية.
الإمارات: مليون جرعة
في 10 يناير/كانون الثاني، أعلنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع الإماراتية، عن تخطيها حاجز المليون جرعة لقاح كورونا جرى إعطاؤها للمتلقين، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية.
وبعد ذلك، أعلنت وزارة الصحة الإماراتية، 16 يناير/كانون الثاني، أن البلاد حققت أعلى معدل توزيع جرعات اللقاح المضاد لوباء فيروس كورونا المستجد للفئات المؤهلة طبياً والمستوفية الشروط كافة، وأضافت أن المعدل بلغ 24.58 جرعة لكل 100 شخص وذلك منذ إطلاق الحملة الوطنية للقاح "كوفيد-19".
السعودية: تعترف بأثر التنافس العالمي
في 10 يناير/كانون الثاني 2020، أعلِنَ أن أكثر من 178 ألف شخص تلقوا لقاح "كورونا" في السعودية، وبعد ذلك بعدة أيام، أعلنت وزارة الصحة السعودية اعتماد لقاحي أسترازينيكا وموديرنا المضادين لفيروس كورونا، بعد لقاح فايزر-بيونتيك الذي صدر اعتماده في وقت سابق بالمملكة.
وقال مدير الصحة في المنطقة الشرقية، الدكتور إبراهيم العريفي، لـ"العربية" إن اللقاحات المعتمدة تتمثل في فايزر-بيونتيك وأسترازينيكا وموديرنا، موضحاً أن التنافس عالمي على اللقاحات، وهناك طلب كبير على لقاح فايزر، لكن هناك كميات جيدة ستصل إلى السعودية للتطعيم.
قطر: بدأت إعطاء الجرعة الثانية
الأربعاء 13 يناير/كانون الثاني 2020، بدأت المراكز الصحية التابعة لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية في قطر، بإعطاء الجرعة الثانية من لقاح فيروس كورنا للذين تلقوا الجرعة الأولى منه في الـ23 من ديسمبر/كانون الأول 2020.
مصر: الحكومة تكثف المفاوضات، وتطعيم الأطباء في نهاية الشهر
تُكثف الحكومة المصرية مفاوضاتها مع الشركات المُنتجة للقاحات فيروس كورونا المستجد، لتوفير الجرعات المطلوبة للبدء في حملة تطعيم مواطنيها ضد الفيروس، بعدما حصلت على الدفعة الأولى من اللقاح الذي طورته شركة سينوفارم الصينية بواقع 50 ألف جرعة، في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقال مصدر مسؤول بوزارة الصحة المصرية، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه من المنتظر بدء تطعيم الأطقم الطبية العاملة في مستشفيات استقبال مرضى كورونا بلقاح كورونا، ثم أصحاب الأمراض المزمنة، نهاية شهر يناير/كانون الثاني الجاري أو مطلع فبراير/شباط على أقصى تقدير.
كما كشفت وزارة الصحة والسكان، أنه يتم التواصل مع كل الجهات لتوريد اللقاح إلى مصر، مضيفةً أنه جارٍ استكمال توريد شحنات اللقاح الصينى، إضافة إلى أنه سيتم تسجيل لقاح "أسترازينيكا" فور الحصول على موافقة هيئة الدواء المصرية، كما أن هناك تواصلاً مع شركة "فايزر"، لتقديم الملف التسجيلى الخاص باللقاح في مصر.
وقالت وزارة الصحة والسكان، إن وزارة المالية بصدد التوقيع مع الهيئة الدولية للقاحات والأمصال (جافي)، للحصول على حصة مصر من لقاحات فيروس كورونا، حيث سيتم توفير 20% من احتياجات مصر من اللقاحات.
أمريكا اللاتينية وإفريقيا: أين اللقاحات الموعودة
من الواضح أن دول أمريكا اللاتينية ستضطر إلى الاعتماد على اللقاحات الصينية، مع استمرار تأخر اللقاحات الغربية، بينما الأرجنتين إحدى الدول القليلة التي توزع على سكانها اللقاح الصيني.
"تبدو مسيرة اللقاحات الصينية في إفريقيا مثيرة للقلق"، إذ يتطلع القادة في القارة السمراء إلى اللقاحات الصينية باعتبارها وسيلة الإنقاذ الأساسية من الجائحة، ولكن بينما بدأ اللقاح الصيني يصل إلى بلدان الشرق الأوسط والعديد من الدول الآسيوية، فإن إفريقيا تصل لها وعود دون توقيتات محددة.
وسبق أن تعهَّد الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بأن اللقاحات الإفريقية "أولوية" بالنسبة لبكين. وجاء هذا الالتزام من جانبه في أعقاب تبرُّعاتٍ كبيرة من الأقنعة الواقية ومستلزمات اختبارات الفحص والمعدَّات الطبية للقارة من جانب بكين وأفرادٍ مثل رجل الأعمال الملياردير الصيني جاك ما.