لم يستبعد دونالد ترامب احتمال ترشحه للرئاسة عام 2024، لكن فرصته قد تكون تلاشت بعد أحداث اقتحام أنصاره مبنى الكونغرس، وتعرُّضه لإجراءات عزله للمرة الثانية، فمن هم خلفاء ترامب المحتملون داخل الحزب الجمهوري؟
فمنذ ظهور ترامب على الساحة السياسية وفوزه بدعم الحزب الجمهوري وترشحه وفوزه بالرئاسة، أصبحت الترامبية تمثل الجناح المهيمن على الحزب، لكن اقتحام أنصار ترامب العنيف والدموي لمبنى الكونغرس يوم الأربعاء 6 يناير/كانون الثاني وما تلاه من أحداث غيّر كل شيء لحاضر ترامب ومستقبله، وكذلك بالنسبة لمستقبل الحزب الجمهوري.
ورغم أن ترامب قد أثار إمكانية الترشح للرئاسة مرة أخرى في 2024 ليعود إلى عالم السياسات الرئاسية بحملة انتقامية، تستهدف تصحيح ما يَزعُم -دون أساس- أنها مؤامرة ضخمة لتزوير الأصوات، كلفته انتخابات 2020، فربما لا يُسمَح لترامب بالترشح مرة أخرى على أيه حال، إذ وافق مجلس النواب على مساءلته للمرة الثانية بتهمة التحريض على التمرد، وإذا أدين في مجلس الشيوخ فقد يُمنَع الرئيس من السعي لتولي منصب عام مرة أخرى.
وفي حالة غياب ترامب بالفعل، بدأ سؤال مَن سيحمل راية الجمهوريين في انتخابات 2024، فمن هم المرشحون لخلافته؟ صحيفة The Independent البريطانية رصدت أبرز الأسماء المرشحة، ومدى تأثير علاقة كل منهم بترامب، سواء قرباً أو بعداً.
إذ يتنافس الكثير من كبار شخصيات الحزب الجمهوري على أن يصبحوا وجه الحزب الجديد بعد ترامب، بعضهم من خلال مناشدة قاعدة ترامب الجماهيرية، والبعض الآخر بمحاولة إبعاد أنفسهم لأكبر مسافة ممكنة عن الرئيس.
مايك بنس.. نائب ترامب
حتى أحداث الشغب في الكابيتول، بدا نائب الرئيس مايك بنس المرشح الأوفر حظاً للحزب الجمهوري في عام 2021. وكان المنطق على هذا النحو: يمثل بنس جسراً مثالياً بين الحزب الجمهوري التقليدي والقاعدة الشعبوية التي نشطها ترامب. ونظراً لأنَّ بنس كان اليد اليمنى للرئيس فقد كان من المنطقي أنه يمثل اختياراً شائعاً بين قاعدة ترامب الجماهيرية، ونهجه المحسوب والأكثر تقليدية في السياسة الجمهورية، من شأنه تهدئة المحافظين المحايدين والجمهوريين المعارضين تماماً لاستمرار ترامب في الرئاسة.
ومع ذلك، تغيرت تلك المعادلة كثيراً بعد الهجوم على مبنى الكابيتول، وحمَّل ترامب بنس المسؤولية عن هذا الهجوم، بسبب قبوله الأصوات الانتخابية للولايات التي أكدت أنَّ جو بايدن سيكون الرئيس القادم.
وبالنظر إلى مكانه الجديد في معرض الأشخاص الذين يُحمِّلهم ترامب المسؤولية عن خسارته، فقد يعني ذلك أنَّ بنس لديه فرصة ضئيلة أو معدومة للفوز بقاعدة الرئيس الجماهيرية؛ ما يجعل جولة 2024 أكثر صعوبة لنائب الرئيس المنتهية ولايته.
نيكي هايلي
أعلنت سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، أنها بصدد تشكيل لجنة عمل سياسي، التي يشير العديد من المحللين السياسيين إلى أنها مقدمة لخوضها انتخابات الرئاسة في عام 2024. وستمثل هايلي للجمهوريين مرشحاً يمكنه تقويض الحجج الاجتماعية للديمقراطيين التي تركز على تعزيز التنوع.
كان جميع الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب تقريباً، الذين فازوا على المنافسين الديمقراطيين في الانتخابات الأخيرة، إما من النساء أو أصحاب البشرة الملونة، وهي حقيقة قد تقنع الجمهوريين بأنَّ مرشحهم القادم يجب أن يأتي من إحدى تلك التركيبتين السكانيتين.
ومن المرجح أن تجعلها مواقفها المتشددة ضد "الاشتراكية" ودعمها للشركات الصغيرة مرشحة قوية لسد الفجوة بين الجمهوريين التقليديين وقاعدة ترامب الشعبوية. إلى جانب ذلك، نجحت نيكي في أن تصبح واحدة من الشخصيات السياسية القليلة المرتبطة بترامب، التي هربت من إدارة الرئيس دون تشويه صورتها بسبب مزاعمه بتزوير الانتخابات أو الهجوم على الكابيتول.
لاري هوغان – مناهض ترامب
أمضى حاكم ولاية ماريلاند، لاري هوغان، أغلب وقته في عهد ترامب يُصوِّر نفسه على أنه "مناهض لترامب". وبعد أشهر من تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، كتب هوغان افتتاحية لاذعة يشرح فيها كيف تمكن هو وزوجته من تأمين المعدات الطبية للولاية بفضل علاقاتهما مع حكومة كوريا الجنوبية بعدما لم يُعِر ترامب أية اهتمام لمطالبهما بالحصول على المساعدة.
واتخذ الجمهوري هوغان لنفسه موقعاً بين الحزبين. ويشارك الآن في رئاسة منظمة "No Labels" المكونة من الحزبين، التي تعمل على تطوير الأفكار السياسية الوسطية.
وبطبيعة الحال، يُرجَّح أن يواجه هوغان معارضة شرسة من قاعدة ترامب، لكن معارضته الشديدة لقواعد اللعبة الخاصة بترامب قد تسمح له باستعادة المحافظين المعتدلين الذين صوتوا للديمقراطيين في عام 2020 بسبب معارضتهم ترامب.
تيد كروز
إذا اختار كروز الترشح في عام 2024، فمن المحتمل أن يتمكن من حشد جماهير ترامب؛ فقد ظل مخلصاً للرئيس وقاد حملة داخل مجلس الشيوخ للاعتراض على إقرار الكونغرس فوز بايدن.
ومع ذلك، يواجه كروز -وكذلك السيناتور جوش هاولي- نداءات من الديمقراطيين لإقالتهما من منصبيهما. إذ ينظر الديمقراطيون في الكونغرس إلى معارضة كروز وهاولي لنتائج انتخابات 2020 على أنها تواطؤ في الأحداث التي أدت إلى أعمال الشغب في مبنى الكابيتول الأمريكي.
علاوة على ذلك، حَمَل أحد مؤيدي ترامب الذين هاجموا مبنى الكابيتول، وعُثِر بحوزته على أسلحة قنابل نابالم منزلية الصنع وأسلحة غير مُسجَّلة، ملفاً مكتوباً على غلافه أرقام مكاتب كروز في تكساس.
وحتى لو حمل وصمة هجوم الكابيتول في السنوات الأربع المقبلة، فإنَّ كروز لديه تاريخ طويل في الحزب الجمهوري، ومن المرجح أن يتمكن من حشد الجمهوريين التقليديين وقاعدة الحزب الشعبوية في حالة ترشحه. ومع ذلك، سيواجه أيضاً معارضة استثنائية من الديمقراطيين، الذين سيكون لديهم الكثير من الذخيرة لاستخدامها ضده في حال قرر خوض معركة عام 2024.
توم كوتون
السيناتور توم كوتون هو جمهوري متشدد، سيستند في خوضه السباق الانتخابي على مؤهلاته العسكرية، ودعم سيادة القانون والنظام، ويعارض الرؤية "الاشتراكية" التي يفرضها الحزب الجمهوري ضد جميع برامج شبكات الأمان الاجتماعي.
واكتسب كوتون سمعة سيئة خلال الصيف، بعدما كتب افتتاحية في صحيفة The New York Times دعا فيها الجيش الأمريكي إلى الانتشار ضد المتظاهرين المطالبين بالعدالة العرقية في أعقاب وفاة جورج فلويد.
وبالرغم من أنَّ هذه الفكرة كانت شائعة بين داعمي ترامب، من غير الواضح ما إذا كانت شخصية كوتون ستنجح في جذب قاعدة جماهيرية مثلما فعل ترامب.
ويمكن أن يحصل السيناتور على الدعم من الجمهوريين المعتدلين والتقليديين، وربما من المعتدلين ذوي الميول المحافظة، لكن أعضاء مجلس الشيوخ لا يؤدون عادةً أداءً جيداً في الحملات الرئاسية -17 مرشحاً جمهورياً للرئاسة جاءوا من مجلس الشيوخ في المئة عام الماضية- وتنتظر كوتون نفس المعركة الشاقة.
تاكر كارلسون
وصف البعض تاكر كارلسون، صاحب البرنامج الأكثر مشاهدة في شبكة Fox News، بأنه الوريث الطبيعي لإرث ترامب.
وسيدخل كارلسون المعركة بشهرة كبيرة، وقاعدة جماهيرية بناها مسبقاً، ومنصة إعلامية، وتاريخ من الدفاع عن أفعال ترامب، مهما كانت شائنة.
وينخرط مضيف قناة Fox News باستمرار في نوع المعارك الثقافية التي تحرك قاعدة ترامب الشعبوية، مثل انتقاد عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا المستجد، واحتجاجات العدالة العرقية، وتبني الخطاب المناهض للمهاجرين. وادعى أنَّ العنصرية "ليست مشكلة حقيقية في أمريكا"، ودعم مزاعم ترامب بوجود تزوير كبير في الانتخابات.
وبالرغم من ذلك، لم يصدر عن كارلسون أية مؤشرات تدل على نيته الترشح. وبسؤاله، قال: "لا، لن أترشح لأي منصب".
مايك ليندل
إنه أمر غريب وبعيد المنال، لكن الضيف الدائم على شاشة Fox News، مايك ليندل، قد يكون وجهاً محتملاً يجب متابعته حتى عام 2024.
وليندل، صاحب شركة MyPillow للتصنيع، هو أحد أقوى حلفاء ترامب دعماً له في العلن؛ فقد ظهر في العديد من التجمعات وفي القنوات الإخبارية للدفاع عن الرئيس.
وإذا اختار ليندل الترشح، فمن المؤكد أنه سيُواجه بصيحات استياء من الجمهوريين المؤسسين لأنه ليس لديه خلفية في السياسة، ومن المؤكد أن حملته ستكون مجرد مشهد آخر من نظريات المؤامرة والاستعراضات.
ومع ذلك، ينظر المحافظون الشعبويون إلى ليندل على أنه شخص عصامي صاحب عمل ناجح، وكان مخلصاً لترامب، وردّد جميع أهداف السياسة وخطابات الحرب الثقافية التي حشدت قاعدة الرئيس في المقام الأول. وقد يصب افتقاره للخبرة في مصلحته؛ إذ من المرجح أنَّ ثقة قاعدة ترامب الشعبوية في ساسة المؤسسة تراجعت بعد "خيانة" العديد من المشرعين الجمهوريين للرئيس، إما من خلال عدم دعم مزاعم تزوير الانتخابات أو عدم مساندته في 6 يناير/كانون الثاني. والأهم من ذلك، من شبه المؤكد أنَّ ليندل سيحظى بداعم قوي في حملته الانتخابية؛ ألا وهو دونالد ترامب.