كشفت صحيفة The New York Times الأمريكية كواليس أول تسجيل للرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، يوم الأربعاء 13 يناير/كانون الثاني 2021، والذي دعا فيه الأمريكيين إلى الهدوء، وتعهد بمحاسبة المتورطين في حادثة اقتحام الكونغرس الأمريكي بعد قرار مجلس النواب بعزله.
الصحيفة قالت إن خروج ترامب للحديث جاء إثر ضغط شديد من مستشاريه بضرورة الإعلان صراحة عن إدانته لعنف الغوغاء الأسبوع الماضي في مبنى الكابيتول، ولحثِّ أنصاره على الامتناع عن أي أعمال شغب أخرى الأسبوع المقبل.
كواليس أول تسجيل لترامب بعد قرار عزله
كما أن مقطع الفيديو نُشر بعد ساعات من مساءلة ترامب للمرة الثانية خلال ولايته بغرض عزله، فيما أشار مستشارون إلى أن الدافع وراء الفيديو هو إدراك ترامب التداعيات الكارثية لحادث اقتحام الكونغرس، والذي أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل الأسبوع الماضي، وتسبب في خوف المشرعين على حياتهم في مقر الديمقراطية الأمريكية.
مساعدو الرئيس كانوا قد حذروا من احتمال تعرضه لمسؤوليةٍ قانونية عن أعمال الشغب التي ارتكبها أنصاره بعد أن ألقى عليهم خطاباً يحثهم فيه على "القتال" لإلغاء التصديق على نتائج الانتخابات، لا سيما وقد جاءت أولى بوادر ذلك بتصويت مجلس النواب على عزله من جلسة واحدة واتهامه بـ"التحريض على العنف ضد حكومة الولايات المتحدة"، بحسب الصحيفة.
الصحيفة قالت إن عدداً من مستشاري ترامب كانوا قد حثّوه على تصوير الفيديو، وعلى رأس هؤلاء جاريد كوشنر، صهر الرئيس ومستشاره، إلى جانب مساعدين آخرين لترامب، وحتى نائبه مايك بنس، وكلهم أخبروه أن هذه هي الخطوة الصحيحة التي ينبغي اتخاذها. غير أنه بعد تسجيل ونشر الفيديو، لا يزال يتعين طمأنة ترامب، وفقاً لمسؤولين في الإدارة.
من جهة أخرى، جاء إطلاق الفيديو، الذي تم تصويره بعد التصويت بعزل ترامب في مجلس النواب، بعد أن واجهت شركة الرئيس المنتهية ولايته "منظمة ترامب" إلغاءً لعدد من عقودها في نيويورك، وبعد أن أفصح السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، للحلفاء عن دعمه لجهود عزل ترامب التي يبذلها الديمقراطيون وتفكيره في التصويت لصالح إدانة الرئيس في محاكمة مجلس الشيوخ.
وفقاً للصحيفة، فإن أبرز مساعدي ترامب مشاركةً في منطوق الفيديو هو مستشار البيت الأبيض، بات سيبولوني، ومحاميه باتريك فيلبين، بالإضافة إلى كاتب خطابات ترامب الأساسي، ستيفن ميللر.
ترامب يشعر بصدمة كبيرة
وتعود الصحيفة للكشف عن مزيد من الكواليس، فتشير إلى أن ترامب أمضى نهار أمس في مراقبة دورية لوقائع المساءلة التي عقدها مجلس النواب بغرض عزله، وأخبر مستشاريه أنه استشاط غضباً من زعيم الأغلبية الجمهورية، ميتش ماكونيل، وأنه يشعر بصدمة شديدة حيال موقفه. ومع ذلك، فإن غضبه الأكبر انصب على زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، كيفن مكارثي، لإدانته علانية، بحسب ما قاله أشخاص مقربون منه.
من ناحية أخرى، قال أحد مستشاري الرئيس إن علاقته بمحاميه الشخصي، رودولف جولياني، الذي لطالما حرّضه على تصديق نظريات المؤامرة حول تزوير واسع النطاق للانتخابات، قد ضعفت إلى حد كبير.
وقال مستشار ترامب إن الرئيس المنتهية ولايته شعر بالإهانة من مطالبة جولياني بمبلغ 20 ألف دولار في اليوم لتمثيله في المعركة الانتخابية، وهو ما نفى جولياني القيام به، لكن خطاب المطالبة كان مكتوباً، غير أن ترامب طلب من مساعديه عدم الدفع له على الإطلاق، في تأكيدات عدة لما سبق أن أوردته صحيفة The Washington Post في تقرير لها.
مستشار آخر قال إن مسؤولي البيت الأبيض بدأوا في منع مكالمات جولياني لترامب.
في المقابل، قال مسؤول إن ترامب كان يمنح ميداليات التميز لبارزين في مجالاتهم، مثل الفنان توبي كيث، ورئيسة "مؤسسة هيريتيج"، كاي كولي جيمس، في الوقت الذي كان فيه المشرعون يدلون بأصواتهم بشأن العزل. كما أعرب ترامب عن سروره لأن انشقاقات الجمهوريين كانت أقل مما توقعه بعض مساعديه.
مساعدو ترامب يحاولون تجنيبه الأزمة
ترامب لم يكن غاضباً وراء الأبواب المغلقة، بحسب مسؤولين في الإدارة، على الرغم من أنه يرفض حتى الآن الموافقة على خطة من شأنها تخصيص سلسلة من أيام هذا الأسبوع لتسجيل عمله في السنوات الأربع الأخيرة.
إذ ناقش بعض المستشارين إمكانية استقالة ترامب قبل أيام قليلة من انتهاء فترته الرئاسية رسمياً، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن قراراً كهذا سيسمح له بخيار الترشح مرة أخرى في عام 2024، وربما يتجنب بذلك أيضاً خطر إدانته ومنعه من تولي منصب في المستقبل من قبل مجلس الشيوخ.
ومع ذلك، رفض ترامب أي اقتراح بترك الرئاسة مبكراً واستدل لمساعدي البيت الأبيض بحالة الرئيس السابق ريتشارد نيكسون، الذي انتهى تأثيره في الحزب الجمهوري عندما استقال، ولم يعد لديه ما يقدمه، بحسب المصادر.
علاوة على ذلك، قال مستشارون إنهم اضطروا إلى العمل على ثني الرئيس عن فكرة الذهاب إلى قاعة مجلس النواب لمحاولة الدفاع عن نفسه خلال إجراءات المساءلة يوم الأربعاء 13 يناير/كانون الثاني، وهو أمر أراد القيام به خلال أول محاكمة له في ديسمبر/كانون الأول 2019، على حد قول المستشارين.
في غضون ذلك، ترك ترامب الباب مفتوحاً أمام إمكانية إصداره عفواً عاماً عن نفسه، وذلك على الرغم من المخاوف التي أبداها سيبولوني حيال قرار كهذا وتحذيرات مستشارين خارجيين من أن ذلك سيفاقم غضب المحققين الذين يلاحقونه بالفعل.
وفي السياق نفسه، لم يكن ترامب أشد عزلة في أي وقت له في البيت الأبيض مما كان هذا الأسبوع، ووفقاً لأشخاص ذهبوا للعمل هناك يوم الأربعاء 13 يناير/كانون الثاني، فإن البيت الأبيض كان قليل الموظفين، وهؤلاء الذين ذهبوا إلى العمل حاولوا تجنب المكتب البيضاوي.
قرار عزل ترامب
صوَّت مجلس النواب الأمريكي، الأربعاء 13 يناير/كانون الثاني 2021، لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، لصالح بدء إجراءات عزل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، أثناء ولايته الرئاسية، وقبل أيام قليلة من انتهائها في 20 يناير/كانون الثاني الجاري.
وأكدت وسائل إعلام أمريكية أن المجلس صوَّت بالموافقة على بدء إجراءات عزل ترامب، كما أنه أقر بلائحة الاتهام ضده.
المصادر نفسها كشفت أن عشرة جمهوريين انضموا إلى 222 ديمقراطياً في التصويت لصالح مساءلة ترامب وبدء إجراءات عزله، وهي الإجراءات التي أيدها 232 نائباً مقابل 197 في عملية التصويت.
في وقت سابق من الأربعاء، بدأ مجلس النواب الأمريكي التصويت على مساءلة الرئيس دونالد ترامب بتهمة التحريض على التمرد، وذلك بعد أسبوع من اقتحام غوغاء من أنصاره مبنى الكونغرس، في هجوم دامٍ على الديمقراطية الأمريكية.
وبعد إقرار تشريع المساءلة الذي طرحه الديمقراطيون، إثر دعم بعض المشرعين الجمهوريين له، فإن ترامب سيكون أول رئيس أمريكي يتعرض للمساءلة مرتين.
من جانبها، ذكرت وكالة رويترز للأنباء أن "تصويت مجلس النواب لصالح المساءلة يمهد الطريق لمحاكمة ترامب في مجلس الشيوخ بهدف عزله".
وفي سابقة خطيرة بالحياة السياسية الأمريكية، شهدت واشنطن، يوم 6 يناير/كانون الثاني الجاري، مواجهات بين قوات الأمن ومحتجين من أنصار ترامب اقتحموا مبنى الكونغرس، أسفرت عن مقتل 5 أشخاص بينهم ضابط شرطة، واعتقال 52 آخرين.