قامت مجموعة واسعة من الشركات والمؤسسات الأمريكية بمقاطعة ترامب وعلاماته التجارية على خلفية هجوم مناصريه على مقر الكونغرس، كما تسعى الشركات الأخرى المرتبطة بعائلة ترامب، بما في ذلك دويتشه بنك، أكبر بنك إقراض للرئيس، وسيغنتشر بنك، إلى الابتعاد عنه وعن أعماله وفقاً لما نشرته صحيفة New York Times الأمريكية.
المقاطعة هذه جاءت كرد فعل في أعقاب الهجوم المميت على مبنى الكابيتول. كما ألغت الجامعات الأمريكية الدرجات الفخرية التي كانت قد منحتها للرئيس ترامب في السابق، وهدد بعض الجمهوريين البارزين بالانسحاب من الحزب، وأعلنت نقابة المحامين في ولاية نيويورك أنها بدأت التحقيق مع المحامي الشخصي لترامب، رودولف جولياني، مما قد يؤدي إلى إقالته من النقابة.
شركات تقاطع تبرعات سياسية لصالح الجمهوريين
ومع تقديم الديمقراطيين في مجلس النواب لائحة اتهام للرئيس ترامب، أمس الإثنين 11 يناير/كانون الثاني 2021، تعهدت أكثر من اثنتي عشرة شركة كبيرة بحجب تبرعات سياسية معينة.
شركة "كوكا كولا" قالت إنها ستوقف التبرعات من لجنة العمل السياسي التابعة لها، قائلة في بيان إن "هذه الأحداث ستظل في الأذهان لفترة طويلة وستؤخذ في الاعتبار عند اتخاذ قرارات بمنح مساهمات مستقبلية". وقالت سلسلة الفنادق العملاقة "ماريوت" إنها ستوقف التبرعات من لجنة العمل السياسي التابعة لها "لأولئك الذين صوتوا ضد التصديق على الانتخابات"، في إشارة إلى الجمهوريين في الكونغرس الذين انضموا إلى مزاعم ترامب الكاذبة بشأن تزوير الانتخابات.
مؤسسة مورغان ستانلي للخدمات المالية وشركة "أي تي آند تي" للاتصالات قالتا إنهما، أيضاً، ستعلقان المساهمات لهؤلاء المشرعين.
إلا أن الضربة الأكبر لشركات ترامب جاءت الأحد 10 يناير/كانون الثاني 2021، عندما أعلنت رابطة لاعبي الغولف المحترفين الأمريكية أنها ستجرد نادي نيو جيرسي للغولف التابع لترامب من بطولة كبرى بعد أن أعلنت في وقت سابق أنها لن تقيم بطولتها، لعام 2022 في نادي ترامب الوطني للغولف.
تجدر الإشارة إلى أن البطولة نفسها ليست مصدراً رئيسياً للربح، ولكن استضافة حدث معترف به دولياً يعد ذا قيمة كبيرة للتسويق. كما أنه كان سيضفي مزيداً من الشرعية على ترامب وعلامته التجارية، التي تضم 16 نادياً للغولف حول العالم.
تداعيات اقتحام الكونغرس ستكون طويلة الأمد على ترامب
على الجانب الآخر من المتوقع أن يستمر الضرر الذي تتعرض له شركات ترامب في ظل قيام الشركات والصناعات المختلفة بإعادة تقييم علاقتها مع ترامب وشركته العائلية.
فيما قال محللون وأشخاص مطلعون إن تداعيات هجمات الأسبوع الماضي على الكونغرس ستكون أكثر حدة وطويلة الأمد.
أحد الأشخاص قال إن بعض أعضاء نوادي الغولف التابعة للرئيس يعيدون تقييم ما إذا كانوا سيحتفظون بعضويتهم في تلك النوادي بسبب الاحتجاجات المحتملة والتخريب.
وأصبح ذلك الأمر أكثر وضوحاً مساء أمس الإثنين 11 يناير/كانون الثاني 2021 عندما قال مدرب فريق نيو إنجلاند باتريوتس كرة القدم الأمريكية، بيل بيليشيك، إنه سيرفض وسام الحرية الرئاسي بسبب "الأحداث المأساوية التي وقعت الأسبوع الماضي". وكان الرئيس ترامب يخطط لمنح بيليشيك هذا الوسام يوم الخميس 14 يناير/كانون الثاني 2021.
أزمة ترامب مع بنك دويتشه
في نفس الصدد قرر دويتشه بنك، الذي كان المقرض الرئيسي لترامب على مدى عقدين من الزمن، عدم التعامل مع ترامب أو شركته في المستقبل، وفقاً لشخص مطلع على خطط البنك. ويدين ترامب حالياً لدويتشه بنك بأكثر من 300 مليون دولار، وهو مبلغ مستحق في السنوات القليلة المقبلة.
كما يقوم شريك مالي آخر قديم لشركات ترامب، وهو سيغنتشر بنك، بقطع العلاقات مع ترامب. وأصدر البنك- الذي ساعد ترامب في تمويل ملعبه للغولف في فلوريدا وحيث كانت إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس، عضواً في مجلس الإدارة- بياناً دعا فيه ترامب إلى الاستقالة من منصبه كرئيس "من أجل مصلحة الأمة والشعب الأمريكي".
وتواجه شركة ترامب أيضاً تحقيقاً جنائياً من مكتب المدعي العام في مانهاتن، والذي يفحص ما إذا كان الرئيس وشركته قد ارتكبوا أي جرائم مالية أو ضريبية في السنوات الأخيرة.
ومع ذلك فإن مغادرة منصبه في البيت الأبيض تعني أن ترامب لن يواجه بعد الآن قيوداً أخلاقية مثل حظر الصفقات الدولية، مما قد يفتح فرصاً تجارية جديدة. يمكن أن تبحث الشركة عن صفقات جديدة في الأماكن التي يعتقد المسؤولون التنفيذيون للشركة أن ترامب لا يزال يتمتع بشعبية فيها مثل البرازيل والأرجنتين وإسرائيل والسعودية والهند.
ومن المرجح أن يظل بعض العملاء مخلصين لممتلكات ترامب الحالية- لا سيما في الولايات الحمراء أو البنفسجية مثل فلوريدا ونورث كارولينا- بغض النظر عما يفعله الرئيس أو يقوله، أو عدد المرات التي يجري فيها عزله.
حادثة اقتحام الكونغرس
يأتي هذا كله بعد أن شهدت واشنطن، الأربعاء الماضي، سابقة خطيرة بالحياة السياسية الأمريكية، حينما اقتحم مناصرو ترامب مبنى الكونغرس بهدف تعطيل جلسات المصادقة على فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية، فيما أسفرت المواجهات بين قوات الأمن والمقتحمين عن مقتل 5 أشخاص بينهم ضابط شرطة، واعتقال 52 آخرين.
فيما طالبت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، بنس بعزل ترامب أو سيتحرك مجلس النواب لتنفيذ هذا الإجراء.
إلا أن الجمهوريين تمكنوا من عرقلة قرار عزل ترامب بمجلس النواب الأمريكي رغم سعي الديمقراطيين في المجلس إلى الحصول على موافقة لطرح تشريع على الفور، لكن الجمهوريين عرقلوا الخطوة، حسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
فيما قال الرئيس المنتخب جو بايدن الإثنين 11 يناير/كانون الثاني 2021، إن على دونالد ترامب ألا يبقى في منصبه، مشيراً إلى أنه تحدث مع بعض أعضاء مجلس الشيوخ بشأن عزل الرئيس المنتهية ولايته، في ظل تصاعد الدعوات المطالبة برحيله، عقب الاقتحام العنيف الذي قام به أنصاره لمبنى الكونغرس الأمريكي، الأربعاء الماضي.