قالت صحيفة The Times البريطانية، إن ميليشيات مؤيدة للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، أبدت استعدادها "للدفاع عن حريتها"، وذلك في مؤشر على خطورة ما قد تفعله مجموعة القوميين البيض الذين يطلقون على أنفسهم اسم ميليشيات ترامب، الذين شاركوا في اقتحام مبنى الكونغرس يوم الأربعاء 6 يناير/كانون الثاني 2021.
ميليشيات مؤيدة لترامب
الصحيفة أشارت إلى أن اقتحام ميليشيات ترامب وأنصاره المتعصبين لمبنى الكابيتول الأمريكي كان هزةً أرضية سيأتي بعدها زلزال أعنف، حسبما ادعى متظاهرون في أعقاب الهجوم على مبنى الكونغرس.
الصحيفة نقلت عن أحد المتظاهرين، وهو جاي بيريز، الذي سافر من مدينة نيويورك للمشاركة في مسيرة "أوقفوا سرقة الانتخابات" في واشنطن، يوم الأربعاء الماضي، وقال "كانت هذه المظاهرة بمثابة طلقةٍ تحذيرية من جانبنا نحن الشعب".
بيريز أضاف أن "هذه المظاهرة تُظهر أن الناس بدأوا يستيقظون، وهم على استعداد للدفاع عن أمريكا، بغض النظر عما تريده الدولة العميقة لهذا البلد أو دُمى النظام العالمي. إنها الحرب العالمية الثالثة".
وكان من بين المشاركين في اقتحام الكونغرس مجموعات تؤمن بنظريات المؤامرة والمنظّرين لها، إلى جانب متطرفين يمينيين جاءوا من جميع أنحاء البلاد ليُناقشوا ما اعتبروه "فرصتهم الأخيرة لإنقاذ أمريكا".
تعهَّد كثيرون منهم بالعودة إلى مسيرة أخرى مؤيدة لترامب، من المقرر أن تتزامن مع تنصيب جو بايدن رئيساً لأمريكا، يوم 20 يناير/كانون الثاني 2021، وهو الحدث الذي تعهد ترامب نفسه بعد ذلك بالغياب عنه، وفقاً لوكالة رويترز.
تهديد بالقتال
ونقلت الصحيفة البريطانية عن إريك مونشيل، الذي قاد السيارة من ناشفيل بولاية تينيسي مع والدته ليزا أيزنهارت، لحضور المظاهرة، قوله "أردنا أن نظهر أننا على استعداد للنهوض والتضامن والقتال إذا لزم الأمر، مثل أجدادنا الذين أسسوا هذا البلد في عام 1776".
ادعى مونشيل أنه ترك بنادقه وراءه في ولاية تينيسي بسبب القوانين الصارمة المتعلقة بحمل السلاح في واشنطن، لكنه مع ذلك لم يذكر أنه كان يمسك حفنة من القيود البلاستيكية المضغوطة أثناء اقتحام الكابيتول، وفي معدات شبه عسكرية كاملة، بحسب ما أظهرته تسجيلات بعد ذلك، وهذه هي القيود التي تستخدمها الشرطة عادةً لاحتجاز الأفراد.
أدت الصورة إلى تكهنات بأن مثيري الشغب كانوا يخططون لأخذ رهائن، علاوة على أن أعمال الشغب أفضت بالفعل إلى مقتل خمسة أشخاص، منهم ضابط شرطة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وتأييداً لكلام نجلها، قالت والدة مونشيل: "قوى اليسار تسيطر على كل شيء: الإعلام والمنظمات والحكومة. علينا أن ننظم أنفسنا ونُسمع صوتنا، هذا البلد تأسس على الثورة، إذا كانوا يأخذون منا كل الوسائل المشروعة، ولا يمكننا حتى التعبير عن أنفسنا على الإنترنت، ولم يعد لدينا سبيل حتى للتحدث بحرية، فما هي أمريكا إذن؟! أفضل الموت وأنا امرأة تبلغ من العمر 57 عاماً، على العيش في ظل الاضطهاد، أفضل الموت والقتال".
على الجانب الآخر، يخشى محللون سياسيون من أن تصاعد أعمال الشغب، وكذلك تخلي الجمهوريين عن ترامب، قد يدفع حركة "ماغا" MAGA [اختصار لشعار حملة ترامب في انتخابات 2016، وحركة مؤيدة له بعد ذلك، ويعني: اجعلوا أمريكا عظيمةً مرة أخرى] إلى الشروع في مزيد من التحركات.
كان نشطاء الحركة قد بدأوا بالفعل في الترويج لمسيرة مسلحة في ساحة الكابيتول في واشنطن، وفي "كل الكابيتولات الحكومية" الأخرى بالولايات في 17 يناير/كانون الثاني.
علاوة على ذلك، فإن الأمر الأشد إثارة للقلق هو مناقشة القاعدة الجماهيرية المتحمسة لحركة "ماغا" الآن، للعودة إلى واشنطن أثناء قَسَم بايدن ليمين توليه رئاسة البلاد، وفي الزوايا المظلمة لشبكة الإنترنت العنكبوتية، يروج المسلحون لما يُعرف بـ"مسيرة الميليشيا".
لكن مع ذلك، فإن بعض مؤيدي ترامب أعربوا عن خوفهم من احتمال اندلاع "حرب أهلية تُطلق فيها النار على إخوتك وعائلتك"، فيما بدا آخرون متحمسين لفكرة انتفاضات أشد عنفاً.
على إثر ذلك، ومع بدء العد التنازلي لتولي بايدن للرئاسة، سارع المحققون لتعقب مهاجمي الكابيتول، الذين فر معظمهم بسرعة من واشنطن في اليوم التالي للاقتحام.
في الوقت نفسه، تصاعدت تحذيرات خبراء في الجماعات المتطرفة من احتمال تصاعد اشتباكات عنيفة في واشنطن بين موالين لترامب وجماعات يمينية، مثل "براود بويز"، من جانب، ومحرضين يساريين على الجانب الآخر.
أعداد ضخمة من المسلحين
يُعَد تحديد رقم معين لمجموعات الميليشيات المتطرفة في الولايات المتحدة أمراً محفوفاً بالمخاطر نظراً للاتصالات السرية لتلك المجموعات على الإنترنت، لكن صحيفة The New York Times قدَّرت عددهم بما يصل إلى 200 ألف فرد ميليشيا نشط في نحو 300 مجموعة، يتألَّف ربعهم من محاربين قدامى.
وقد يمتد عدد الأمريكيين الذين لهم بعض الانخراط مع الميليشيات بصورة أوسع بكثير. حيث كشف تحقيق استقصائي أجرته مجلة The Atlantic الأمريكية حول مجموعة "Oath Keepers" (حرَّاس القَسَم)، وهي واحدة من أبرز المجموعات، قاعدة بيانات مسربة لحوالي 25000 عضو حالي أو سابق، ثلثاهم من خلفيات عسكرية أو قوات إنفاذ القانون.
لكن وأياً ما كانت الأرقام، فقد تنامت ميليشيات مؤيدة لترامب وأنصار تفوق العِرق الأبيض في أمريكا في السنوات الأخيرة إلى الحد الذي باتت معه تُشكِّل التهديد الإرهابي المحلي الرئيس، حتى بالرغم من محاولة إدارة ترامب التهوين من خطرهم.
ومن الأصعب تحديد رقم فيما يتعلَّق بالمدى الذي ساهم به ترامب في تجريء الميليشيات، ولو أنَّ التشجيع الذي قدَّمه مسألة لا شك فيها بالنسبة لعدد من المسؤولين الأمريكيين، فلم يرفض باستمرار إدانة تلك المجموعات وحسب، بل أبقى على حوارٍ منتظم معها عبر مواقع التواصل الاجتماعي كذلك.