قال عضو في البرلمان الإيراني السبت 9 يناير/كانون الثاني 2021، إن إيران ستطرد مفتشي وكالة الطاقة الذرية ما لم يتم رفع العقوبات عنها بحلول 21 من فبراير/شباط المقبل، وهو موعد نهائي حدده البرلمان الذي يسيطر عليه المحافظون.
كان البرلمان قد أقر قانوناً في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي يلزم الحكومة بوقف عمليات التفتيش التي تجريها وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في المواقع النووية الإيرانية ورفع مستوى تخصيب اليورانيوم عن النسبة المحددة في الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران عام 2015 وذلك إذا لم يتم تخفيف العقوبات.
فيما أقر مجلس صيانة الدستور الإيراني القانون في الثاني من ديسمبر/كانون الأول، وقالت الحكومة إنها ستنفذه.
كما قال النائب البرلماني أحمد أمير عبادي فرحاني "إذا لم يرفع الأمريكيون العقوبات المالية والمصرفية والنفطية بحلول 21 فبراير/شباط، فإننا سنطرد، وبمقتضى القانون، مفتشي وكالة الطاقة الذرية من البلاد بالتأكيد وسننهي التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي".
إيران بدأت تخصيب اليورانيوم إلى مستويات قياسية
قبل التهديد بطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأسبوع، ذكر سفير إيران لدى الوكالة، كاظم غريب أبادي، أن الوكالة التابعة للأمم المتحدة أكدت في تقرير للدول الأعضاء أن الجمهورية الإسلامية بدأت تخصيب اليورانيوم إلى مستوى أعلى مما قامت به منذ دخول اتفاق 2015 مع القوى الكبرى حيز التنفيذ.
قال غريب أبادي على تويتر "ذكر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم أن الوكالة أكدت أن أسطوانة تحتوي على 137.2 كيلوغرام من اليورانيوم (المخصب بنسبة) تصل إلى 4.1% جرى توصيلها بخط التغذية وأن إنتاج سادس فلوريد اليورانيوم المخصب حتى 20% قد بدأ".
كان غريب أبادي يشير إلى مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي والنشاط في موقع فوردو الإيراني الجبلي.
إذ عمدت إيران في الآونة الأخيرة إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل
إلى 4.5%، وهي أعلى من 3.67% التي يسمح بها الاتفاق، وقالت إنها تخطط للتخصيب إلى درجة نقاء تبلغ 20% التي وصلت إليها قبل الاتفاق.
الأمر الذي دفع أمريكا لتوجيه انتقادات لإعلان إيران البدء في عملية تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20%، قائلة إن ذلك من أشكال "الابتزاز النووي".
قال متحدث باسم وزارة باسم الخارجية الأمريكية شريطة عدم الكشف عن اسمه "تخصيب إيران لليورانيوم إلى نسبة 20% في فوردو محاولة واضحة لتعزيز حملتها للابتزاز النووي، وهي محاولة مآلها الفشل المستمر".
كما وجهت بريطانيا وفرنسا وألمانيا تحذيراً لإيران من أن قرارها استئناف تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 20% يهدد بتبديد آمال العودة إلى الدبلوماسية عندما تتولى إدارة أمريكية جديدة مهامها هذا الشهر.
هل أصبحت العودة للاتفاق النووي مستحيلة؟
بعد انسحاب ترامب بشكل منفرد من الاتفاق النووي عام 2018 وإعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران، وبدء طهران التخلي عن التزاماتها بموجب الاتفاق طبقاً لبنوده، كان الشركاء الآخرون في الاتفاق وهم بريطانيا وفرنسا وألمانيا ومعهم روسيا والصين يحاولون الحفاظ على الاتفاق، وبذلك لا يزال الاتفاق النووي قائماً من الناحية القانونية.
بعد الانتخابات الأمريكية التي أُجريت 3 نوفمبر/تشرين الثاني، وخسارة ترامب، بات واضحاً أن بايدن سيعمل على إعادة بلاده إلى الاتفاق مرة أخرى، رغم صعوبة المهمة في ظل التطورات التي شهدها العامين الماضيين، لكن تطورات الأيام الأخيرة ربما تكون جعلت من تلك المهمة شبه مستحيلة بالفعل.
فالرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته جواد ظريف- من توصلا للاتفاق في المقام الأول- يواجهان انتقادات حادة من جانب المتشددين في طهران، ومع اغتيال فخري زادة واتخاذ مجلس تشخيص مصلحة النظام قرارات طرد مفتشي وكالة الطاقة الذرية ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20%، أصبح موقف روحاني أكثر ضعفاً.
شروط جديدة قبل العودة للمفاوضات
بالتالي فإن أي محاولات لجعل إيران تقبل إعادة التفاوض وإضافة بنود جديدة للاتفاق تشمل التخلص من برنامج الصواريخ الباليستية، أو جعل مدة الاتفاق أطول مما كان متفقاً عليه (10 سنوات)، كما تريد السعودية على لسان وزير خارجيتها، سيكون من شبه المستحيل أن توافق عليها حكومة الرئيس روحاني.
بايدن أيضاً سيواجه ضغوطاً هائلة من جانب اللوبي الإسرائيلي داخل واشنطن، ولن يكون بمقدوره بحسب مراقبين، الموافقة على شروط إيران، وهي رفع العقوبات التي فرضها ترامب بشكل مباشر، وكذلك دفع تعويضات مليارية لإيران عما سببته تلك العقوبات من أضرار.
بالتالي ربما يكون الاتفاق النووي الإيراني أصبح بالفعل في حكم الميت إكلينيكيا، وربما تكون هذه النقطة هي العامل الذي شجع السعودية على أن تضع شروطها أخيراً على الطاولة.