قالت صحيفة The Times البريطانية، الجمعة 8 يناير/كانون الثاني 2021، إن تقارير من منطقة غرب إفريقيا، ذكرت أن وفاة ما لا يقل عن 20 شخصاً في حفل زفاف في مالي، ربما نجمت عن غارة فرنسية وقعت عن طريق الخطأ.
غارة فرنسية تثير الشكوك
الصحيفة أشارت إلى أن منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقريراً صادراً عن منظمة أطباء بلا حدود الخيرية، زادت من الشكوك بأن القنابل التي سقطت على حفل زفاف في قرية بالقرب من بلدة بونتي، وسط مالي، ظهيرة الأحد 3 يناير/كانون الثاني 2021، ربما كان مصدرها قاذفة قنابل فرنسية، كانت "تقصف الجهاديين" في منطقة قريبة في الوقت نفسه.
كان قرويون من طائفة الفولاني، قد قالوا إن الزفاف تعرض لهجوم بمروحية وتسبب في مقتل 20 مدنياً على الأقل، كما نُشرت قائمة تضم أسماء 18 ضحية في حفل زفاف العروسين علاي وإيساتا على وسائل التواصل الاجتماعي.
كان من بين الذين نُشرت أسماؤهم يوم الخميس الفائت، أطفال و13 شخصاً كانوا فوق سن الأربعين.
تزامنت الشكوك حول دور فرنسا بقتل المدنيين، مع نفي من وزارة الدفاع في مالي، يوم الخميس الفائت، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.
الوزارة نفت ما اعتبرته "ادعاءات متزايدة عن أن ضربة جوية فرنسية أدت لمقتل مدنيين كانوا يحضرون حفل زفاف"، مؤكدة أن "الضربة لم تستهدف سوى إسلاميين متشددين"، في حين لا تزال الملابسات الدقيقة للضربة غير واضحة.
إلا أن علي باري المتحدث باسم جمعية شعب الفولاني، الذي زار الموقع وتحدث إلى الناجين، قال إن "القنبلة الأولى أصابت 16 شخصاً تحت شجرة، وأردتهم قتلى في الحال. والثانية تسببت في مقتل اثنين آخرين تحت شجرة أخرى".
أضاف باري في تصريح لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، أن انفجاراً ثالثاً وقع لكنه لم يسفر عن سقوط قتلى. وقال: "التأثير على الأرض ما يزال واضحاً".
معلومات متضاربة
بعد يومين من مزاعم القيادات العسكرية الفرنسية في المنطقة، التي يقاتل بها 5000 جندي فرنسي عدداً من الميليشيات، بوقوع خطأ فادح، قالت يوم الثلاثاء الفائت إن طائرات مقاتلة تسببت في مقتل عشرات الجهاديين في وسط مالي ظهيرة يوم الأحد.
من جانبها، قالت منظمة "أطباء بلا حدود"، التي تعمل في منطقة دوينتزا/هومبوري، إنها عالجت ثمانية أشخاص أصيبوا بشظايا في قريتين، بعد الهجوم المميت على حفل الزفاف، ولم تتمكن من تأكيد مزاعم الجيش بوجود ضربتين منفصلتين.
في هذا السياق، قال خوان كارلوس كانو، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في مالي: "لسنا واثقين من أن هجومين قد وقعا، أو من انتقال جرحى من قرية إلى أخرى". وقالت المؤسسة الخيرية إن الجرحى كانوا مصابين بأعيرة نارية وجروح غائرة في البشرة ناجمة عن انفجارات.
أما المتحدث باسم القيادة العسكرية الفرنسية في باريس، فريديريك باربري، فقال إن إحداثيات الضربة الفرنسية كانت في نفس موقع بونتي، المكان الذي أصيبت فيه مجموعة الزفاف، بحسب صحيفة Libération.
فيما بعد خرجت حكومة مالي عن صمتها، ودعمت الرواية الفرنسية لأحداث يوم الأحد، وقالت: "لم تُظهر المناطق المحيطة المرصودة أي مشهد زفاف، أو أطفال أو نساء. وجميع المعلومات التي كانت ترد في وقتها أوضحت أن الأهداف المصابة كانت أهدافاً عسكرية مؤكدة". لكنها أضافت أن الوزارة تحقق في الحادث.
قوات فرنسا في مالي
وكانت قوّة برخان الفرنسيّة التي تقاتل "جهاديين" في منطقة الساحل، وجَّهت ضربة جديدة في مالي قبل يوم من شنها لضربات جوية، وخسرت جنديّاً وجندية من عناصرها في هجوم بعبوة ناسفة، وذلك بعد مقتل ثلاثة جنود في ظروف مماثلة قبل أيام.
بمقتل الجنديَّين، يرتفع إلى خمسين عدد الجنود الفرنسيّين الذين قُتلوا في منطقة الساحل منذ 2013 في عمليّتَي سيرفال وبرخان المناهضتين للجهاديّين، بحسب ما أوضحت أركان الجيش، ونقلت عنها وكالة الأنباء الفرنسية.
تنتشر قوة برخان الفرنسية التي ارتفع عديدها عام 2020 إلى 5100 جندي مع تعزيزها بـ600 عنصر، في خمس دول من منطقة الساحل حيث تواجه جماعات جهادية إلى قوة من مجموعة دول الساحل الخمس تضم جنوداً من موريتانيا وتشاد ومالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وفي مواجهة استمرار العنف بالإضافة إلى النزاعات الإثنية، لا تستبعد السلطات الانتقالية في مالي الدخول في مفاوضات مع الجماعات المسلحة، وهو ما فعله قبلها الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا الذي أطاح به انقلاب في أغسطس/آب 2020.