تحتفل إسرائيل بتطعيم أكثر من عُشر سكانها بمن فيهم ساكنو المستوطنات، بينما ما زال الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة عاجزين عن الوصول للقاح فيروس كورونا، ولا يمكنهم سوى المشاهدة والانتظار.
بحسب صحيفة The Guardian البريطانية الأحد 3 يناير/كانون الثاني 2021، فإن حملة التطعيم التي تسير على قدم السرعة في إسرائيل تكشف عن مثال واضح عن عدم التكافؤ الذي يشهده العالم، إذ تسارع الدول الغنية لحجز كميات ضخمة من اللقاحات، في حين تقف الدول الفقيرة أمام عجز كبير.
تشير الصحيفة إلى أن إسرائيل تنقل دفعاتٍ من لقاح كورونا في عمق الضفة الغربية، لتُوزَّع على المستوطنين اليهود، في حين يعاني 2.7 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة من تفشٍّ كبير للفيروس، في الوقت الذي من الغالب أنهم سيضطرون للانتظار شهوراً قبل وصول اللقاح إليهم.
محمود الكيلاني، 31 عاماً، مُدرِّبٌ رياضي من مدينة نابلس قال للصحيفة: "لا أعرف كيف، ولكن يجب أن تكون هناك طريقةٌ لجعلنا أولوية أيضاً. من يهتم بنا؟ لا أعتقد أن أيَّ شخصٍ يجيب عن هذا السؤال".
حملة إسرائيلية ضخمة
بعد أسبوعين من حملة التطعيم، تقدِّم إسرائيل أكثر من 150 ألف جرعة في اليوم، أي جرعات أوَّلية لما يصل إلى مليون من سكَّانها البالغ عددهم 9 ملايين- وهي أعلى نسبة من السكَّان مقارنةً بأيِّ مكانٍ آخر، بحسب الصحيفة.
فيما أُنشِئت مراكز اللقاحات في الملاعب الرياضية والساحات المركزية، ويحظى بالأولوية الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً، والعاملون في مجال الرعاية الصحية، ومُقدِّمو الرعاية، والسكَّان المُعرَّضون لمخاطر عالية.
من جانبه، أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإسرائيليين أن البلاد قد تكون أول من يخرج من الجائحة.
ضائقة مالية على الجانب الآخر
في غضون ذلك، تسارع السلطة الفلسطينية، التي تعاني ضائقةً مالية، والتي تحافظ على حكمٍ ذاتي محدود، من أجل الحصول على اللقاحات. وطرح أحد المسؤولين، ربما ببعض التفاؤل، أن الجرعات قد تصل في غضون الأسبوعين المقبلين.
مع ذلك حين سُئِلَ عن إطارٍ زمني، قدَّرَ علي عبد ربه، مدير عام ديوان وزارة الصحة الفلسطينية، أن اللقاحات الأولى ستصل على الأرجح في فبراير/شباط.
سيكون ذلك من خلال شراكة "كوفاكس"، التي تقودها منظمة الصحة العالمية وتهدف إلى مساعدة البلدان الفقيرة، والتي تعهَّدَت بتلقيح 20% من الفلسطينيين. ومع ذلك، فإن اللقاحات المُخصَّصة لشراكة "كوفاكس" لم تحصل بعد على موافقة "الاستخدام الطارئ" من قِبَلِ منظمة الصحة العالمية، وهو شرطٌ مُسبَّق لبدء التوزيع.
قال جيرالد روكينشوب، رئيس مكتب منظمة الصحة العالمية في القدس، إن توافر اللقاحات من شراكة "كوفاكس" للتوزيع في الأراضي الفلسطينية قد يكون "من أوائل إلى منتصف العام 2021".
ومن المُتوقَّع أن تأتي الجرعات المتبقية من خلال صفقاتٍ مع شركات أدوية، لكن يبدو أنه لم يتم التوقيع على أيٍّ منها حتى الآن.
إسرائيل ترفض التعاون
ورغم التأخير، لم تطلب السلطة الفلسطينية رسمياً المساعدة من إسرائيل، حيث يتوقف التنسيق بين الجانبين العام الماضي بعد أن قَطَعَ الرئيس الفلسطيني العلاقات الأمنية لعدة أشهر.
لكن عبد ربه قال إن "جلساتٍ" قد عُقِدَت مع إسرائيل، وقال: "حتى هذه اللحظة لا يوجد اتفاقٌ ولا يمكننا القول إن هناك أيَّ شيءٍ عملي على الأرض في هذا الصدد".
وأشار مسؤولون إسرائيليون إلى أنهم قد يقدِّمون لقاحاتٍ فائضة للفلسطينيين، ويزعمون أنهم ليسوا مسؤولين عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
الأسرى كذلك في خطر
وفي إطار المسؤولية الإسرائيلية، طالبت لجنة فلسطينية، الأحد، منظمة الصحة العالمية، بالضغط على إسرائيل من أجل إدخال لقاح فيروس كورونا للأسرى الفلسطينيين داخل السجون.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية، بينها القناة الـ7 (خاصة)، قد قالت إن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أمير أوحانا، أصدر تعليماته في 26 ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى مصلحة السجون بعدم منح الأسرى لقاح كورونا.
"لجنة الأسرى" التابعة لتجمع "القوى الوطنية والإسلامية" في غزة قالت إن "هناك حالة من الخوف والقلق على حياة الأسرى، في ظل انتشار كورونا بشكل سريع داخل السجون، في ظل عدم وجود وسائل وقائية ولا مستلزمات علاجية، إلى جانب منع دخول الأطباء والمختصين، وعدم السماح بإدخال لقاحات كورونا إلى داخل السجون".
ووفق نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي)، يبلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين المصابين بفيروس كورونا في السجون الإسرائيلية 171.
وتعتقل إسرائيل في سجونها نحو 4400 أسير فلسطيني، بينهم 40 سيدة، فيما بلغ عدد المعتقلين الأطفال قرابة 170، والمعتقلين الإداريين (دون تهمة) نحو 380، وفق بيانات فلسطينية رسمية.