حلَّ قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، الجنرال إسماعيل قاآني بالعراق، في الأيام القليلة الماضية، ووصفت بعض وسائل الإعلام الايرانية، أن الزيارة علانية، وموعدها كان محدداً سلفاً.
على عكس ذلك كشف مصدر مقرب من الحرس الثوري الإيراني لـ"عربي بوست"، أن "حلول الجنرال إسماعيل قاآني بالعراق، جاء بدون ترتيب مسبق، وكان قبل موعد الزيارة الذي ذُكر فى وسائل الإعلام سواء العراقية أو الإيرانية، وذلك عندما طلب الكاظمي من قاآني استعجال الزيارة".
استهداف الأصول الأمريكية
تعرضت السفارة الأمريكية ببغداد، والقوات الأمريكية بالعراق، في الآونة الأخيرة إلى عدة هجمات صاروخية، من قبل فصيل عصائب أهل الحق، أحد الفصائل المسلحة الشيعية المدعومة من إيران.
ورفض قيس الخزعلي، قائد فصيل عصائب أهل الحق الالتزام بالهدنة، التي أعلنتها كتائب حزب الله العراقية، بعدم استهداف القوات الأمريكية في العراق، هذه الهدنة التي حظيت بمباركة إيرانية، رغبة من طهران في تجنب أي استفزاز للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل تركه المنصب فى منتصف يناير/ كانون الثاني 2021.
وبالرغم من إيصال رسائل إيرانية إلى فصيل عصائب أهل الحق، بضرورة التراجع عن موقفهم الأخير، وعدم التمرد على ما اتفقت عليه جميع الفصائل الأخرى، إلا أن الفصيل استمر في الهجوم على القوات الأمريكية.
مصدر مقرب من رئيس الوزراء العراقي، مصطفي الكاظمي قال لـ"عربي بوست": "بعد الهجوم الأخير على السفارة الأمريكية، تلقى الكاظمي تهديداً مباشراً من مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، بالرد الحاسم على الفصائل العراقية".
وبحسب المصدر ذاته فإن "بومبيو أخبر مصطفى الكاظمي في مكالمة هاتفية غير معلنة، بإصرار الرئيس الأمريكي على الانتقام من الفصائل المسلحة العراقية، جراء استهداف الأصول الأمريكية بالعراق، الأمر الذي عجل بحلول الجنرال إسماعيل قاآني بالعراق".
وأضاف المصدر قائلاً: "أبلغ بومبيو الكاظمي بأنه إذا لم يتحرك سريعاً لوقف هذه الهجمات، سيتم استهداف كافة مقرات هذه الأحزاب، وسيتم أيضاً إغلاق السفارة الأمريكية في بغداد، دون رجعة في هذا القرار".
وأدانت وزارة الخارجية الإيرانية، لأول مرة، الهجمات على السفارة الأمريكية بالعاصمة العراقية بغداد.
مصدر حكومي مقرب من رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، قال لـ"عربي بوست" إن "الكاظمي تواصل مع طهران لوضع حدٍ لهذه الأزمة، وطلب من الجنرال إسماعيل قاآني زيارة العراق لإقناع عصائب أهل الحق بالتوقف عن الهجمات الصاروخية".
الجنرال إسماعيل قاآني بالعراق
حلَّ الجنرال إسماعيل قاآني بالعراق، بصحبة وفد من المخابرات الإيرانية، والتقى بالكاظمي فى مكتبه بالمنطقة الخضراء ببغداد.
يقول مصدر مطلع على تفاصيل الاجتماع بين الطرفين لـ"عربي بوست" إن "قاآني أبلغ الكاظمي بأن طهران ترفض هذه الهجمات الأخيرة بشدة على الأصول الأمريكية، وأنها سوف تتخذ اللازم لوقف هذه الهجمات، حتى لو تطلب الأمر ثني عصائب أهل الحق بالقوة".
وأثناء تواجد الجنرال إسماعيل قاآني بالعراق، حل قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني ببيت هادي العامري، رئيس منظمة بدر الموالية لإيران، للاجتماع بقادة الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة.
يقول مصدر من الجانب العراقي، مطلع على هذا الاجتماع، لـ"عربي بوست إن "قاآني أبلغ كافة قادة الفصائل المسلحة بلهجة شديدة، بأن عدم استهداف الأصول الأمريكية، أمر وليس طلباً من طهران، ويجب على الجميع الالتزام به".
وبحسب المصدر نفسه، فإن قيس الخزعلي، قائد فصيل عصائب أهل الحق، رفض الالتزام بالهدنة وبأوامر الجنرال قاآني، واعتبره تدخلاً إيرانياً فات حده.
تمرد عصائب أهل الحق
ووسط هذا التوتر، وقبل حلول الجنرال إسماعيل قاآني بالعراق، ألقت القوات الأمنية العراقية القبض على قيادي بارز فى فصيل عصائب أهل الحق، ولكنها لم تذكر اسمه، وبحسب مصدر أمني عراقي كشف لـ"عربي بوست"، أن القيادي الذي تم إلقاء القبض عليه، هو المسؤول عن إطلاق الصواريخ على السفارة الأمريكية.
وقال سياسي عراقي شيعي بارز لـ"عربي بوست" إن "القبض على القيادي في عصائب أهل الحق، جاء بعد إعطاء طهران الضوء الأخضر، في محاولة لترويض قيس الخزعلي، وخوفاً من التهديد الأمريكي".
وبعد أقل من عدة ساعات، هددت عصائب أهل الحق، بمحاصرة المقار الأمنية العراقية، في سبيل الضغط للإفراج عن القائد المعتقل، وبالرغم من نفي المسؤولين الأمنيين لهذا الأمر في وسائل الإعلام، إلا أن "عربي بوست" حصل على وثيقة، تتضمن عكس ما أشيع في وسائل الإعلام.
مصدر أمني عراقي، أكد لـ"عربي بوست"، أمر محاصرة أعضاء عصائب أهل الحق لبعض المقار الأمنية قائلاً: "تواصلت المخابرات العراقية، مع عدد من قادة الفصائل المسلحة، وتم الاتفاق على تسليم معتقل عصائب أهل الحق إلى قوات أمن الحشد العشبي، مقابل سحب الفصيل لأعضائه من الشوارع".
يقول السياسي الشيعي العراقي لـ"عربي بوست" إن "رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبوالفدك، تواصل مع السفير الإيراني في بغداد، لإيجاد حل لأزمة عصائب أهل الحق، خاصة بعد تهديد أعضائها بمهاجمة المقار الأمنية، ووجدوا أنه من الأفضل تسليم المعتقل إلى قوات أمن الحشد، لتولي التحقيق معه".
وبحسب السياسي العراقي، فإن كتائب حزب الله، وطهران، وجدوا أنه لا يمكن التساهل مع عصائب أهل الحق في مخالفتها للأوامر التي التزمت بها كافة الفصائل المسلحة الموالية لإيران، وفي نفس الوقت لا يريد أحد تصاعد التوتر بين الفصيل المتمرد وباقي الفصائل، في ذلك التوقيت الحساس.
يقول السياسي الشيعي العراقي، المقرب من الفصائل المسلحة الموالية لإيران، لـ"عربي بوست" إن "طهران تخشى بشدة انتقام ترامب، خاصة أنه عاد للتهديد مرة أخرى، بمحاسبة إيران إذا قُتل أي أمريكي فى العراق، لذلك لا تريد أي حماقة تشعل الأمور".
الكاظمي: لن نسمح بمغامرة أخرى
بعدما حدث ليلة أمس من تهديد عصائب أهل الحق، ومن بعدها تسليم القائد المعتقل إلى أمن الحشد الشعبي، كتب قيس الخزعلي قائد العصائب، على تويتر، واصفاً الاعتقال بأنه تهمة كيدية قائلاً: "جرت معالجة هذه الأزمة بالعقل والحكمة، لكن في نفس الوقت نؤكد على حق المقاومة في إنهاء تواجد القوات العسكرية الأمريكية".
وكان قبلها، قد قام رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي بجولة ليلية، لتفقد الأمور الأمنية في العاصمة بغداد، بعد تهديد عصائب أهل الحق، قائلاً إنه لن يسمح بمغامرة جديدة، تهدد أمن العراق.
يقول السياسي العراقي المقرب من الفصائل المسلحة لـ"عربي بوست" إن "الكاظمي لم يستطِع مواجهة الفصائل المسلحة، الأمر خارج عن سيطرته، فبمجرد تهديد من العصائب، انصاع لطلباتهم، وسلم على الفور القائد المعتقل إلى أمن الحشد الشعبي".