من أجل محاولة تبديد بعض المخاوف من احتمالية تراجع الإدارة الأمريكية الجديدة عن الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، أعلن ديفيد فيشر، سفير الولايات المتحدة بالرباط، أن اعتراف الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بمغربية الصحراء سيظل "قائماً" مع إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن.
حيث قال فيشر، في مقابلة مع موقع "هسبريس" المغربي (مستقل): "أعتقد أن الإعلان الذي وقَّع عليه الرئيس دونالد ترامب سيظل قائماً، وستكون لدينا علاقة اقتصادية دافئة ورائعة، سواء من خلال الإدارة الجمهورية أو الديمقراطية".
وكان وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، قد حثَّ، أمس الخميس 24 ديسمبر/كانون الأول 2020، إدارة بايدن على الحفاظ على الصفقة التي أبرمها ترامب، في وقتٍ سابق من هذا الشهر.
ووسائل الإعلام، وفقاً للسفير الأمريكي بالرباط، هي "الوحيدة" التي تشير لتراجع إدارة بايدن عن الاعتراف بمغربية الصحراء.
إذ أكد السفير الأمريكي بالرباط أن لديهم علاقات مع المغرب منذ عام 1777 من خلال الديمقراطيين والجمهوريين، مضيفاً: "ما يحدث اليوم يجعل العالم أكثر أماناً، ونحن بحاجة إلى شراكة بين إسرائيل والمغرب ودول أخرى".
و"اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه خطوة كبيرة للغاية، وهذا يعني الكثير"، يقول فيشر.
الدبلوماسي الأمريكي يواصل محاولاته لطمأنة "المتخوفين" بقوله إنهم اعترفوا بمغربية الصحراء، ودافعوا عن ذلك بين أصدقائهم، وسيتحدث عن ذلك أيضاً مع شركائهم في المستقبل.
إلا أنه استدرك قائلاً: "لكننا ما زلنا نؤمن بإشراف الأمم المتحدة على النزاع لإيجاد حل له، ونحن ندعم تعيين مبعوث جديد ونؤيد تلك الخطوات".
يُشار إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لم يعلن حتى الآن ترحيبه بالاتفاق، لكنه لم ينتقده أيضاً.
تدشين وجود دبلوماسي أمريكي في الصحراء الغربية
وأعلنت الولايات المتحدة، الخميس 24 ديسمبر/كانون الأول 2020، بدء عملية إنشاء قنصلية أمريكية في إقليم الصحراء، المتنازع عليه بين المغرب وجبهة البوليساريو، تنفيذاً للوعد الذي صاحَب اعتراف الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، بسيادة المغرب على "الصحراء الغربية".
وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الذي أعلن الخبر، كتب على صفحته في موقع تويتر: "يسعدني الإعلان عن بدء عملية إنشاء قنصلية أمريكية في الصحراء الغربية، وافتتاح وجود افتراضي يدخل حيز التنفيذ فوراً".
كما أضاف وزير الخارجية الأمريكي أن واشنطن تسعى إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بإشراك شعوب المنطقة.
وكان ترامب قد أعلن، في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، اتفاق المغرب وإسرائيل على تطبيع العلاقات بينهما، وهي الخطوة التي أثارت جدلاً ورفضاً واسعاً، خاصة أن حزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي في المغرب، ذو مرجعية إسلامية.
ترامب في اليوم ذاته أخبر الملك محمد السادس أنه أصدر مرسوماً رئاسياً، بما له من قوة قانونية وسياسية ثابتة، وبأثره الفوري، يقضي باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية، لأول مرة في تاريخها، بسيادة المملكة الكاملة على منطقة الصحراء المغربية كافة.
كما أضاف أنه وكأول تجسيد لهذه الخطوة السيادية المهمة، قررت الولايات المتحدة فتح قنصلية في الصحراء الغربية بمدينة الداخلة، تقوم بالأساس بمهام اقتصادية؛ من أجل تشجيع الاستثمارات الأمريكية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما لفائدة ساكِنة الأقاليم الجنوبية.
وفي المقابل أعلنت الرباط عزمها استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل "في أقرب الآجال"، مُعتبرة الأمر ليس تطبيعاً، وإنما استئناف لعلاقات رسمية تم تجميدها عام 2002.
وبدأ المغرب علاقات مع إسرائيل على مستوى منخفض عام 1993، بعد توقيع اتفاقية "أوسلو" بين منظمة التحرير الفلسطينية وتل أبيب، لكن الرباط جمَّدت تلك العلاقات عام 2002، في أعقاب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى).
وأصبح المغرب الدولة المغاربية الوحيدة التي تقيم علاقات مع إسرائيل، وهو ما يعتبره مراقبون اختراقاً إسرائيلياً لافتاً لمنطقة المغرب العربي، التي تضم أيضاً الجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا.
كما أصبح المغرب رابع دولة عربية توافق على التطبيع مع إسرائيل، خلال 2020، بعد الإمارات والبحرين والسودان.
ومن قبل تلك الدول العربية، يرتبط الأردن ومصر باتفاقيتي سلام مع إسرائيل، منذ 1994 و1979 على الترتيب.