أعلنت الولايات المتحدة، الخميس 24 ديسمبر/كانون الأول 2020، بدء عملية إنشاء قنصلية أمريكية في إقليم الصحراء، المتنازع عليه بين المغرب وجبهة البوليساريو، تنفيذاً للوعد الذي صاحَب اعتراف الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، بسيادة المغرب على "الصحراء الغربية".
وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الذي أعلن الخبر، كتب على صفحته في موقع تويتر، الخميس: "يسعدني الإعلان عن بدء عملية إنشاء قنصلية أمريكية في الصحراء الغربية، وافتتاح وجود افتراضي يدخل حيز التنفيذ فوراً".
كما أضاف وزير الخارجية الأمريكي، أن واشنطن تسعى إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بإشراك شعوب المنطقة.
إذ كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أخبر الملك محمد السادس في 10 ديسمبر/كانون الأول، بأنه أصدر مرسوماً رئاسياً، بما له من قوة قانونية وسياسية ثابتة، وبأثره الفوري، يقضي باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية، لأول مرة في تاريخها، بسيادة المملكة الكاملة على منطقة الصحراء المغربية كافة.
كما أضاف أنه وكأول تجسيد لهذه الخطوة السيادية المهمة، قررت الولايات المتحدة فتح قنصلية في الصحراء الغربية بمدينة الداخلة، تقوم بالأساس بمهام اقتصادية؛ من أجل تشجيع الاستثمارات الأمريكية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما لفائدة ساكِنة الأقاليم الجنوبية.
قنصلية في الصحراء الغربية بعد الاعتراف بالسيادة
الخطوة الأمريكية تأتي بعد يومين على وصول مبعوثين إسرائيليين إلى المغرب؛ للقاء الملك محمد السادس ووضع أسس روابط أوثق صاغها البيت الأبيض، في دفعة للسياسة الخارجية من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أن يترك منصبه.
كان الوفد الإسرائيلي بقيادة مستشار الأمن القومي مئير بن شبات وبرفقة جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي ومهندس عمليات التقارب العربي الإسرائيلي.
وصلوا على متن طائرة لشركة العال الإسرائيلية، في أول رحلة مباشرة لطائرة تجارية من تل أبيب إلى الرباط. ويتوقع البلدان زيادة النشاط السياحي، لاسيما وسط مئات الآلاف من الإسرائيليين ذوي الأصول المغربية.
ماذا "ربح" المغرب من تطبيع علاقته مع إسرائيل؟
حصل شركاء إسرائيل الجدد على مزايا ثنائية من واشنطن، وفي حالة الرباط، اعترفت الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
إذ قال القصر الملكي المغربي في بيان، عقب محادثات بين العاهل المغربي وبن شبات وكوشنر، إن الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة يمثل تطوراً كبيراً لصالح السلام والاستقرار في المنطقة.
كما أكد القصر أيضاً موقفه الداعم لحل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وسلط الضوء على "العلاقات الوثيقة" مع الجالية اليهودية في المغرب.
فيما وقَّع مسؤولون مغاربة وإسرائيليون اتفاقات بشأن ربط الطيران والنظم المالية، وإعفاءات التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية، وإدارة المياه.
إذ قال بن شبات وهو يتحدث العربية باللهجة المغربية: "لا حدود للتعاون… في الطيران والابتكار والصحة والزراعة. بصفتنا أصدقاء وشركاء سنُحدث تغييراً في المنطقة". وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه دعا الملك محمد السادس إلى زيارة إسرائيل.
استثمارات بقيمة 3 مليارات دولار
جرى التوقيع على اتفاق ستقدم بموجبه مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية 3 مليارات دولار لدعم الاستثمارات الخاصة في المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء بالشراكة مع الشركات المغربية.
فيما يصف مسؤولون مغاربة اتفاقهم مع إسرائيل بأنه استعادة لعلاقات متوسطة المستوى جمَّدتها الرباط عام 2000 تضامناً مع الفلسطينيين، الذين يسعون لإقامة دولة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.
قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، للصحفيين، إن إسرائيل والمغرب يعتزمان إعادة فتح مكتبَي الاتصال في غضون أسبوعين، وتدشين رحلات جوية تجارية مباشرة.
كما رحبت الأحزاب السياسية المغربية الرئيسية باستئناف العلاقات مع إسرائيل خاصة بعد إعلان سيادة المغرب على الصحراء الغربية، لكن رفضته جماعات من أقصى اليسار والجماعات الإسلامية.
رداً على سؤال عما إذا كان البلدانِ سيقيمان علاقات دبلوماسية كاملة قبل ترك ترامب منصبه الشهر المقبل، قال وزير المخابرات الإسرائيلي إيلي كوهين، لتلفزيون "واي نت": "ما أفهمه هو أن احتمالات ذلك ليست كبيرة".
كما نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة، السبت 12 ديسمبر/كانون الأول، أن إدارة ترامب أرسلت إخطاراً للكونغرس بمضيها قدماً في بيع طائرات مسيرة وأسلحة موجّهة بدقة، بقيمة قد تصل إلى مليار دولار للمغرب، وذلك بعد إعلان البيت الأبيض سيادة الرباط على إقليم الصحراء الغربية، والتوصل لاتفاق التطبيع بين المغرب وإسرائيل.
وبحسب مصادر رويترز، فإن الصفقة التي تعد لها إدارة ترامب تشمل أربع طائرات مسيرة من طراز "إم كيو-9بي سي جارديان" من صنع شركة جنرال أتوميكس المملوكة للقطاع الخاص، وذخائر موجهة بدقة من نوع هيل فاير، وبيف واي، وجي دي إيه إم. من صنع شركات لوكهيد مارتن وريثيون وبوينغ.