في مواجهة صعود الطائرات المسيرة.. من يكون أكثر فاعلية الصواريخ أم المدفعية؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/12/22 الساعة 20:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/22 الساعة 20:08 بتوقيت غرينتش
صاروخ تالوس اللمضاد للطائرات يطلق من طراد/ويكيبيديا

مع تزايد نجاحات الطائرات المسيرة أصبحت هناك حاجة ملحة للجيوش لمواجهتها وبتكلفة مقبولة، فما الأكثر فاعلية أمام الطائرات المسيرة، الصواريخ أم المدفعية المضادة للطائرات؟

يبدو أن إجابة السؤال أيهما أكثر فاعلية الصواريخ أم المدفعية المضادة للطائرات لم تعد بديهية، حيث كان يعتقد أن المدفعية عفى عليها الزمن لصالح الصواريخ المضادة للطائرات، ولكن الطائرات المسيرة أربكت هذه المعادلة.

إذ يبدو أن معادلة أيهما أقوى الصواريخ أم المدفعية المضادة للطائرات قد احتدمت مجدداً، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.

البداية للمدفعية

خلال الحرب الباردة، كان نظام الدفاع الجوي قصير المدى تهيمن عليه المركبات المبنية على المدافع. بداية من الدبابة الألمانية فلاكبانزر جيباد، ومروراً بأنظمة الدفاع الجوي الأمريكية VADS، ووصولاً إلى العربة القتالية السوفيتية شيلكا، كانت المدافع الآلية ذات الطلقات السريعة هي الطريقة المفضلة لإسقاط المروحيات والطائرات التي تحلق على ارتفاع قريب.

بدأ هذا في التبدّل قرب نهاية الحرب الباردة، مع إضافة صواريخ الدفاع الجوي إلى هذه المنصات لزيادة مرونتها وقدرتها القتالية التدميرية في المعارك. خفضت بعض الأنظمة مدافعها لتصير مجرد سلاح ثانوي. فيما صُممت بعضها من البداية لتكون متميزة على الصعيدين.

ورغم انتشار هذه الأنظمة بدا في عام 2018 أن هذه الأسلحة لم تعد مفضلة بدرجة كبيرة. ففي خطة تحديث القوات البرية في العديد من دول العالم، التي تستهدف منح قوات المشاة نظام دفاع جوي قصير المدى، كانت الأنظمة القائمة على الصواريخ فقط هي المقترحة. حتى إن مركبات الدفاع الجوي الروسية الجديدة تثبت صواريخ فقط هي الأخرى، وتستبعد عنصر المدافع من أنظمة بانتسير، ويحدث نفس الموقف مع جميع جيوش العالم.

نظام المدفعية المضاد للطائرات الروسي AK-630 CIWS /ويكيبيديا

ولكن لماذا تتجه الجيوش نحو الحلول المعتمدة على الصواريخ فقط؟ ثمة مجموعة من الأسباب.

تزداد كفاءة الأنظمة الصاروخية أكثر وأكثر. عندما ظهرت أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية M163 VADS، كانت مقترنة بقاذفة صواريخ أرض جو متوسطة المدى شاباريل إم آي إم-72. وكانت قاذفة الصواريخ هذه تطلق صواريخ جو-جو إيه آي إم-9 سايدويندر معدلة.

وكان هناك عديد من القيود أمام هذه الصواريخ، إذ إنها قادرة على تتبع الهدف من جوانب محددة، وتستغرق وقتاً طويلاً حتى تتتبّع مسار الهدف، بجانب أن لديها مدى محدوداً. وحتى الأنظمة السوفييتية محددة الهدف، التي على شاكلة ستريلا-1 وستريلا-10، فلم تكن أفضل بكثير على هذه الأصعدة.

نتيجة لهذا كانت المدافع ضروريةً لاستخدامها مع أنماط الدفاع ضد الطائرات التي تحلق في نمط طيرانٍ تصير فيه الصواريخ أرض-جو أقل مثالية. 

كيف صعدت الصواريخ؟

تَغير هذا مع تطوير أنظمة الدفاع التي يحملها الأفراد ذات الكفاءة العالية، مثل صاروخ إف آي إم-92 ستينغر. يمكن لهذه الصواريخ التعامل مع أغلب الأهداف التي تقع في نطاق الإطلاق بسرعة وبدقة أكبر من المدافع نفسها.

وفي وجود هذه الصواريخ، يمكن إضافة قدرات كبيرة إلى المنصات خفيفة الوزن، ما يسمح لأي شبكة دفاع جوي قصير المدى أن تكون أكثر انتشاراً وأسهل حركة. يضرب نظام أفينجر الأمريكي خير مثال على هذا، فهو نظام  مدفعي يعادل القوة التدميرية لثمانية صواريخ ستينغر، ومع ذلك لن يكون ملائماً لتثبيته في الجزء الخلفي لسيارة همفي، ولن يجلب سرعة الإطلاق التي تكفلها صواريخ ستينغر.

توجد فيديوهات تظهر مدافع الدفاع الجوي مثبتة فوق شاحنات، بل وكذلك فوق شاحنات صغيرة ويستخدمها متمردون مسلحون، وكانت دقة مثل هذه الأنظمة رديئة في كل الأحوال تقريباً. إذ إن قوة الارتداد حتى وإن كان لنظام ذي مدفع عيار 23 ملم، يكفي لأن يجعل أي شاحنة تترنح وتجنح إلى الجانبين، ولذا يتطلب هذا وجود مثبتات خارجية من أجل زيادة دقة التصويب، إذا لم يكن الهيكل ثقيلاً أو إذا لم تكن المركبة ذات سيور مثل دبابة فلاكبانزر جيباد الألمانية ودبابة تونجوسكا الروسية.

الطائرات المسيرة غيرت معادلة الدفاع الجوي/ويكيبديا

لا تواجه الصواريخ هذه المشكلة، نظراً إلى أنها لا تُحدث أي ارتداد، ومن ثم يمكنها أن تثبت بفاعلية فوق منصات الإطلاق الصغيرة. أحد الأنظمة الجديدة التي لا تزال قيد التطوير هو نظام الدفاع الجوي البحري المتكامل (MADIS)، الذي يستخدم شاسيهات JLTV وصواريخ ستينغر بوصفها الأسلحة الرئيسية للتعامل أثناء الحركة. ويشبهها كذلك نظام بوبراد البولندي، الذي يثبت أنظمة دفاع يحملها الأفراد فوق مركبة مدرعة.

ولكن بينما تتميز الصواريخ بقدرتها على تيسير الحركة وتخفيف الحمولة، ثمة أمور تصاحب التحول إلى أنظمة تعتمد كلياً على الصواريخ، إذ إن مدافع الدفاع الجوي تملك دائماً قدرات قوية مضادة للمشاة الذين يستخدمونها بسبب الذخيرة المتفجرة والمستوى العالي من إطلاق النار. 

كانت الدبابة إم 42 داستر سيئة السمعة فيما يتعلق بنجاعتها في فيتنام، وانطبقت مواقف مماثلة تقريباً في جميع الصراعات: مثل العربة القتالية السوفيتية شيلكا في الشيشان وأفغانستان، والمركبة القديمة زد إس يو-57 2-إس في يوغوسلافيا. وبينما يمكن استخدام بعض الأنظمة الصاروخية ضد الأهداف الأرضية، فإن القيام بهذا الأمر ليس مثالياً لأسباب تتعلق بالتكلفة والدقة.

من الأكثر فاعلية أمام الطائرات المسيرة الصواريخ أم المدفعية

لدى الأنظمة الصاروخية كذلك كلفة مرتفعة لكل تصويبة أكثر من الأنظمة المدفعية. فعندما تواجه تهديداً اعتيادياً يتألف من حفنة من الطائرات المُسيرة.

 فالأرجح أن الاشتباك بنظام مدفعي قد يتطلب ذخيرة تكلف حوالي بضعة آلاف من الدولارات للطائرة المسيرة الواحدة (بأقصى تقدير)، مقارنة بعشرات الآلاف من الدولارات التي يكلفها إطلاق الصاروخ الواحد. 

ولنفس هذه الأسباب، تملك الأنظمة المدفعية "قوة بقاء" إضافية، نظراً إلى أن احتياطيات الذخيرة لأغلب المدافع تستطيع دعم اشتباكات أكثر من  حاملات أي نظام صاروخي.

تحميل المزيد