القارة الأكبر التي ساهمت في تشكيل أوروبا.. تعرّف على التقسيمات الخمسة لقارة آسيا

يعتبر كثير من المحللين والمؤرخين أن قارة آسيا هي التي شكّلت قارة أوروبا من خلال الاحتكاك المباشر والحروب الهائلة بين القبائل في العصور القديمة، ومن خلال الصراع الدائم بين الممالك والدول طوال التاريخ.

ربما لم يتغيّر التاريخ عن الحاضر، فالإمبراطورية الروسية على سبيل المثال كانت تصارع أوروبا دائماً، وبعد سقوط روسيا القيصرية حارب الاتحاد السوفييتي أوروبا رغم اختلافه عن النظام الروسي السابق، والآن ما زال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحتفظ بالنهج نفسه تجاه أوروبا.

كذلك يمكننا أن نقول الشيء نفسه عن الدول الإسلامية في آسيا وشمال إفريقيا، خصوصاً الدولة العثمانية وتركيا، فمن خلال تناقضات السياسة الأوروبية استطاعت الدولة العثمانية أن تجد لنفسها مكاناً في أوروبا، ومن خلال التناقضات نفسها تلعب تركيا الحالية لعبتها السياسيّة.

ويقول الجغرافيون وأساتذة الجيو-سياسة، إنّ الجغرافيا لا تتغيّر، قد تصبح الجغرافيا عاملاً أقل أهمية أحياناً، بسبب التطور التكنولوجي الهائل في عالمنا، لكنّها ستظل عاملاً رئيسياً. ولأنّ قارة آسيا أكبر قارة بالعالم، فسنشرح في هذه المادة تقسيمتها التي أثرت دائماً في اتجاه ومجرى السياسة العالمية. 

قارة آسيا.. الأكبر في العالم

آسيا هي أكبر قارة في العالم من ناحية المساحة ومن ناحية عدد السكان أيضاً. إذ تبلغ مساحتها نحو 17 مليون ميل مربع ويسكنها أكثر من 4 مليارات شخص. وفي داخلها أكبر دولتين هما أكبر تعداد سكاني في العالم. الهند (مليار و380 مليون) والصين (مليار و440 مليون). وفق ما ذكره موقع World Atlas الكندي.

وتُقسّم قارة آسيا إلى 48 دولة، ثلاث منها عابرة للقارات، أي تدخل حدودها ضمن قارة أخرى (روسيا وتركيا وكازاخستان). وقُسّمت دول قارة آسيا استناداً إلى العديد من العوامل الثقافية والسياسية؛ نظراً إلى مساحتها الشاسعة.

تُقسّم آسيا إلى 5 مناطق رئيسية من حيث الجغرافيا، وربما أيضاً من ناحية الأصول الثقافية. فأولاً آسيا الوسطى ثم شرق آسيا ثم جنوب آسيا ثم جنوب شرقي آسيا وأخيراً غرب آسيا. كما يمكن اعتبار منطقة أخرى بأنَّها شمال آسيا، لتشمل الجزء الأكبر من سيبيريا في روسيا والأجزاء الشمالية الشرقية من آسيا.

5- آسيا الوسطى.. المتحكمة في التجارة بين آسيا وأوروبا

تقع منطقة آسيا الوسطى في وسط آسيا تماماً، فهي غرب الصين وجنوب روسيا وشمال أفغانستان. وتمتد الحدود الغربية لهذه المنطقة على طول بحر قزوين. تُقسَّم آسيا الوسطى سياسياً إلى 5 دول: طاجيكستان وأوزبكستان وكازاخستان وتركمانستان وقرغيزستان. 

ويُشار إليها أحياناً بصفة غير رسمية باسم "The Stans"، لأنَّ كل اسم من أسماء دولها ينتهي بالمقطع "stan". وتبلغ مساحة تلك المنطقة نحو 1.545.741 ميل مربع، ويبلغ عدد سكانها نحو 69.78 مليون نسمة.

وقد أدَّت منطقة آسيا الوسطى أهمّ دور في نقل البضائع بين الصين وأوروبا خلال عصر التبادل التجاري، عبر طريق الحرير الممتد من شرق آسيا وحتى أوروبا. وهو ما جعل تلك المنطقة دوماً محطاً للممالك المتتالية، المتناحرة والمتصارعة، بسبب كونها في الوسط، وهي التي تمسك في قبضتها بطرق التجارة العالمية القديمة.

وقد دخل الإسلام إلى هذا المنطقة بعدما دخل إيران وأسقط المسلمون الإمبراطورية الساسانية عام 640. إذ تقع إيران في الجنوب الغربي من آسيا الوسطى. وتعتبر هذه المنطقة تحت التأثير الثقافي المشترك للثقافة الفارسية والتركية.

إذ إنّ المنطقة كانت تابعة بشكلٍ كبير للدول الإسلامية في بلاد فارس، ولاحقاً أصبحت تحت سيطرة القبائل التركية، لتنتج في النهاية مزيجاً من الثقافة الإسلامية الفارسية-التركية، وبالطبع ينتشر في آسيا الوسطى المذهب الشيعي تأثراً بإيران والسني تأثراً بالعنصر التركي.

ولعلك دوماً تسمع بمدن إسلامية تاريخية مثل سمرقند وبخارى وبلخ وطشقند، وكل هذه المدن تقع في آسيا الوسطى.

4- شرق آسيا.. من الصين إلى تايوان وماكاو

شرق آسيا هي إحدى المناطق الخمس الرئيسية لقارة آسيا، وتقع شرق منطقة آسيا الوسطى، وتمتد حدودها الشرقية على طول بحر الصين الشرقي.

تُقسَّم منطقة شرق آسيا سياسياً إلى 8 دول ومناطق: الصين ومنغوليا وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية واليابان وهونغ كونغ وتايوان وماكاو. وتبلغ المساحة الإجمالية لهذه المنطقة 4.571.092 ميلاً مربعاً ويسكنها أكثر من 1.641 مليار نسمة، أي ما يمثل 22% من عدد سكان العالم و38% من إجمالي سكان قارة آسيا. 

ويتركّز العديد من سكان شرق آسيا في المناطق الحضرية الكبرى مثل بكين عاصمة الصين وطوكيو عاصمة اليابان.

وتختلف جغرافية شرق آسيا بحسب المنطقة. إذ تتمتَّع المنطقة الداخلية القارية بمناخٍ معتدل، في حين تمتد صحراء غوبي القاحلة عبر منغوليا.

وتعد الصين، كبرى دول تلك المنطقة، موطناً لكلٍّ من الجبال والهضاب والأنهار والأراضي الزراعية. وأغلب هذه المنطقة تعتبرها الصين مناطق نفوذ تاريخية/ثقافية. إذ كانت الصين هي أكبر وأقوى الإمبراطوريات في تلك المنطقة.

وقد عانت الصين تاريخياً من هجمات القبائل الشمالية، سواء المغولية أو التركية، ولذلك يعتبر الجزء الشرقي من هذه المنطقة نفوذاً صينياً.

كما حاولت الصين طوال تاريخها أن تمدّ نفوذها إلى آسيا الوسطى (المنطقة السابقة في الشرح)؛ للسيطرة على طرق تجارتها مع أوروبا. وقد احتكّت الصين بالخلافة الإسلامية العباسية ودارت بينهما معركة حاسمة هي معركة طلاس عام 751، ويمكنك القراءة بالتفصيل عن هذه المعركة والآثار التي ترتبت عليها، في هذه المادة.

وفي المقابل، تتميز اليابان بآلافٍ من الجزر والخطوط الساحلية. ويُعتقد حالياً أنَّ دول منطقة شرق آسيا تمتلك بعض التقنيات الأكثر تقدماً في العالم، الأمر الذي يعزز التنمية الاقتصادية فيها. ولا ننسى أيضاً الإشارة إلى قوة اليابان، ثقافياً وتاريخياً واقتصادياً وعسكرياً حالياً، وقد قامت بينها وبين الصين صراعات كثيرة عبر التاريخ.

3- جنوب آسيا.. دخل الإسلام قديماً وخرج مع الاستعمار

أمّا منطقة جنوب آسيا فتأخذ شكل شبه جزيرة، حيث تحدها 3 مسطحات مائية، وأحياناً يطلق على الجزء الأكبر منها "شبه القارة الهندية". والمسطحات المائية الثلاثة التي تحدها هي: المحيط الهندي من الجنوب، وخليج البنغال من الشرق، وبحر العرب من الغرب.

تشمل تلك المنطقة شبه القارة الهندية والدول المجاورة لها. وتُقسَّم منطقة جنوب آسيا سياسياً إلى 8 دول: سريلانكا وبنغلاديش والهند وأفغانستان وباكستان وبوتان ونيبال وجزر المالديف. 

تبلغ المساحة الإجمالية لمنطقة جنوب آسيا نحو 2 مليون ميل مربع، ويتجاوز عدد سكانها 1.74 مليار نسمة، أي ما يقرب من ربع سكان العالم. إضافة إلى ذلك، تُعرف منطقة جنوب آسيا بأنَّها المنطقة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم.

وقد وصل الإسلام إلى الهند في بدايات انطلاق التجار المسلمين عبر بحر العرب إلى الهند، وبمرور الوقت أصبحت الدولة الهندية دولة يحكمها مسلمون لقرون، إلى أن وصل الاستعمار البريطاني واستحوذ على الهند وقضى على دولة الإسلام في الهند.

وقد ورثت الهند مشاكل استعمارية، فعند استقلال الهند تأسست دولة باكستان المسلمة 1947، بعدما وجدت النخبة المسلمة أنّ السياسيين من الطوائف الأخرى لم ينسجموا معهم. وهكذا أصبحت باكستان والهند عدوتين حتّى اللحظة.

وللقراءة أكثر حول دولة الإسلام في الهند، يمكنك الاطلاع على هذه المادة. أمّا إذا أردت الاطلاع على القصّة الطريفة لدخول الإسلام إلى جزر المالديف، فيمكنك قراءة هذه المادة.

2- جنوب شرقي آسيا.. فيها الدولة الأكثر تعداداً من المسلمين

تقع منطقة جنوب شرقي آسيا شمال أستراليا وجنوب منطقة شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ وشرق خليج البنغال.

وتضم هذه المنطقة العديد من الدول الجزرية والأرخبيلية (دول مكوّنة من عدّة جُزُر)  التي تمتد بين نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي، وهو ما يجعلها المنطقة الآسيوية الوحيدة الواقعة على كلا جانبي خط الاستواء.

تُقسّم منطقة جنوب شرقي آسيا سياسياً إلى 15 دولة وإقليماً، هي: بروناي وكمبوديا وإندونيسيا ولاوس وماليزيا وميانمار والفلبين وسنغافورة وتايلاند وتيمور الشرقية وفيتنام وجزيرة الكريسماس وجزر كوكوس.

وفي تلك المنطقة تقع الدولة الأكثر تعداداً من المسلمين في العالم، وهي إندونيسيا، فقد سجلت 220 مليون مسلم.

وتبلغ المساحة الإجمالية لمنطقة جنوب شرقي آسيا 1.735.121 ميلاً مربعاً، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 641 مليون نسمة. وتتسم جغرافيا جنوب شرقي آسيا بعدد كبير من الأرخبيلات.

يعد الأرخبيل الإندونيسي الأكبر على مستوى العالم ويضم أكبر عدد من البراكين النشطة في العالم. بدأت أهمية تلك المنطقة للتجارة العالمية خلال تجارة التوابل التي بدأت قبل أنشطة التنقيب الأوروبي.

ويُحقّق اقتصاد جنوب شرقي آسيا نمواً متسارعاً. إذ يعتبر الاقتصاد الإندونيسي أكبر اقتصاد بتلك المنطقة، وهي الدولة الوحيدة في شرق آسيا العضوة بمجموعة العشرين (G20).

1- غرب آسيا.. من السعودية إلى تركيا

تقع منطقة غرب آسيا في المنطقة الواقعة بين آسيا الوسطى وإفريقيا وجنوب شرقي أوروبا، ولهذا يشار إليها عادةً على أنها الشرق الأوسط، على الرغم من أنَّها تستثني جغرافياً البر الرئيسي لمصر، إذ 'ن المساحة الأكبر من مصر تقع في إفريقيا، والتي تعتبر ثقافياً دولة شرق أوسطية. ولكن أحياناً ما يشار إلى الشرق الأوسط للدلالة على العالمين العربي والإسلامي المحيط بالبحر المتوسط، فيقال أحياناً "الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".

وتُقسّم منطقة غرب آسيا سياسياً إلى 18 دولة، هي: جورجيا وأرمينيا وأذربيجان وتركيا وقبرص وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق وإيران والكويت والبحرين وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وعُمان واليمن.

وتضم تلك المنطقة أيضاً ​​شبه جزيرة سيناء المصرية. تبلغ المساحة الإجمالية لمنطقة غرب آسيا نحو 2.415 مليون ميل مربع، ويبلغ عدد سكانها 313.428 مليون نسمة.

وتتسم مساحة كبيرة من المنطقة بالبيئة الصحراوية القاحلة. ومع ذلك، تتمتع منطقة غرب آسيا بالعديد من المسطحات المائية الكبيرة، من بينها البحر الأسود والخليج العربي وبحر العرب والبحر الأحمر وبحر قزوين والبحر المتوسط ​​وبحر إيجة.

وتعتبر هذه المنطقة هي منطقة الاحتكاك الأكبر بين الإسلام وأوروبا، بدايةً من الحروب الصليبية، وصولاً إلى الدولة العثمانية وصراعها في شرق ووسط أوروبا، وصولاً إلى الاستعمار الأوروبي لأغلب الدول الإسلامية منذ نهايات القرن الثامن عشر.