كيف يضر رفع السودان من قائمة الإرهاب مقابل التطبيع بفرص التحول للحكم المدني؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/12/16 الساعة 15:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/17 الساعة 15:18 بتوقيت غرينتش
هناك انقسام في الآراء بين القادة العسكريين والمدنيين الذين يقودون فترة انتقالية بخصوص التطبيع

لا شك في أن رفع السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية خطوة على الطريق الصحيح، لكن ضغط ترامب على القيادة السودانية للتطبيع مع إسرائيل ليس الجانب السلبي الوحيد، بل بات اكتمال التحول للحكم المدني في خطر، فماذا يمكن أن يفعل بايدن إذا انقلب قادة العسكر على المسار الديمقراطي بالبلاد؟

موقع Middle East Eye البريطاني نشر تقريراً بعنوان: "رفع السودان من قوائم الإرهاب لن يترك فرصة كبيرة أمام الولايات المتحدة للضغط للانتقال إلى حكومة مدنية"، ألقى الضوء على تبعات قرار رفع السودان من قائمة الإرهاب، في ضوء ربطه بالتطبيع مع إسرائيل بشكل مباشر.

قائمة الإرهاب والحكومة المدنية

قبل عام، بدا حذف السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب المنتهية، مستبعَداً في الوقت الذي كافحت فيه البلاد للتعافي بعد شهور من الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بعمر البشير.

وبعد قرابة عامين من إجبار عمر البشير على التنحي، ما تزال في السلطة حكومة انتقالية مكونة من ائتلاف من قادة الجيش وقادة الاحتجاج تنامى الخلاف بينهم في الأسابيع الأخيرة.

ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو/ رويترز

وفي الأوساط الدبلوماسية، كان الرأي السائد هو حاجة الحكومة الانتقالية إلى تشكيل حكومة مدنية قبل حذف الولايات المتحدة للسودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، الذي كان مدرجاً عليها طوال الأعوام الـ27 الماضية، بسبب دعم البشير في الماضي لتنظيم القاعدة وزعيمه السابق أسامة بن لادن.

لكن إدارة ترامب أعلنت يوم الإثنين 14 ديسمبر/كانون الأول، شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وبالتالي رفع جميع القيود المفروضة على الكيانات والأفراد الذين يرغبون في التعامل مع الدولة الواقعة بشمال إفريقيا بعد عقود من العزلة.

ورغم تقديم الكونغرس مشروع قانون للمساعدة في تشجيع الانتقال إلى حكومة مدنية، يحرم حذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب الولايات المتحدة من أداة ضغط رئيسية.

"معضلة حقيقية"

يقول جيسون بلازاكيس، المدير السابق لمكتب وزارة الخارجية الأمريكية لتصنيف ومكافحة تمويل الإرهاب (بين عامي 2008 و2018)، لموقع Middle East Eye، إن هذه الخطوة أصابته بخيبة أمل؛ أولاً لأنها تحدُّ من تأثير الولايات المتحدة في تشجيع الانتقال السلس إلى القيادة المدنية، ولأنها أيضاً اتُّخذت قبل أسابيع فقط من تولي إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن الرئاسة الأمريكية.

وقال بلازاكيس، الذي يشغل الآن منصب مدير مركز الإرهاب والتطرف ومكافحة الإرهاب في معهد ميدلبري للدراسات الدولية: "حذف السودان من القائمة قبل شهر من تولي إدارة جديدة للسلطة، تصرُّف واضح السوء".

بايدن يمتثل لنصائح فاوتشي ويعتزم أخذ لقاح كورونا علناً بايدن لقاح كورونا
الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن/ رويترز

وقال: "اتخاذ قرار رئيسي يخص السياسة الخارجية خلال إدارة في أيامها الأخيرة، يمثل معضلة كبيرة. أعتقد أنه ينبغي منح فريق بايدن المعني بالسياسة الخارجية الفرصة لمراجعة ملف المعلومات المتعلقة بالسودان واتخاذ قراره".

وقال بلازاكيس، إن تداعيات حذف السودان من القائمة قبل الأوان يمكن أن تسير بإحدى طريقتين: فقد يعطي أهمية أكبر للجهات المدنية، ويسلط الضوء على أهمية القيادة المدنية بترسيخ نفوذها داخل المجتمع الدولي؛ لكنه قد يؤدي إلى غياب الدافع إلى تنحي القوى العسكرية في السودان.

وقال: "حذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب قد يقوي ويشجع الجهات الخطأ، والولايات المتحدة لم تعد تملك هذه الجزرة". وأضاف، في إشارة إلى عقوبات واسعة النطاق أو إعادة السودان إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب: "والعصا سيصعب استخدامها ما لم تتمكن من إثبات أن السودان يرعى أعمالاً إرهابية".

والأسبوع الماضي، تصاعدت المخاوف من حدوث انقلاب عسكري في السودان، وسط خلافات بين العناصر المدنية والعسكرية في الحكومة الانتقالية بعد تأسيس القائد العسكري والفعلي للبلاد هيئة جديدة ذات سلطات عسكرية واسعة.

ومن المقرر أن يكون المجلس الجديد الذي يقوده الجيش، والذي تعارضه القيادة المدنية، مسؤولاً عن قيادة الفترة الانتقالية، وحل الخلافات بين أطراف السلطة الانتقالية، وامتلاك جميع الصلاحيات اللازمة لممارسة سلطته.

الكونغرس يضع شروطاً

يتضمن قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA) الذي تم تمريره مؤخراً هذا العام، مشروع قانون يشترط توفير الشفافية المالية والرقابة المدنية على الشركات المملوكة للدولة في السودان للحصول على المساعدة الأمريكية.

ومشروع القانون، الذي قدمه مجلس النواب لأول مرة في مارس/آذار، يسمح أيضاً بفرض عقوبات على أي شخص يُعتقد أنه يقوض الانتقال السياسي بالسودان، وكذلك أي شخص في البلاد يرتكب انتهاكات لحقوق الإنسان أو يشارك "في الاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية"، من بين تدابير أخرى.

ولدى سؤاله عن مشروع القانون خلال مؤتمر صحفي يوم الإثنين، وافق رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، على أنه "من غير المقبول" أن يسيطر الجيش على الشركات الكبرى ودعا إلى الانتقال إلى شركات مساهمة مفتوحة بإمكان الجمهور الاستثمار فيها.

رويترز/ العقوبات المفروضة على السودان بدأت مع تولي عمر البشير رئاسة البلاد
رويترز/ العقوبات المفروضة على السودان بدأت مع تولي عمر البشير رئاسة البلاد

وقال: "كل جيوش العالم تشارك في استثمارات… في التصنيع العسكري. ولكن أن يستثمر الجيش في القطاع الإنتاجي، ويزيح القطاع الخاص، أمر غير مقبول".

وقال حمدوك إن شرط الكونغرس لتقديم المساعدات الأمريكية "سيساعد بالتأكيد، على التحول الديمقراطي"، لكنه ليس واثقاً بأن يكون الضغط على الجيش للتخلي عن سيطرته على مؤسساته كافياً. وقال: "الكلام أسهل من الفعل، لكننا سنمضي قدماً ونرى ما يمكننا تحقيقه".

هذه بتلك: تطبيع العلاقات مع إسرائيل

ويُنظر إلى حذف السودان من القائمة أيضاً على أنه أحد أهداف سياسة ترامب الخارجية. إذ في مقابل حذفه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، دفعت الحكومة الانتقالية في السودان 335 مليون دولار تعويضات للضحايا الأمريكيين في تفجير عام 1998 المميت، ووافقت على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وقد رفض السودان في البداية طلب الولايات المتحدة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، خلال جولة وزير الخارجية مايك بومبيو الإقليمية في أغسطس/آب، التي زار خلالها العديد من الدول العربية؛ على أمل تعزيز الدعم لاتفاق التطبيع الإماراتي.

وضَغَط الجيش، المقرب من السعودية والإمارات ومصر، لاتخاذ هذه الخطوة، بينما عارضها رئيس الوزراء حمدوك.

بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي، رئيس المجلس السيادي الانتقالي عبدالفتاح البرهان

وقد حاولت الخرطوم التقليل من أهمية العلاقة بين اتفاق التطبيع وحذفها من قائمة الإرهاب، لكن مبدأ هذه بتلك اتضح أوائل هذا الشهر بعد توجيه الفريق عبدالفتاح البرهان، الزعيم الفعلي للبلاد، إنذاراً نهائياً للولايات المتحدة، مفاده: حذف السودان من القائمة قبل نهاية العام أو خسارة اتفاق التطبيع بين السودان وإسرائيل.

يقول بلازاكيس: "الطريقة التي تم بها اتخاذ قرار الشطب معضلة حقيقية". وبحكم إدارته للمكتب المكلف مراقبة قائمة الدول الراعية للإرهاب لمدة عشر سنوات، قال بلازاكيس إنه رغم دعمه لاتفاق تطبيع السودان مع إسرائيل، فالطريقة التي جاء بها الأمر برمَّته "تبدو دنيئة بعض الشيء".

وقال: "يوجد كثير من الأشياء التي تؤخذ بالاعتبار في سياق هذه القضايا الأكبر المتعلقة بالدول الراعية للإرهاب".

واستدرك بلازاكيس: "لكن النقاط التي تحمل أهمية حقيقية هي ما إذا كان النشاط الإرهابي قد توقف خلال الأشهر الستة السابقة، وما إذا كان السودان قد قدم تأكيدات بأنه لم يعد متورطاً في الإرهاب"، مشيراً إلى أن الإجابة عن هذه الأسئلة ستكون "نعم" على الأرجح، ولكن لا يمكن أن تكون هذه النقاط واضحة بالكامل والحكومة في حالة انتقالية.

تحميل المزيد