الوسيط للعديد من الفيروسات الحديثة.. علماء يجرون أبحاثاً على خفافيش بحثاً عن أي مؤشرات لأوبئة جديدة

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/12/14 الساعة 20:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/14 الساعة 20:11 بتوقيت غرينتش
علماء يُجرون أبحاثاً على خفافيش لرصد أي مؤشرات لأوبئة جديدة / رويترز

قالت صحيفة The Washington Post الأمريكية، في تقرير نشرته يوم الإثنين 14 ديسمبر/كانون الأول 2020، إن أربعة علماء برازيليين في مدينة ريو دي جانيرو يعملون على إتمام مهمة ضمن مشروع في معهد فيوكروز الحكومي؛ وهي محاولة القبض على خفافيش؛ لاكتشاف ما إذا كانت سبباً في نقل العدوى إلى البشر أم لا؟

حيث يركز هؤلاء العلماء على هدف تحديد الفيروسات الأخرى التي قد تكون شديدة العدوى ومميتة للبشر، واستخدام هذه المعلومات لوضع خطط لمنعها تماماً من إصابة الناس، وبالتالي وقف الفاشية العالمية التالية قبل حتى بدايتها.

التقرير أشار الى أن تفشي الأمراض في أي مكان ربما يُعرِّض العالم بأَسره للخطر، تماماً مثلما حدث مع فيروس كورونا المستجد. والفريق البرازيلي هو مجرد فريق واحد من بين العديد من السباقات في جميع أنحاء العالم لتقليل خطر حدوث جائحة ثانية في هذا القرن.

علماء يلقون القبض على الخفافيش

ليس من قبيل الصدفة أن يركز العديد من علماء الأمراض اهتمامهم على الخفافيش، الثدييات الطائرة الوحيدة في العالم. إذ يُعتقَد أنَّ الخفافيش هي المضيف الأصلي أو الوسيط للعديد من الفيروسات التي أنتجت الأوبئة الحديثة، وضمن ذلك المتلازمة التنفسية الحادة (سارس) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) والإيبولا وفيروس نيباه وفيروس هندرا وفيروس ماربورغ.

حيث وجدت دراسة أُجريت عام 2019، أنَّ الفيروسات التي تنشأ من أكثر خمسة مصادر للثدييات شيوعاً -الرئيسيات، والقوارض، وآكلات اللحوم، وذوات الحوافر، والخفافيش- تلك الموجودة في الخفافيش هي الأكثر فتكاً بالبشر.

في هذا السياق، قالت راينا بلورايت، عالمة الأوبئة التي تدرس الخفافيش بجامعة ولاية مونتانا: "السر يكمن في أنَّ الخفافيش لديها أجهزة مناعية غير عادية، وهذا مرتبط بقدرتها على الطيران".

في حين تعتقد راينا وعلماء الخفافيش الآخرون، أنَّ آليات التكيف المتطورة التي تساعد الخفافيش على التعافي من ضغوط الطيران، عندما يرتفع معدل الأيض لديها إلى ستة عشر ضعفاً، تمنحها أيضاً حماية إضافية ضد مُسبِّبات الأمراض.

أسرار أجهزة المناعة لدى الخفافيش

بدوره، أوضح أرينجاي بانيرجي، عالم الفيروسات في جامعة ماكماستر بكندا، أنَّ البحث في أسرار أجهزة المناعة لدى الخفافيش قد يساعد العلماء على فهم المزيد عن الوقت الذي تُخرِج فيه الخفافيش هذه الفيروسات من أجسادها، إضافة إلى توفير دلالات حول استراتيجيات العلاج الطبي المحتملة في المستقبل.

في المقابل توجد مجموعة متنوعة من برامج مراقبة الفيروسات في العديد من البلدان الأخرى، لكن التمويل يتجه إلى التضاؤل بفعل المناخ السياسي والشعور بالإلحاح؛ مما قد يأتي بنتائج عكسية، بحسب العلماء.

في حين يقول العلماء إنَّ أحد الأساليب التي لن تساعد هي معاملة الخفافيش على أنها عدو، وذلك بتشويه سمعتها، أو رميها بالحجارة، أو محاولة حرق الكهوف لإخراجها. ووقع هجوم على هذا المنوال في هذا الربيع، عندما اكتشف قرويون بولاية راجاستان الهندية مستعمرات خفافيش في قلاع وقصور مهجورة، وقتلوا المئات منها بالعصي والهراوات.

من جانبه قال فيكرام ميسرا، عالم الفيروسات في جامعة ساسكاتشوان بكندا: "الإجهاد عامل كبير في الإخلال بالتوازن الطبيعي الذي تتمتع به الخفافيش مع فيروساتها؛ فكلما زاد إجهاد الخفافيش، زاد لفظها للفيروسات من أجسادها".

في حين لفتت هانا فرانك، عالمة بيولوجية بجامعة تولين الأمريكية، إلى أنَّ النهج الأفضل لتقليل مخاطر المرض هو ببساطةٍ تقليل الاتصال بين الخفافيش البرية والناس والماشية.

تدمير أشجار الأوكالبتوس 

ففي أستراليا، أدى التدمير واسع النطاق لأشجار الأوكالبتوس المزهرة، التي توفر الرحيق لخفافيش الفاكهة- المعروفة محلياً باسم "الثعالب الطائرة"- إلى دفع الخفافيش إلى الانتقال لمناطق أقرب إلى المستوطنات البشرية بحثاً عن وجبات بديلة.

وهناك، نقلت الخفافيش فيروساً إلى الأحصنة، التي بدورها نقلتها إلى البشر. وتعرَّف العلماء على الفيروس لأول مرة في عام 1994، وسُمي بفيروس هيدرا، وهو ضارٍ للغاية؛ إذ قتل 60% من المصابين البشر و75% من الخيول المصابة.

ولعكس حركة الخفافيش، تدرس راينا بلورايت من جامعة ولاية مونتانا وزملاؤها في أستراليا، استعادة الموطن الأصلي للخفافيش.

في حين قالت راينا: "تقوم الفكرة على زرع غابات جديدة؛ لضمان بقاء الخفافيش في أماكن بعيدة عن تلك التي يوجد فيها بشر وحيوانات أليفة".

من جانبه أكد ريكاردو موراتيلي، منسق مشروع معهد فيوكروز في البرازيل، أنَّ الخفافيش ليست هي المشكلة، بل "المشكلة هي عندما يتعامل البشر معها".

تحميل المزيد