قال وزير خارجية فرنسا، جان إيف لودريان، إن انهيار لبنان في الجانبين السياسي والاقتصادي يشبه غرق السفينة تايتانيك لكن من دون موسيقى، وذلك عقب تصريحات من الرئاسة الفرنسية تلوم فيها القادة السياسيين اللبنانين، وقبل أيام من زيارة مرتقبة للرئيس إيمانويل ماكرون إلى بيروت.
نبرة تشاؤمية حيال لبنان
لودريان وفي مقابلة نشرتها صحيفة "لو فيغارو"، الأحد 13 ديسمبر/كانون الأول 2020، قال إن "لبنان هو تايتانيك بدون الأوركسترا… اللبنانيون في حالة إنكار تام وهم يغرقون، ولا توجد حتى الموسيقى".
يُعتقد أن أوركسترا تايتانيك استمرت في العزف لأطول فترة ممكنة حتى غرقت السفينة في المحيط الأطلسي في عام 1912، في محاولة لمساعدة الركاب على الهدوء وسط الهلاك الوشيك الذي أودى بحياة كل الموسيقيين في نهاية الأمر.
وأثارت تصريحات لودريان نبرة تشاؤمية، قبل زيارة مقررة لرئيس فرنسا إلى بيروت، وذكرت وسائل إعلام لبنانية أنها ستكون يومَي 22 و23 من ديسمبر/كانون الأول الجاري.
ستكون تلك هي زيارة ماكرون الثالثة منذ وقوع الانفجار الهائل في مرفأ بيروت، والذي دمر مساحات شاسعة من المدينة وأودى بحياة 200 شخص في أغسطس/آب الماضي.
فرنسا منزعجة
تأتي تصريحات لودريان بعدما بدأ صبر ماكرون ينفد مع الساسة اللبنانيين المتناحرين، إذ لا تزال مشاحناتهم على النفوذ عائقاً في طريق إصلاحات شاملة، يقول المانحون إنها لازمة قبل إرسال مساعدات مالية مقررة تشتد حاجة البلاد إليها، وفقاً لوكالة رويترز.
كان ماكرون قد وجَّه انتقادات لاذعة جداً للسياسيين اللبنانيين في سبتمبر/أيلول 2020، وقال حينها إنه "أخذ علماً بالخيانة الجماعية" للطبقة السياسية اللبنانية بعد إخفاقها في تشكيل حكومة، خلافاً للتعهدات التي أعلنتها في أول سبتمبر/أيلول الماضي خلال زيارته الثانية للبنان.
ماكرون ذكر أنه "يخجل" مما يقوم به القادة اللبنانيون بعد فشلهم في تشكيل حكومة في إطار مبادرة أطلقها رئيس فرنسا، وندَّد بـ"نظام من الفساد يتمسك به الجميع، لأن الجميع يستفيدون منه".
وحتى الآن لم تتشكل حكومة لبنانية جديدة، إذ أعلن رئيس الوزراء اللبناني المكلف، سعد الحريري، الأربعاء الفائت، أنه قدم لرئيس الجمهورية، ميشال عون، تشكيلة حكومية من 18 وزيراً من أصحاب الاختصاص، بعيداً عن الانتماء الحزبي.
بحسب مصادر خاصة لـ"عربي بوست"، فقد قدم الحريري بالفعل تشكيلة حكومية مكتملة من 18 وزيراً موزعاً الحقائب على الطوائف والقوى السياسية، لكن تشكيلته لم تتضمن أي "ثلث معطل"، وهو عُرف حكومي نشأ منذ عام 2008، اشترطه "حزب الله" ليحصل هو وحلفاؤه على ثلث الحكومة، ما يعني قدرته على إسقاطها حال إصدار قرارات تمس "المقاومة".
الحريري قام أيضاً بتجزئة الوزراء المسيحيين التسعة في الحكومة بطريقة تمنع التيار الوطني الحر من الحصول على الثلث المعطل، ليوزع الوزراء كالتالي: أربعة وزراء مسيحيين يسميهم رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحرّ، وزير لحزب الطاشناق الأرمني، ووزير لتيار المردة، ووزير للحزب السوري القومي الاجتماعي، ووزيران يسميهما الحريري بالتنسيق مع فرنسا.
لكن عون الذي يتمسك بتسمية وزارة الداخلية رفض فكرة أن يكون وزير الداخلية من حصة الحريري، بعد أن طرح الحريري اسم نقولا الهبر، كما أن عون قال للحريري إنه يتمسك بالثلث المعطل، مضيفاً أن هذه التشكيلة يراد منها "محاولة إحراجه"، على حد تعبيره.
أخذ عون التشكيلة الحكومية من الحريري، وأكد له أنه سيدرسها، لكن – بحسب المصدر – فإن عون بالمقابل سلّمه، شفهياً، طرحاً حكومياً متكاملاً أيضاً.
يتضمن الطرح توزيع الحقائب والوزارات على الطوائف، لكن من دون أسماء، وهو ما اعتبره مقربون من الحريري "مخالفة دستورية تخالف نص وروح اتفاق الطائف".
وبينما لم يتوصل الساسة اللبنانيون بعد إلى اتفاق حول تشكيل الحكومة الجديدة، يتوقع أن تحمل الزيارة المقبلة لرئيس فرنسا إلى بيروت مزيداً من الضغوط على الساسة، لا سيما أن باريس اشترطت سابقاً أنها لم تعد تقدم مساعدات إلى لبنان بدون مقابل.