يسعى الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب لإفساد حفل تنصيب خليفته جو بايدن، وهذه النقطة يرى كثيرون أنها المؤشر الأبرز على تسليم الرئيس بهزيمته رغم تصريحاته المتكررة بالإنكار، فماذا يخطط له ترامب الآن استعداداً ليوم الرحيل عن البيت الأبيض؟
ترامب نجم تليفزيون الواقع يعود للأضواء
يدرس ترامب حالياً ترتيب خروج مدوِّ من البيت الأبيض على غرار برامج تليفزيون الواقع، يبدأ بمغادرته على متن هليكوبتر رئاسية تقله إلى حيث تنتظره الطائرة الرئاسية التي تطير به من واشنطن العاصمة إلى فلوريدا، حيث ينتظره حشد ضخم من أنصاره ليلقي خطاباً أمامهم، بالتزامن مع حفل تنصيب جو بايدن، بحسب تقرير لموقع Axios الإخباري الأمريكي نقلاً عن مصادر لم يسمّها.
يقام حفل تنصيب الرئيس الأمريكي ظهر يوم 20 يناير/كانون الثاني ولهذا اليوم تقاليد راسخة، حيث يبدأ بوصول الرئيس المنتخب وزوجته إلى البيت الأبيض ويكون الرئيس المنتهية ولايته في انتظاره ويجتمعان معاً لبعض الوقت، ثم يتوجه الجميع إلى مكان حفل التنصيب الذي يحضره جميع الرؤساء السابقين الذين لا يزالون على قيد الحياة وتسمح ظروفهم الصحية بذلك.
لكن منذ ظهور ترامب- نجم تليفزيون الواقع وملياردير العقارات- على الساحة السياسية الأمريكية عام 2015 وفوزه المفاجئ بترشيح الحزب الجمهوري ثم فوزه بالرئاسة عام 2016 على حساب هيلاري كلينتون، تغيرت كثير من الثوابت في السياسة الأمريكية والمشهد السياسي بشكل عام، وبالتالي يتوقع كثير من المراقبين أن يشهد يوم تنصيب جو بايدن الشهر المقبل أموراً غير مسبوقة وتصرفات غير متوقعة من جانب ترامب.
جمع التبرعات والاستعداد للانتخابات المقبلة
ومنذ انتهاء الانتخابات الحالية يوم 3 نوفمبر/تشرين الثاني وتصديق غالبية الولايات الأمريكية على النتائج بفوز جو بايدن، يعيش الرئيس المهزوم في عالمه الخاص القائم على الإنكار التام للهزيمة والإصرار على أنه الفائز وأن الانتخابات تم تزويرها لصالح منافسه الديمقراطي من جانب الدولة العميقة، رغم عدم وجود أدلة تدعم تلك المزاعم.
فقد رفضت محاكم الولايات بدرجاتها المختلفة جميع الدعاوى القضائية التي رفعها فريق ترامب القانوني، وتوقع كثير من المراقبين بعد تصريحات النائب العام الأمريكي وحليف ترامب المخلص ويليام بار، بأن وزارة العدل التي يرأسها بار لم تجد دليلاً على حدوث وقائع تزوير يمكنها أن تؤدي إلى تغيير نتائج الانتخابات، سيعلن ترامب استسلامه للنتيجة، لكن ذلك لم يحدث.
وقبل أيام نشر موقع Vox الأمريكي تقريراً بعنوان "كيف تفسر إيميلات ترامب الخادعة لجمع التبرعات ورفضه التسليم بالهزيمة"، تناول سبباً مادياً وراء تمسك ترامب بمزاعم التزوير ورفض التسليم بفوز بايدن، حيث جمع تبرعات تخطت 170 مليون دولار في أقل من ثلاثة أسابيع من جيوب أنصاره المصدقين لتلك المزاعم والمقتنعين بقدرته على البقاء في البيت الأبيض لفترة ثانية.
خطف الأضواء من الرئيس المنتخب
لكن الواضح أن ترامب العاشق للأضواء لا يريد أن يكون آخر يوم له في البيت الأبيض عبارة عن تواجد شرفي في حفل تنصيب خصمه بايدن، لذلك يبدو أنه يخطط لترتيب مختلف لذلك اليوم يجعله هو محط الأنظار، ليس فقط في الولايات المتحدة ولكن حول العالم.
ترامب يناقش حالياً كيف يستغل سلطاته كرئيس في ترتيب خروج لافت من البيت الأبيض يغطي على حفل تنصيب بايدن، وليس فقط عدم التسليم بالهزيمة أو الترحيب به في البيت الأبيض أو حتى الالتزام بحضور حفل التنصيب يوم 20 يناير/كانون الثاني.
والهدف من تلك الترتيبات هو على أقل تقدير تقسيم الأضواء في ذلك اليوم بين حفل التنصيب والخروج الكبير لترامب من البيت الأبيض، حيث يخطط ترامب للإعلان عن ترشحه في انتخابات 2024 أمام أنصاره معلناً أنه سيكون الناقد الأول لبايدن "الرئيس غير الشرعي"، من وجهة نظر ترامب بالطبع.
وستكون مغادرة ترامب البيت الأبيض إلى فلوريدا على متن الطائرة الرئاسية، في نفس الساعة التي يؤدي فيها بايدن القسم كرئيس للولايات المتحدة، طريقة الرئيس المنتهية ولايته للبقاء تحت الأضواء في اليوم الأخير له في الرئاسة، ورفضت حملة ترامب التعليق على تقرير Axios سواء بالتأكيد أو النفي.
تهديد للبلاد والديمقراطية
رفض ترامب لنتائج الانتخابات والتشكيك في نزاهتها وتجاهله مهامه كرئيس للبلاد في هذه الفترة الحرجة من الارتفاعات القياسية في حالات الإصابة والوفيات بفيروس كورونا في البلاد جعله عرضة لانتقادات عنيفة من وسائل الإعلام التقليدية ومنافسيه الديمقراطيين بالطبع.
ونشرت شبكة CNN تقريراً بعنوان "تعامي ترامب عن الوباء وإنكاره لنتائج الانتخابات يزيد من سوء شتاء أمريكا الأسود"، تناول محاولات ترامب المستمرة للتشكيك في شرعية الانتخابات التي خسرها وعدم قيام الرئيس المنتهية ولايته بمهامه في وقت تفقد البلاد يومياً آلاف الأرواح بسبب وباء فيروس كورونا.
ومع حصول ترامب على أكثر من 71 مليون صوت في الانتخابات وإقناعه لغالبيتهم بأن فوز بايدن غير شرعي وأن تلك الانتخابات مزورة بالكامل، يصبح النظام الديمقراطي في البلاد في خطر داهم ليس هذه المرة فقط ولكن في أي انتخابات مقبلة، بحسب مراقبين.
ومع ارتفاع إصابات فيروس كورونا في الولايات المتحدة لأكثر من 15 مليوناً ونحو 160 ألفاً ووفاة ما يقرب من 290 ألفاً، تسجل البلاد حالياً أرقاماً قياسية من الحالات الجديدة وتعاني المستشفيات من عدم القدرة على استيعاب تلك الأعداد وتقديم الخدمات الصحية التي يحتاجونها، ورغم ذلك لا يبدو أن هناك أياً من هذا يشغل بال الرئيس ترامب، الذي يركز فقط على الانتخابات ونتائجها التي أطاحت به خارج البيت الأبيض.