تحوّل مجموعة من الروس، من الذين سارعوا إلى التطوّع مبكّراً في التجارب على لقاح "سبوتنيك في" الروسي، إلى باحثين هواة قبل صدور النتائج الرسمية ببيانات المرحلة الثالثة من التجارب، والتي ما يزال أمامها بضعة أشهر رغم تأكيد المسؤولين الروس، الثلاثاء 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أن اللقاح فعّالٌ بنسبة 95%.
وفق تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية، الجمعة 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، فإن المتطوعين وصفهم أصدقاؤهم وأقاربهم بـ"أرانب الاختبار"، وحذّروهم من المشكلات الصحية الخطيرة نتيجة دخول روسيا سباق اللقاحات، لكنهم جهّزوا لأنفسهم مجتمعاً على الإنترنت، وعلى غرار أفراد فريق العلوم في المدرسة الثانوية، فهم يُجرون تحليلاتهم واستكشافاتهم الخاصة.
هوس البحث
يتبادل نحو 1500 شخصٍ الرسائل، ويُجيبون عن التساؤلات، ويُشاركون نتائج الأجسام المضادة خاصتهم، وغيرها من التحديثات الصحية عبر مجموعةٍ غير رسمية على تطبيق تليغرام تُدعى "متطوّعي تجارب لقاح كوفيد Covid Vaccine Trial Volunteers".
هذه واحدةٌ من أكثر الزوايا غرابةً في السباق العالمي من أجل الوصول إلى اللقاح، باعتبار "سبوتنيك" واحداً من بين تركيبات أخرى في معامل الولايات المتحدة والصين وأوروبا.
تُرحّب المجموعة بالقادمين الجُدد اليائسين من أجل الحصول على اللقاح، ويبعثون بروابط تضُم أفضل المواقع التي تقبل المتطوعين سريعاً. ويتعاطفون مع المشاركين المحبطين الذين يبدو أنّهم حصلوا على جرعات من الدواء الوهمي في التجارب. ويُعدون الرسوم البيانية بالنتائج والأعراض، قبل أن يتبادلوا المعلومات التقنية بشأن الأجسام المضادة والخلايا التائية.
وبعضهم خبراء ممن لهم خلفيةٌ عن الكيمياء الحيوية أو أبحاث البيانات، لكن غالبيتهم أشخاص عاديون، في حين سجّلت الحالات الجديدة داخل روسيا أرقاماً قياسية بنحو 24 ألف حالة يومياً.
تطمينات
لم تُعلّق الحكومة الروسية علناً على المجموعة. لكن أحاديثها تبدو مألوفة. فعلى غرار المسؤولين الروس، تعتقد غالبية المنشورات على المجموعة أن اللقاح فعّال.
إذ شارك ديمتري كوليش، عالم الكيمياء الحيوية والأستاذ بمركز ريادة الأعمال والابتكار في معهد سكولكوفو للعلوم والتكنولوجيا البحثي بموسكو، في التجارب، لأنّها كانت الطريقة الوحيدة للحصول على اللقاح.
التردّد الروسي
لكن العديد من الروس ما يزالون متشكِّكين في أمر اللقاحات عموماً، إذ قال 59% من الروس إنهم لن يأخذوا لقاح فيروس كورونا، وفقاً لاستطلاعٍ أجراه مركز Levada Center البحثي الروسي في شهر أكتوبر/تشرين الأول. ولا يعكس الاستطلاع أسباب ذلك التشكُّك. ولكن كما هو الحال في أوروبا والولايات المتحدة وغيرها، فقد انتشر اللوبي المناهض للقاح في بعض الأوساط الروسية، إلى جانب نظريات المؤامرة التي تقترح أنّ فيروس كورونا الجديد لا وجود له.
بينما قال المتطوع في التجارب أليكساندر سامسونوف (39 عاماً)، عضو مجموعة تليغرام الذي زعم أنّه حصل على دفعة قوية من الأجسام المضادة بناءً على اختبار Liaison الخاص بشركة DiaSorin الإيطالية، والذي حصل عليه داخل مركز اختبار في موسكو: "بالنسبة لفاعلية اللقاح الروسي أو أيّ لقاح آخر، لا أعتقد أنّ أحداً يعرف على وجه الثقة. وسوف نعرف مدى الفاعلية بمرور الوقت".
وقد قرّر ساسونوف الانضمام إلى تجارب اللقاح بعد وفاة جدته (92 عاماً)، بسبب كوفيد-19، وإصابة أصدقائه بالفيروس.
ووصف اللقاح الذي ما يزال تجريبياً، بأنه ساعد في تحسين مزاجه كأنه ستارٌ يرتفع داخل السينما، لتكشف الشاشة عن العرض الأول للفيلم.
وأردف: "أشعر بهدوءٍ أكبر، وأشعر بأنّني أستطيع الخروج من العزلة الذاتية الآن. لا أستطيع العيش في عزلة حتى صيف عام 2021".