كشف موقع Middle East Eye البريطاني أن النائبة الديمقراطية الأمريكية إلهان عُمر ستتقدم بمشروع قرارٍ إلى الكونغرس، يوم الثلاثاء 24 نوفمبر/تشرين الثاني، يُدين عنف الشرطة، وهو ما قد يكون له تداعيات بعيدة المدى على حلفاء الولايات المتحدة، ومنهم مصر والسعودية.
مسودة مشروع القرار، التي اطلع عليها موقع MEE، تدعو إلى وضع حد لاستخدام المعدات والتكتيكات العسكرية في حفظ الأمن في الولايات المتحدة، ويحض مصنعي الأسلحة الأمريكيين على وقف بيع الأسلحة الهجومية الفتاكة وغير الفتاكة إلى البلدان التي لديها أنماط موثقة من وحشية الشرطة والاستخدام المفرط للعنف.
قضية فلويد تعود إلى الواجهة: ويأتي مشروع القرار الذي تنوي إلهان التقدم به بعد عامٍ من الاحتجاجات غير المسبوقة في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم ضد عنف الشرطة، ومع ذلك فقد ووجهت هذه الاحتجاجات، في كثير من الحالات، بردود غير متناسبة من الشرطة، وغالباً ما تكون وحشية أو مفرطة العنف، ما أدى إلى وقوع إصابات ووفيات.
عام 2020 كان قد شهد توثيق حوادث عنف مفرطة من قبل الشرطة في دول عدة، منها نيجيريا والكاميرون وهندوراس وتشيلي وهونغ كونغ وبيلاروسيا والهند وبولندا ومصر والسعودية، ودول أخرى.
رداً على ذلك، وفي بيان وصل إلى موقع MEE، قالت إلهان: "هذا العام، سيكون كثير من اهتمامنا منصباً على مشكلة عنف الشرطة" وكيفية مواجهتها.
أضافت النائبة الأمريكية من أصول صومالية: "في دائرتي، شعرنا بهذا الألم شديداً مع مقتل جورج فلويد. كما شاهدنا الصور المروعة لقوات الشرطة وهي تخرج مسلحة بمعداتها العسكرية لمواجهة احتجاجات سلمية".
ويأتي مشروع القرار في أعقاب قرار آخر يدين العنف المفرط للشرطة وتشريع يسعى لتجريمه، والذي تم التقدم به في وقت سابق من الصيف.
لكن في حين ركز القرار والتشريع السابقان على الإجراءات المحلية للقضاء على عنف الشرطة، يُعنى هذا القرار بالعمل لوضع حدٍّ لتواطؤ الحكومة الأمريكية في حملات القمع العنيفة ضد الاحتجاجات المدنية في أنحاء أخرى من العالم.
وقالت عمر في بيانها: "لقد تجاوز عنف الشرطة الجغرافيا والسياق المحلي. لقد أظهرت هذا الوجه في الديمقراطيات والديكتاتوريات، ولهذا السبب، يجب ألا نكتفي بإدانة وحشية الشرطة محلياً فحسب، بل في جميع أنحاء العالم".
وأشارت إلى أن "بعض الشركات الأمريكية هي من بين الشركات المصدرة الرئيسية للغاز المسيل للدموع. غير أنه سواء أكان في نيجيريا أم في هونغ كونغ أو مصر، يجب ألا يكون للولايات المتحدة علاقة بتلك المعدات التي تُستخدم بعد ذلك لقمع المظاهرات المؤيدة للديمقراطية".
في لهجة حازمة أكدت إلهان: "حركاتنا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً، ومصادر العنف غالباً ما تكون واحدة. إن حرية التعبير والتجمع السلمي من بين قيمنا الأشد تأسيسية والأجدر بالاعتزاز. ومن ثم يجب أن نتكاتف جميعاً لحمايتها".
تداعيات القرار على حلفاء الولايات المتحدة
من جهة أخرى، يأتي الاقتراح الجسور لإلهان عمر بعد أيام فقط من تصريحات لها في مقال رأي نشرته في افتتاحية مجلة The Nation الأمريكية، قالت فيه إن الرئيس المنتخب جو بايدن لديه "فرصة لا تأتي سوى مرة واحدة في كل جيل لإعادة توجيه السياسات الخارجية الأمريكية بعيداً عن التحالفات العسكرية قصيرة النظر، وأكثر توجهاً نحو العدالة".
في غضون ذلك، فإن خيارات بايدن لحكومته الجديدة تركت المحللين التقدميين مقتنعين بأن الإدارة الجديدة من غير المرجح أن تجلب تصوراً أو أفقاً جديداً للسياسة الخارجية الأمريكية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
ومع ذلك، فإذا تم تمرير قرار النائبة إلهان عمر فقد يكون لذلك تداعيات على حليفي الولايات المتحدة، مصر والسعودية.
يُذكر أنه في عهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي سحقت الحكومة المصرية جميع أشكال المعارضة لها وأي مظهر من مظاهر الحقوق المدنية، وتكتظ السجون بعشرات الآلاف من السجناء السياسيين الذين يواجهون معاملة غير إنسانية.
من جانبه، وصف سكوت روهم، مدير منظمة "مركز ضحايا التعذيب" (CVT)، القرار إذا صدر، بأنه "حاسم" وذو أهمية كبيرة.
وقال روهم لموقع MEE: "ليس هناك شك في أن الولايات المتحدة قد اتخذت خيارات فيما يتعلق بالسياسة الخارجية أدت إلى تأجيج الصراعات والعنف، وبطرق تغضّ الطرف عن ممارسات الوحشية السياسية".
أضاف: "إن عنف الشرطة القائم على العنصرية داخل الولايات المتحدة، والفشل في مواجهته على نحو كافٍ، له تأثير مماثل: فعندما ترتكب الولايات المتحدة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان هنا ولا تتخذ تصرفاً حيالها على هذا النحو، فإن ذلك يسهم في التطبيع معها وإعطاء رخصة لأن يكون ارتكاب الانتهاكات نفسها في الخارج أمراً يمر دون عقاب".
على النحو نفسه، رحب جاستن مازولا، وهو باحث في منظمة العفو الدولية بالولايات المتحدة، بصدور قرار كهذا، قائلاً إن الأشخاص الذين يحتجون على الفساد في دول، مثل لبنان وليبيا ونيجيريا، "لديهم كل الحق في إسماع أصواتهم".
مضيفاً: "سيكون هذا بياناً قوياً لدعم احتجاجات نيجيريا [المناوئة لعنف الشرطة، خاصة وحدة محاربة السرقة، المعروفة باسم "سارس"] #ENDSARS، ودعواتهم للمحاسبة على عنف الشرطة، والمطالبة بإصلاحها في نيجيريا".