أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، الأحد 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إنشاء لجنة تحقيق حكومية في شراء غواصات وزوارق صواريخ من ألمانيا بمليارات الدولارات، وهي الواقعة التي كثيراً ما تُوصَف بأنَّها أسوأ فضيحة فساد في تاريخ إسرائيل، ويتصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قائمة المتهمين فيها.
بحسب صحيفة The New York Times الأمريكية، الإثنين، فإن خطوة وزير الدفاع، بيني غانتس، تأتي في إطار الضغط على نتنياهو، وهو منافس سياسي له، من أجل الوفاء باتفاقات تحالفهما، ولكنَّها قد تتسبب في زعزعة حكومة الوحدة المتداعية فعلاً، بسبب عدم التزام نتنياهو بجدول الاتفاقيات الزمني.
غير ملزمة: حتى اللحظة، لم يُسمَّ نتنياهو بشكل شخصي مُشتبهاً به في تحقيقٍ بشراء غواصات وزوارق من ألمانيا، إلا أن تحقيقاً سابقاً للشرطة شهد إيقاف العديد من مساعديه المقربين.
هذه التحقيقات أكدت تورط العديد من المقربين من نتنياهو، في تلقي أموال غير مشروعة كجزء من خطة عامة ضخمة لشراء سفن وغواصات للبحرية الإسرائيلية بلغت مليارات الدولارات من شركة بناء السفن الألمانية "ثيسنكروب"، في الوقت الذي تصر فيه جهات قضائية على أن رئيس الوزراء متورط بشكل شخصي في التربح المالي الخاص من هذه الصفقة الضخمة.
يترأس اللجنة القاضي أمنون ستراشنوف، وتضم في عضويتها قائداً سابقاً بالبحرية ومسؤولاً سابقاً في المشتريات الحكومية، وقد تتمتع بأهمية عامة وأخلاقية، إلا أنها تفتقر إلى السلطة القانونية، ولا يمكنها إلزام أي شخص بالمثول أمامها، فيما من المتوقع أن تستمر أعمالها نحو 4 أشهر.
خطوة أولية: أشار غانتس، وهو رئيس أركان سابق للجيش، الأحد، إلى أن هذا التحقيق من الممكن أن "يُسلِّط الضوء على جزء من العمليات التي أدَّت إلى شراء الغواصات والزوارق".
لكن هذه الخطوة المحدودة لا يمكن دعمها بإنشاء لجنة تحقيق حكومية كاملة، إلا بموافقة من الحكومة، وهو بوضوحٍ الأمرُ الذي لن يُقْدم عليه حزب الليكود المحافظ الذي يتزعمه نتنياهو.
فيما يرمي الإجراء الأكثر محدودية لغانتس، بحسب الصحيفة، إلى تحقيق بعض الإرضاء لناخبيه الساخطين ومنتقديه داخل حزبه الوسطي "أزرق أبيض"، الذي يتخلَّف في استطلاعات الرأي منذ تراجع وزير الدفاع عن أحد تعهداته الانتخابية وتحالف مع نتنياهو.
من جانبه، انتقد حزب الليكود قرار غانتس بقوة، في حين رفضه باعتباره مناورة سياسية فارغة تهدف إلى إنعاش دعمه المتهاوي.
حيث قال الحزب في بيان: "لم ينجح غانتس في الخروج من قاع استطلاعات الرأي، لذا يعيد تدوير قضية الغواصات لكسب الأصوات فيما ينشغل حزبه في الخلافات الداخلية".
وضع سياسي منهار: يشار إلى أن غانتس دخل حكومة الوحدة في مايو/أيار الماضي، وأعلن أنَّ الأولوية للتعامل مع أزمة فيروس كورونا وتجنُّب الذهاب لانتخابات رابعة بعد ثلاثة انتخابات وطنية في غضون سنة انتهت بنتائج غير حاسمة، فلم يستطع أي طرفٍ الحصول على أغلبية في البرلمان لتشكيل حكومة.
لكنَّ الحكومة التي يقودها نتنياهو كانت مشلولة إلى حدٍّ كبير، في ظل تقاتُل الشركاء على المواعيد النهائية للميزانية والتعيينات العليا، فيما أوضح سياسيو الليكود، أنَّه لا نية لديهم للوفاء باتفاق تحالفهم الذي كان من المفترض أن يؤدي إلى تولي غانتس دوره كرئيس للوزراء في غضون عام.
فساد نتنياهو: ويُحاكَم نتنياهو بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا أخرى تتضمَّن مزاعم بالحصول على هدايا غير مشروعة ومقايضة أفضال وصنائع رسمية مُربِحة مقابل الحصول على تغطية إعلامية فيها محاباة له. لكنَّه ينفي ارتكاب مخالفات.
غير أنَّ قضية الغواصات تستمر أيضاً في الإلقاء بظلالها على مستقبله، إذ ظهرت نماذج الغواصات على نطاق واسع باعتبارها لافتات تُرفَع في المسيرات المناهضة لنتنياهو والاحتجاجات التي تجري أسبوعياً خارج مقر الإقامة الرسمي لرئيس الوزراء.