قال تقرير نشره Middle East Eye البريطاني، إن التحالف غير المعتاد بين السعودية وحزب الإصلاح اليمني يقع حالياً تحت ضغوطٍ لم يشهدها من قبل، إذ تركت تحرُّكات جديدة قامت بها الرياض، وتستهدف جماعة الإخوان المسلمين، حزبَ الإصلاح المُنتسب إلى الجماعة، في خشيةٍ من وضعه، في ظل التطورات الجديدة.
وحزب الإصلاح الممتد داخل مدن اليمن والمناطق القبلية السُّنية، تميَّز خلال فترات طويلة بإقامة علاقة قوية مع السعودية وهو حريص دائماً على تقويتها، كما أن قادته أعلنوا أكثر من مرة، أنهم تجمُّع يمني وطني ولا تربطهم أي علاقة تنظيمية بتنظيم الإخوان المسلمين.
لطالما عارضت دولتا السعودية والإمارات العربية المتحدة جماعة الإخوان المسلمين، مصنِّفة إياها بالمنظمة الإرهابية في 2014.
ومع ذلك، فقد وجدت السعودية شريكاً لها باليمن طوال عقودٍ عديدة، متمثلاً في حزب الإصلاح اليمني، الذي ازدادت مكانته أهميةً بالصفوف السعودية عقب التدخُّل العسكرية بقيادة السعودية في حرب اليمن عام 2015.
وفيما كانت السعودية تمدُّ مقاتلي حزب الإصلاح بالأسلحة لمحاربة حركة الحوثيين الموالين لإيران، بل حتى وهي تُرسل قوَّاتها للقتال جنباً إلى جنب في صفِّ الإصلاحيين، امتنعت الرياض عن توجيه أي خطابٍ أو إجراءاتٍ عدوانية ضد الإخوان المسلمين.
لكنَّ هذا تغيَّر الأسبوع الماضي، عندما أصدر مجلس هيئة كبار العلماء السعوديين بياناً يصِف فيه جماعة الإخوان المسلمين بأنَّها منظمة إرهابية؛ ما أدَّى إلى بلبلةٍ في صفوف مسؤولي حزب الإصلاح باليمن، حسب الموقع البريطاني.
المجلس قال في بيانه، إنَّ "جماعة الإخوان المسلمين لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدى ديننا الحنيف، وتتستّر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب". وكان هذا أوَّل تصريحٍ رسمي تُصدره الصعودية ضد الإخوان المسلمين منذ 2014، وقد ترك بدوره حزب الإصلاح مكشوفاً للخطر.
الإمارات العربية المتحدة، حليفة السعودية، كانت قد استهدفت حزب الإصلاح عدة مراتٍ خلال حرب اليمن، رغم أنَّ الكيانين كانا في ظاهر الأمر بالصف ذاته من النزاع الدائر في اليمن، حيث استأجرت الإمارات مرتزقة أمريكيين لتوجيه طعنات من الخلف لأعضاء الحزب وقتل قادةٍ سياسيين من حزب الإصلاح.
مع ذلك، لطالما منعت المناصرة السعودية لحزب الإصلاح العداوات الإماراتية-الإصلاحية من الخروج عن السيطرة.
وفي ردٍ على البيان السعودي، انتقد قادةٌ كانوا محسوبين على حزب الإصلاح، ومن بينهم توكل كرمان الحائزة جائزة نوبل للسلام، المملكةَ السعودية، متهمين إياها هي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان بقمع الحريات.
توكل كتبت في تغريدةٍ على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري: "إلى هيئة كبار المُطبِّلين لابن سلمان ومُلمِّعي أحذيته: الإخوان في السعودية مكافحون في سبيل الحرية، ونظام الطاغية بن سلمان قامع لحريات الجميع، الإخوان وغير الإخوان".
كما أضافت أن "سجون بن سلمان تمتلئ بكل من قال (لا)، بل وكل من يتوقع أنَّه سيقول (لا). أما الإرهاب فالسعودية أمه وأبوه الروحي".
نهاية التحالف: يعيش العديد من مسؤولي حزب الإصلاح في السعودية، وعادةً ما يعملون بحكومة الرئيس هادي ورئاسته، التي تُدار من المملكة السعودية منذ بداية الحرب.
لم يُصدَر أي بيانٍ رسمي رداً على السعودية حتى الآن، لكنَّ أعضاء حزب الإصلاح في اليمن يعتقدون الآن أنَّ تحالفهم مع السعودية قد لاقى نهايته.
وقال عضوٌ من حزب الإصلاح، تحدَّث إلى موقع Middle East Eye البريطاني بشرط عدم الإفصاح عن هويته: "تُحاربنا الإمارات منذ 2017، وقد دعمت المجلس الانتقالي الجنوبي كي يحاربنا في جنوب اليمن، لكنَّ السعودية كنت تقف على صف الحياد".
كما قال إن "السعودية تدخلت أكثر من مرة لتسوية النزاعات الدائرة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المدعومة من قِبل حكومة هادي، وقد قبلنا كل الاتفاقات، إذ كانت السعودية طرفاً محايداً فيها".
مصدر آخر قال إنَّ الحزب لطالما شعر بخيبة أملٍ تجاه السعودية، لكنَّهم لم يتوقَّعوا قط أن يُصنَّفوا إرهابيين، في حين تستضيف المملكة قادة حزب الإصلاح بأراضيها وحاربت إلى جانب مقاتلي الحزب.
الولاء الإماراتي-السعودي: يعتقد محمد علي، وهو صحفي يمني مخضرم، أنَّ الولاء السعودي-الإماراتي بيده أن يُبطِل أي تحالف آخر قد تدخله السعودية.
وقال علي إن هناك خلافات بين الإمارات والإخوان المسلمين في دولٍ عدة، واتخذت السعودية هذه الخطوة حتى تُعلِم العالم أجمع أنَّها تأخذ صف الإمارات ضد الإخوان المسلمين. وأضاف: "أعتقد أنَّ حزب الإصلاح لطالما علِم جيداً أنَّ السعودية تعارضهم حتى قبل ورود هذا الاتهام الموجَّه للإخوان المسلمين"، مشيراً إلى ضَعف الدعم الذي قدَّمته السعودية للقوات الحكومية اليمنية عندما اندلعت اشتباكاتٌ بين قوات الرئيس هادي والقوات الانفصالية الجنوبية المدعومة من قِبل الإمارات من قبلُ.
وأشار عليّ إلى أنَّ الإمارات وجماعة الإخوان المسلمين تخوضان حرباً دولية تمتد بين مصر، وليبيا، وغيرهما، مضيفاً أنَّ حزب الإصلاح يُجذَب الآن للتورط في هذه الحرب وأنَّه يواجه فترةً عصيبة مقبلة.
شقوقٌ متفاقمة: منذ 5 أعوامٍ كانت قوات الرئيس هادي متّحدة، تقاتل جنباً إلى جنب ضد الحوثيين في عدن وتعز ومحافظاتٍ أخرى. لكن اليوم، تزداد الانقسامات طوال الوقت، بولادة خلافاتٍ وجماعاتٍ جديدة.
وتقدم الإمارات خدمات كبيرة لإيران والحوثيين في اليمن من خلال شق صف القوى المناوئة للحوثيين وتنفيذ اغتيالات بصفوف قيادات سُنية قبلية وعسكرية محسوبة على حزب الإصلاح، كما دعمت مسلحين في الجنوب يطالبون بالانفصال، ودعمت جيشاً موازياً للقوات الحكومية يرأسه ابن شقيق الرئيس السابق، علي عبدالله صالح.
الصحفي محمد عليّ قال إنَّ ما تقوم به السعودية قد يدفع حزب الإصلاح والحوثيين إلى التقارب. وختم كلامه قائلاً: "أظن أن الحل الأفضل الآن هو أن تتجه الأطراف المتحاربة نحو مصالحةٍ قومية للتوصل إلى حلٍّ سلمي للحرب الدائرة، إذ إنَّ هذا هو الحل الوحيد للأزمة".