وجَّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، اتهامات لكل من روسيا وتركيا باتباع "استراتيجية" تهدف إلى تأجيج مشاعر معادية لفرنسا في إفريقيا من خلال استغلال "نقمة ما بعد حقبة الاستعمار"، وذلك في مقابلة نشرتها مجلة "جون أفريك"، التي تصدر في فرنسا، وتتناول الشؤون الإفريقية.
في الفترة الأخيرة، تضاعفت حدة التوتر في العلاقة بين باريس وأنقرة، بسبب عدة ملفات إقليمية، من بينهما صراع النفوذ في القارة السمراء.
قلق ماكرون
حسب تقرير لوكال "أ.ف.ب." الفرنسية، الجمعة، فإن الرئيس الفرنسي اعتبر في المناسبة نفسها أن "هناك استراتيجية يتم اتباعها، ينفذها أحياناً قادة أفارقة، لكن بشكل أساسي قُوَى أجنبية مثل روسيا وتركيا، تلعب على وتر نقمة ما بعد حقبة الاستعمار".
إذ أضاف قائلاً: "يجب ألا نكون سُذجاً فالعديد من الذين يرفعون أصواتهم ويصورون مقاطع فيديو، والحاضرون على وسائل الإعلام الفرنكوفونية يرتشون من روسيا أو تركيا".
ماكرون شدَّد أيضاً في هذه المقابلة الطويلة على "العلاقة المنصفة" و"الشراكة الحقيقية" التي تسعى فرنسا لإقامتها مع القارة الإفريقية منذ وصوله إلى السلطة عام 2017، من خلال رفع "المحرمات" على صعيد "الذاكرة والاقتصاد والثقافة والمشاريع".
قصة حب
المتحدث نفسه ذكر في هذا السياق إعادة تحف من التراث الإفريقي إلى بنين ومدغشقر، ووقف التعامل بالفرنك الإفريقي.
كما تابع ماكرون: "أعتقد أن العلاقة بين فرنسا وإفريقيا يجب أن تكون قصة حب"، مؤكداً: "يحب ألا نكون أسرى ماضينا".
وشدد على أن دبلوماسيته "لا تقتصر على إفريقيا الفرنكوفونية" وأنه زار "دولاً لم يسبق أن زارها أي رئيس فرنسي".
بعدما توجه إلى نيجيريا وإثيوبيا وكينيا، يأمل ماكرون في زيارة جنوب إفريقيا وأنغولا قريباً.
كما قال أيضاً إن القمة الفرنسية الإفريقية المقبلة التي تم إرجاؤها بسبب تفشي وباء كوفيد-19 "ينبغي أن تعقد في تموز/يوليو 2021 في مونبلييه"، وهي "ستصوّر تغيير النهج هذا".
المتحدث نفسه صرح بأنه "لن ننظم قمة تقليدية بدعوة رؤساء الدول"، بل "بالتركيز على الأشخاص الذين يجسدون تجدد الأجيال".
ملعب جديد لمنافسة حادّة
الديناميكية الدبلوماسية والاقتصادية التركية بإفريقيا تزعج بشكل جِدّي فرنسا على اعتبار أن هذه القارة كانت إلى وقت قريب فضاء استراتيجياً خالصاً بناء على مخلفات إرث المرحلة الاستعمارية.
منذ أكثر من 20 سنة تزايد الحضور التركي بالدول الإفريقية بقوة. فتركيا تتوفر الآن على أكثر من 41 تمثيلية دبلوماسية بالقارة، إضافة إلى تقوية نشاط وكالتها للتنمية والتعاون والتنسيق TIKA وارتفاع عدد الرحلات الجوية المتوافرة عبر شبكة الخطوط التركية.
بطالة وعنف منزلي وزواج القاصرات.. ماذا سيحدث لو تفشَّى كورونا في إفريقيا؟
على المستوى الاقتصادي، أصبحت الشركات التركية تفوز بمزيد من طلبات العروض والصفقات المرتبطة بالبنيات التحتية رغم المنافسة التاريخية والقوية للدول الأوروبية وفي مقدمتها فرنسا.
لوجستياً، عبر شركة الخطوط الجوية التركية، تمكنت تركيا من تقوية ديناميكية نقل البضائع والركاب بحيث أصبح مطار إسطنبول الجديد حالياً نقطة مركزية لربط الدول الإفريقية بباقي مناطق العالم.
تزايُد عداء الدبلوماسية الفرنسية لتركيا يؤججه الشعور بالمنافسة القوية والمتزايدة على قارة كانت إلى وقت قريب فضاء جيواستراتيجياً محمياً من طموحات أنقرة.