إسرائيل لم تتراجع عن ضم الضفة ولم تَعِد أحداً بذلك، فلماذا أعادت السلطة الفلسطينية العلاقات معها الآن؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/11/19 الساعة 10:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/11/19 الساعة 10:19 بتوقيت غرينتش
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس/رويترز

يرى خبراء فلسطينيون أن السلطة الفلسطينية تبعث برسائل إلى الإدارة الأمريكية المنتخبة، برئاسة جو بايدن، من خلال إعادة مسار العلاقة مع إسرائيل إلى ما كان عليه قبل 19 مايو/أيار الماضي، في إشارة إلى الالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات المشتركة.

وخلصوا، في أحاديث للأناضول، إلى وجود أسباب سياسية ومالية دفعت السلطة إلى إعادة العلاقات مع إسرائيل، التي كانت تخشى هي الأخرى من انفجار غضب الفلسطينيين؛ جراء أزمة مالية خانقة هي أبرز مسبباتها، بحرمان السلطة من أموال الضرائب.

"إنجاز للقيادة الفلسطينية"

وقال وزير الشؤون المدنية الفلسطيني، حسين الشيخ، الثلاثاء، إن الجانب الفلسطيني تلقى رسالة رسمية من الحكومة الإسرائيلية تعلن فيها التزامها بالاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية.

وأضاف الشيخ، في تصريح متلفز: "نحن أمام رؤية سياسية جديدة، وهي أن الحكومة الإسرائيلية ملتزمة بالاتفاقيات، وهذا يعني أن كل مشروع آخر يستهدف تصفية القضية لم يعد موجوداً على الطاولة". واعتبر أن "ما تحقق اليوم إنجاز سياسي وانتصار عظيم للقيادة الفلسطينية"، على حد تعبيره.

وتابع: "أهمية الرسالة تكمن في كونها الأولى من نوعها في عهد نتنياهو، وليس بعودة العلاقات مع إسرائيل".

وكانت السلطة الفلسطينية قد أوقفت التنسيق مع إسرائيل، منذ أن أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في 19 مايو/أيار الماضي، أن السلطة "في حِل من جميع الاتفاقيات والتفاهمات مع إسرائيل".

وجاءت تلك الخطوة احتجاجاً على مخطط إسرائيلي يستهدف ضم نحو ثلث مساحة الضفة الغربية المحتلة، كان مقرراً البدء بتنفيذه مطلع يوليو/تموز الماضي، لكن مسؤولين إسرائيليين أعلنوا تأجيله.

والتنسيق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ذو شقين أمني ومدني، وهو أحد إفرازات اتفاق أوسلو، الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في 1993.

رسائل لبايدن وهدايا مجانية لإسرائيل

يقول سليمان بشارات، مدير مركز يبوس للدراسات، في حديث للأناضول، إن القرار الفلسطيني بقطع العلاقات مع إسرائيل راهن على عامل الزمن، المتمثل برحيل إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وقدوم إدارة جديدة، وهو ما تحقق في الانتخابات الأخيرة بفوز بايدن.

وأضاف: "السلطة لا تريد أن تبدأ مرحلة جديدة مع إدارة أمريكية جديدة في ظل استمرار حالة الصراع والمواجهة، إنما تريد أن ترسل رسائل مفادها أنها ملتزمة بالاتفاقيات والمفاوضات ومستعدة للحديث مع الإدارة الجديدة".

ويؤدي الرئيس الأمريكي المنتخب اليمين الدستورية في 20 يناير/كانون الثاني المقبل. وأرجع عودة العلاقات إلى قلة الإمكانيات المالية الفلسطينية، حيث دخلت الحكومة الفلسطينية في أزمة مالية خانقة، لعدم تحويل الجانب الإسرائيلي أموال المقاصة (الضرائب)، ما انعكس سلباً على قدرة الفلسطينيين على صرف رواتب الموظفين الحكوميين.

ورأى أن عودة العلاقات قد يعطي أملاً بعودة الدعم الأمريكي المادي للسلطة الفلسطينية والمتوقف كلياً في الوقت الراهن. لكن ثمة دوافع داخلية أيضاً، فالسلطة الفلسطينية، وفق بشارات، باتت تخشى على وجودها، وتريد بعودة العلاقات قطع الطريق على أي "مخططات" من شأنها تغيير القيادة السياسية.

وتابع أن السلطة سعت إلى امتصاص الغضب المتزايد في الداخل الفلسطيني، إثر الأزمة المالية الخانقة، التي عصفت بكل المكونات، خاصة الموظفين الحكوميين.

أسباب مالية وسياسية

أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، جهاد حرب، يرى أن لقرار العودة مسببات عديدة، منها ما هو سياسي ومالي. وأضاف حرب للأناضول أن "السلطة الفلسطينية تعتقد أن قرار الضم الإسرائيلي للضفة الغربية بات غير موجود، فإسرائيل لم تعد تتحدث عنه، وصرحت الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها بأن الضم تأجل إثر التطبيع العربي الإسرائيلي".

ووقعت الإمارات والبحرين مع إسرائيل، في واشنطن منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، اتفاقيتين لتطبيع العلاقات، وهو ما قوبل بغضب شعبي عربي، واعتبرته السلطة "خيانة" للقضية الفلسطينية في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ عربية، حتى إنها سحبت سفيريها من أبوظبي والمنامة، لكنها قررت بشكل مفاجئ أن تعيدهما الآن، بالتزامن مع قرارها بإعادة العلاقات مع إسرائيل. 

ويقول حرب إن "فوز إدارة أمريكية جديدة في الانتخابات بدد المخاوف الفلسطينية من تطبيق صفقة القرن.. الإدارة الجديدة ستعمل على إعادة النظر في العملية السياسية".

و"صفقة القرن" هي خطة أمريكية أعلنها ترامب في يناير/كانون الثاني الماضي، وتتضمن تسوية سياسية مجحفة بحق الفلسطينيين ومنحازة لإسرائيل.

ومفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي متوقفة منذ أبريل/نيسان 2014؛ جراء رفض إسرائيل إطلاق سراح معتقلين قدامى ووقف الاستيطان والقبول بحدود ما قبل يونيو/حزيران 1967 أساساً لحل الدولتين.

"مسببات قطع العلاقات تبددت"

ويعتقد حرب "أن المسببات لقطع العلاقات مع إسرائيل تبددت، وبالتالي كان هناك قرار بعودة العلاقات". مشيراً إلى خطورة الوضع المالي للحكومة الفلسطينية، فبعد ستة أشهر من حجز أموال المقاصة، "بات الانهيار قاب قوسين".

وتابع: "أيضاً إسرائيل ترى أن هناك ضرورة لعودة العلاقات، فاستمرار الأزمة المالية قد يفجر الأوضاع ميدانيا، وهو ما لا تريده". واعتبر حرب أن هذا "القرار (إعادة العلاقات) ليس هزيمة فلسطينية، كما أنه ليس انتصاراً، بقدر ما هو حاجة وضرورة".

"تحسين ظروف التفاوض"

بلال الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، يرى أن السلطة الفلسطينية سعت بقطع العلاقات إلى تحسين ظروف التفاوض مع إسرائيل. وأضاف الشوبكي للأناضول أن السلطة أبقت من اليوم الأول خيار العودة في حال تغيرت الظروف، وهي تعتقد اليوم أن الظروف تغيرت.

ورأى أن "السلطة الفلسطينية لا تملك الكثير من أوراق الضغط والقوة، وسعت جاهدة لفرض شروط كوقف الضم". ودعا إلى بناء استراتيجية فلسطينية جديدة، تتمثل بتفعيل دور منظمة التحرير النضالي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

تحميل المزيد