في وقت حرج دبلوماسياً، وفي زيارة تمثل إحراجا لمضيفه بدأ وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو جولة بالشرق الأوسط وأوروبا، حيث تبدو أهداف جولة بومبيو في الشرق الأوسط تحديداً ليس لها علاقة وثيقة بالمصالح الأمريكية بل بأهداف إدارة ترامب ومصالح بومبيو الشخصية.
وتركز الزيارة على القضايا الدينية والإنجازات الدبلوماسية التي حققتها إدارة ترامب لصالح إسرائيل، لكنها مثقلة بالهزيمة الانتخابية التي لم يعترف بها بومبيو ولا رئيسه.
وتشمل زيارة بومبيو التي بدأت الجمعة أوروبا والشرق الأوسط في رحلة تشمل سبع دول، وسيتخللها التوقف في مستوطنة بالضفة الغربية، مما يجعله أول دبلوماسي أمريكي كبير يزور واحدة من المستوطنات الإسرائيلية التي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وتأتي جولة بومبيو في وقت حرج دبلوماسياً منذ أن هنأت حكومات الدول التي يزورها الديمقراطي جو بايدن كرئيس منتخب، فيما أثار بومبيو السخرية عبر مقولته بأن البلاد سوف تشهد عملية انتقال سلسة لفترة ثانية لإدارة ترامب، وسط تلميحات من مساعديه أنه كان يمزح.
جولة بومبيو في الشرق الأوسط ستجد ترحيباً في بلدان بعينها
وتشمل الجولة فرنسا، ثم تركيا وجورجيا وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية، وهي دول قدم قادتها التهاني إلى بايدن.
الغريب أن بومبيو يترك واشنطن في حالة من الفوضى، حيث يرفض الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالانتخابات، ويطرد مسؤولين أمنيين على مستوى مجلس الوزراء وكبار المسؤولين الأمنيين، ومن المتوقع على نطاق واسع أن تتدحرج المزيد من الرؤوس في الأيام المقبلة، كل ذلك بينما تستمر إصابات Covid-19 في الانتشار بين موظفي البيت الأبيض.
ولم تجد زيارة بومبيو الأخيرة لآسيا ولا بداية جولته الحالية في أوروبا ارتياحاً كبيراً سواء بسبب سياسات ترامب الخارجية المثيرة للجدل من ناحية، بالإضافة إلى النظر للإدارة الأمريكية على أنها راحلة عكس محاولة بومبيو نفسه لنفي ذلك، ومع ذلك ربما يجد بومبيو بعض مضيفيه في الشرق الأوسط- بما في ذلك بنيامين نتنياهو ومحمد بن زايد ومحمد بن سلمان- أكثر تقبلاً لزيارته، حسبما ورد في تقرير لمجلة The Diplomat اليابانية.
سجال مع تركيا
في تركيا، سيناقش بومبيو الحرية الدينية مع زعيم الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية الموجودة في إسطنبول، ولكن لا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولا وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو سيخصصان الوقت لرؤيته.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين إن بومبيو لن يجتمع مع القادة الأتراك لأن "لدينا جدولاً زمنياً ضيقاً للغاية في إسطنبول، وأعتقد أن لدى كبار المسؤولين الأتراك أيضاً جدول سفر خاصاً بهم".
وتعليقاً على التلميحات من الزيارة التي تقتصر على القادة الدينيين المسيحيين في إسطنبول، قال بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية إنه "سيكون من الأنسب للولايات المتحدة أن تنظر أولاً في المرآة وتظهر الحساسية اللازمة تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد مثل العنصرية وكراهية الإسلام وجرائم الكراهية".
نبيذ باسم بومبيو
في إسرائيل، من المتوقع أن يحتفل بومبيو بصفقات توسطت فيها إدارة ترامب لثلاث دول عربية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
وسيلتقي بومبيو برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ويناقش اتفاقات أبراهام، التي التزمت بموجبها إسرائيل والبحرين والإمارات العربية المتحدة بفتح سفارات وتبادل السفراء وإطلاق تعاون في مجموعة واسعة من المجالات.
ولكن زيارته الأكثر إثارة للجدل ستكون للأراضي الفلسطينية والجولان السوري المحتل، حيث من المقرر أن يزور بومبيو أيضاً الأراضي المحتلة في مرتفعات الجولان ومستوطنة بساغوت الإسرائيلية في الضفة الغربية، بالإضافة إلى موقع تعميد مسيحي على نهر الأردن، وفقاً لتقرير نشر في أكسيوس، رفض المسؤولون الأمريكيون تأكيدها أو نفيها.
وستكون الزيارة أحدث مظهر لانفصال إدارة ترامب عن السياسة الأمريكية السابقة تجاه الشرق الأوسط.
وتعتبر المستوطنات في الأراضي المحتلة غير قانونية بموجب القانون الدولي، ولم يسبق لأي وزير خارجية أمريكي أن زار مستوطنة في الضفة الغربية- على الرغم من أن بومبيو وضع الأساس لهذه الزيارة المخطط لها العام الماضي عندما ألغى رأياً قانونياً لوزارة الخارجية عام 1978 بأن المستوطنات "تتعارض مع القانون الدولي".
ومن المتوقع أن يزور بومبيو مصنعاً للخمور في مستوطنة بساغوت بالضفة الغربية، والذي أطلق اسم وزير الخارجية على النبيذ الذي ينتجه تكريماً لمساعيه لتغيير سياسة الولايات المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتقع بساغوت على بعد حوالي 20 كيلومتراً- حوالي 12 ميلاً- شمال القدس، وعلى بعد بضعة كيلومترات فقط شرق رام الله، مقر السلطة الفلسطينية.
وندد مسؤولون فلسطينيون، بخطط بومبيو لزيارة مستوطنة بساغوت في الضفة الغربية. وغرد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية يوم الجمعة أن هذه "سابقة خطيرة" تضفي الشرعية على المستوطنات.
صفقة القرن الإماراتية
وأثارت إدارة ترامب التوترات مع بعض الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، لكنها في المقابل عززت العلاقات مع بعض الدول العربية في ظل تجاهلها لحقوق الإنسان وكجزء من حملة "الضغط الأقصى" ضد إيران، مع التركيز على الترويج للتطبيع مع إسرائيل، وهي مشتركات بين بعض الدول العربية مثل السعودية والإمارات ومصر والبحرين، وبين إدارة ترامب، التي تركز على دعم إسرائيل.
وفي الإمارات العربية المتحدة، سيناقش بومبيو أيضاً اتفاقات أبراهام بالإضافة إلى بيع مقترح لطائرات F-35 وأنظمة جوية بدون طيار وذخائر.
وأعلنت إدارة ترامب في 10 نوفمبر/تشرين الثاني عن قرارها بيع أسلحة تزيد قيمتها عن 23.37 مليار دولار إلى الإمارات العربية المتحدة.
وسيناقش وزير الخارجية الأمريكي في قطر الأمن الإقليمي، لا سيما المخاوف بشأن إيران. وقال المسؤول الأول بوزارة الخارجية الأمريكية إن بومبيو سيناقش في السعودية الجهود المبذولة "لتعزيز أمن واستقرار إقليمي أكبر".