فجأة أصبحت قناة Fox News اليمينية الداعمة للرئيس المنتهية ولايته على طول الخط هدفاً لتغريداته الغاضبة، فلماذا انقلب ترامب على المنبر الوحيد الداعم لنظرية "سرقة الانتخابات"؟
خطأٌ لا يُغتفر
قضى الرئيس دونالد ترامب جزءاً كبيراً من وقته، الخميس 12 نوفمبر/تشرين الثاني، يغرّد ويعيد نشر تغريدات موجَّهة نحو مادته المفضلة، وهي كون وسائل الإعلام الأمريكية تحاربه، وهذا الأمر في حد ذاته ليس غريباً ولا مفاجئاً، لكن الجديد هو أن تغريدات ترامب لم تكن موجهة للمتهمين المعتادين مثل شبكة CNN أو MSNBC، بل Fox News.
وهذا بالطبع أمر غريب جداً، ويستدعي التوقف أمامه لمحاولة فهم أسباب ذلك الانقلاب من ترامب على قناته المفضلة والداعمة له على طول الخط منذ فوزه بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة في الانتخابات الماضية، التي فاز بها على حساب هيلاري كلينتون، فماذا حدث؟
موقع Vox الأمريكي تناول القصة في مادة شارحة بعنوان "تفسير انقلاب ترامب على Fox News"، فقد بدت تغريدات ترامب يوم الخميس كإعلان حرب على الشبكة التي ساندت وساعدت الرئيس دون توقف منذ ظهوره على الساحة السياسية الأمريكية، وليس في هذه الانتخابات فقط. والسبب هو إشارة بعض مقدمي نشرات الأخبار في القناة لجو بايدن على أنه الرئيس المنتخب، ويبدو أن هذا خطأ لا يغتفر من جانب دونالد ترامب.
ماذا قال ترامب عن القناة؟
منذ يوم السبت 7 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما أعلنت وسائل الإعلام الكبرى ومراقبو الانتخابات فوز جو بايدن بالرئاسة، يرفض ترامب تماماً الاعتراف بالهزيمة، ويروّج لنظرية المؤامرة عليه، وأن الانتخابات تمت "سرقتها" دون أدلة تدعم تلك الادّعاءات، ورغم ذلك فإن غالبية الجمهوريين وقناة Fox News يرددون نفس الادعاءات طوال الوقت.
ورغم الارتفاعات القياسية في حالات الإصابة بوباء كورونا في الولايات المتحدة، وسيطرة تلك القضية على التغطية الإعلامية في البلاد بصورة متصاعدة، فإن ترامب بدأ يوم الخميس بإعادة نشر تغريدة لغريغ غاتفيلد، وهو أحد الشخصيات المعروفة في قناة Fox News، يهاجم فيها القناة ويطرح بدائل أكثر يمينية لها.
ثم كتب ترامب نفسه تغريدة قال فيها إن "معدلات مشاهدة قناة Fox News انهارت تماماً، ومعدلات المشاهدة في عطلة نهاية الأسبوع أسوأ، من المحزن جداً مشاهدة هذا يحدث، ولكنهم نسوا من الذي جعلهم ناجحين. نسوا مَن أوصلهم لما وصلوا إليه، نسوا الإوزة الذهبية، الفارق الأكبر بين انتخابات 2016 وهذه الانتخابات هو قناة Fox News!"
تغريدات ترامب، بعيداً عن مدى دقة ما بها من معلومات، تمثل بالفعل إعلان حرب مفاجئاً على القناة التي لم تتوقف عن دعمه في برامجها وإعلاناتها وحتى تغطيتها الخبرية للانتخابات، فما الذي دفع الرئيس المنتهية ولايته إلى أن يضم فوكس نيوز لقائمة المتآمرين عليه؟
ما الذي أثار إعلان الحرب؟
بعد ساعات قليلة من هجومه العنيف على القناة، أعاد ترامب نشر تغريدات بها مقاطع من برامج حوارية على نفس القناة لمذيعيها المشهورين، مثل تاكر كارلسون وشين هانيتي ولورا انجراهام، في إشارة واضحة على استثناء الثلاثة من غضبته وانقلابه على القناة.
مقاطع الفيديو التي أعاد ترامب نشرها على حسابه على تويتر شملت ترويج هانيتي لنظريات مؤامرة لا أساس لها من الصحة، بشأن تحويل مسار أصوات لناخبين صوتوا لترامب، وتم احتساب أصواتهم لجو بايدن، وهي النظرية التي نفتها بشكل قاطع الحكومة الفيدرالية التي يرأسها ترامب نفسه قبل حلقة هانيتي بساعات طويلة.
والواقع أن المقطع الذي أعاد ترامب نشره ليس استثناء في تغطية قناة فوكس للانتخابات، بل العكس صحيح، فالقاعدة في برامج القناة هي الترويج لنظريات المؤامرة المتعلقة بتزييف الانتخابات، وسواء قام هانيتي أو انجراهام أو كارلسون بذلك الترويج مباشرة في تقديمهم لبرامجهم أو استضافوا جمهوريين يرددون نفس المزاعم دون أدنى تدخل أو مناقشة من جانبهم، فإن وقوف القناة في صف ترامب لم يتغير أو يتراجع من الأساس.
لكن بالنسبة لدونالد ترامب هذا ليس كافياً، فهو يتوقع الولاء الكامل من جانب قناة فوكس، وما أثار غضبه وجعله يعلن الحرب على القناة هو أن الجانب الإخباري للقناة لم يعبر عن الولاء الكامل، وبداية هذه "الجريمة التي لا تغتفر من جانب ترامب" كان قرار ديسك التحرير المركزي في القناة، أن أريزونا صوتت لبايدن أعلى من ترامب، واعتبارها ولاية ديمقراطية في هذه الانتخابات قبل القنوات الأخرى.
وعبّر ترامب في مناسبات قليلة منذ يوم الانتخابات عن غضبه من القناة عندما تظهر نتائج استطلاع تجريه أن بايدن متقدم عليه، أو عندما تستضيف أياً من الديمقراطيين على شاشتها، سواء في البرامج أو من خلال مراسليها، بل إن ترامب طالب في تغريدة بفصل إحدى مذيعات القناة.
لكن يظل السبب المباشر لإعلان الحرب من جانب ترامب على القناة التي كانت مفضلة له هو إشارة مذيعي الأخبار في القناة إلى جو بايدن بوصف "الرئيس المنتخب"، وهو ما أصاب ترامب بغليان شديد وجعله يجزم بأن معدلات مشاهدة القناة قد انهارت، بحسب تقرير الموقع الأمريكي.