جلد وضرب ودماء في كل مكان! ألماني نجا من “فرع الموت” بسوريا يروي ما شاهده بالمعتقل

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/11/15 الساعة 09:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/11/15 الساعة 09:15 بتوقيت غرينتش
اتهامات لنظام الأسد بتعذيب المعتقلين بشكل مروع في سجونه - رويترز

تحدَّث عامل إغاثة ألماني عن روايات تعذيب واغتصاب مروعة، كان شاهداً عليها في أحد مراكز الاعتقال التابعة لنظام بشار الأسد في سوريا، حيث احتُجز هناك لستة أسابيع مع صديق له، بعد اعتقاله اشتباهاً في قيامه بالتجسس.

تعذيب مروع: مارتن لوتوين، الذي يبلغ من العمر 29 عاماً، قضى تجربة مريرة في سجون الأسد، وقال إنه رأى سجناء معلَّقين من معاصمهم مثل "الشياه تنتظر الذبح"، وآخرين يتعرضون للصعق بالكهرباء وهم مقيدون إلى كراسي معدنية، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Times البريطانية، الأحد 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

لوتوين قال إنه في الليلة الثانية لاعتقاله سمع بكاء في زنزانة مجاورة له، حيث فُصلت أُم عن أطفالها قبل أن تتعرض للاعتداء. وقال: "لا أستطيع أن أنسى وقع صراخها، لا شك في أنها تعرضت للاغتصاب".

كذلك أشار لوتوين، الذي كان يعمل في السابق حارساً في ملهى ليلي، إلى أنه تعرض هو أيضاً للتعذيب، لكنه رفض الإدلاء بأي تفاصيل، خوفاً من إلحاق الضرر بعائلته أو أصدقائه، فقد كان يعمل في سوريا مساعداً تقنياً لمنظمة إغاثة تساعد اللاجئين عندما اعتُقل في شمال شرق سوريا، في يونيو/حزيران 2018، حينما كان هو وصديقه الأسترالي يتبضعان في أحد الأسواق.

بعد ذلك نُقلا إلى مركز اعتقال سيئ السمعة بدمشق، يُعرف باسم "الفرع 235″، ويطلق عليه السكان المحليون اسم "فرع الموت".

لحظات مؤلمة: يقول لوتوين: "لقد أعطوني طبقين متماثلين، أحدهما للطعام والآخر لقضاء الحاجة، وزجاجتين، إحداهما لشرب الماء والأخرى للتبول فيها"، وكل يوم، كنا نُمنح دقيقتين فقط من الماء الجاري عبر صنبور مياه في الزنزانة، للاغتسال وتنظيف أدواتنا أيضاً.

يسترجع لوتوين اللحظات المؤلمة قائلاً: في كل مرة كنت أعبر فيها الممر كنت ألقى لمحة من الجحيم، فقد شاهد معتقلين يتعرضون للجلد والضرب. 

وفي إحدى المرات شهد لوتوين على اقتلاع أظافر أحد السجناء، ورأى آخرين يتعرضون للتعذيب بوخز مهماز الماشية في أعضائهم التناسلية وأدبارهم، كما رأى بعضهم يتدلى جسده من السقف منتظراً دوره.

يتذكر لوتوين تفاصيل أخرى عن ذلك اليوم، وقال: "حينها قام حراس السجن بتنظيف الردهة ثلاث مرات. استلقيت على الأرض وألقيت نظرة خاطفة من تحت الباب لأحاول معرفة ما كان يحدث، لأجد الدم متناثراً ينساب في كل مكان، حتى وصل إلى باب زنزانتي".

في بعض الأحيان، كان الصراخ المتعالي من الزنزانات المجاورة ينكتم فجأة، لينظر لوتوين من تحت باب زنزانته، في مرتين، فيجد أكياس الجثث ملقاة في الدهليز، "وقد بدت تلك الأكياس في حالة تُظهر أنها استُخدمت لمدة".

أما زنزانة لوتوين، فيقول إن جدرانها كان محفوراً عليها كلمات بأحرف عربية، لم يفهمها، لكنه يفترض أن مسجونين قبله هم من كتبوها. وقد أخذ يتساءل بينه وبين نفسه عما إذا كانوا قد نجوا.

مع ذلك، يعتقد لوتوين أنه على الرغم من الفظائع التي لحقت بالسجناء، فإنهم ظلوا متحدين فيما بينهم، و"كثيراً ما يتبادلون ابتسامة مختلسة لبعضهم" أثناء المرور في دهاليز السجن.

الإفراج عن لوتوين: كان لوتوين وصديقه، الذي لم يُكشف عن هويته، محظوظين لإطلاق سراحهما في 11 أغسطس/آب 2020، بعد تدخل من السفارة التشيكية، وهي الممثل الأوروبي الوحيد المتبقي في سوريا، نيابةً عن الحكومة الألمانية.

لكن على الرغم من إطلاق سراحهما فإن فترة اعتقال لوتوين لا تزال آثارها تطارده، فهو، حسبما يقول "قد خرج لأنه ألماني، لأنه أبيض، لكن ماذا عن السوريين الذي يعذبهم نظام بلادهم نفسه".

يقول أيضاً إنه عندما كان يلتقط بعض النوم كانت تراوده كوابيس عن شبح يهاجمه، لكن ذلك ظل أفضل من الحلم بالمنزل والاستيقاظ دونه.

ينضم لوتوين الآن إلى جانب عشرات من ضحايا التعذيب السوريين، الذين تقدموا بالشكاوى، للتحقيق مع مسؤولين رفيعي المستوى في شعبة الاستخبارات التابعة للنظام السوري في دمشق، وقد يُدلي بشهادته أيضاً إذا وصل الأمر إلى المحكمة.

بدأت المحاكمة الأولى التي أُقيمت خارج سوريا وترتبط بالنزاع الممتد منذ سنوات في البلاد، في أبريل/نيسان 2020، في إحدى محاكم مدينة كولنز الألمانية، حيث اتُّهم سوريان بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وقد يُطلب من مارتن لوتوين الإدلاء بشهادته في هذه المحاكمة أيضاً.

تعتبر الإجراءات التدريجية القانونية [وجمع الشهادات] جزءاً أساسياً من الجهود المبذولة لتقديم مجرمي الحرب السوريين إلى العدالة، وقد تم تمكينها بموجب قانون صدر عام 2002 يسمح للمحاكم الألمانية بالتحقيق في الجرائم الدولية تحت شروط معينة، وفقاً لصحيفة The Times.

جرائم التعذيب: من جهة أخرى، ومنذ بداية الاحتجاجات بسوريا عام 2011، عمل نشطاء حقوق الإنسان على جمع مجموعة كبيرة من الأدلة -تتضمن شهادات من السجناء وحراس سجون وحتى بعض المسؤولين- للكشف عن التفاصيل المتعلقة بحملات الاعتقال المنهجية والتعذيب للمتظاهرين ونشطاء المعارضة وأي شخص على صلة بالمعارضة.

كما قدّم تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية تفاصيل عن عمليات إعدام جماعي وتعذيب، استمرت في أحد السجون السورية حتى ديسمبر/كانون الأول 2015، والآن تشير رواية لوتوين إلى جرائم استمرت حتى أغسطس/آب 2018 على الأقل.

يأمل محامي لوتوين، باتريك كروكر، من المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، أن تغير شهادته من طبيعة الجدل الدائر حول ما يقدر بنحو 700 ألف لاجئ سوري يعيشون الآن في ألمانيا، حيث أدى تزايد الشعبوية إلى تأجيج مشاعر العداء للمهاجرين.

يقول كروكر: "ما يرويه مارتن يُظهر أنه إذا كنت تريد إعادة السوريين إلى ديارهم، فإن هذا هو ما تعيدهم إليه"، مضيفاً: "قد يتواصل الألمان أكثر مع اللاجئين ويتفهمون أسباب مغادرتهم سوريا عندما يكتشفون أن مواطناً ألمانياً مثلهم قد مر بنفس المحنة التي مروا بها".

تحميل المزيد