بما أنني من محبي الطعام ذي النكهة الحارة، دائماً ما أقع في مواقف محرجة عند دعوة الأصدقاء لتناول الطعام في منزلي، فبسبب الفلفل الحار الذي أضيفه والذي بنظري حرارته مقبولة جداً، أرى أصدقائي لا يتوقفون عن السعال وشرب الماء، وبل يتطور الأمر أحياناً لتبدأ دموعهم بالسيلان.
لا شك أن ما أراه عادياً جداً قد يراه الآخرون مبالغاً فيه، لذلك أصبح من المهم عندي قياس حرارة الفلفل الذي أستخدمه قبل كل مرة أريد دعوة أصدقائي فيها مجدداً؛ لأنني لو لم أفعل ذلك سأخسرهم إلى الأبد.
قياس حرارة الفلفل
يسمى مقياس حرارة الفلفل باسم مقياس سكوفيل، وقد سُمي على اسم صيدلاني يدعى ويلبور سكوفيل كان قد اخترعه عام 1912 من أجل قياس المركبات الكيميائية بينها مرفات الفليفل التي تثير هذا الشعور المألوف بالحرقة، وذلك وفقاً لما ذكره موقع How Stuff Works.
في حين يظل قياس الحرارة بهذه التقنية مسألة ذاتية وتعتمد على حاسة التذوق للمتذوق والحساسية للمواد الكيميائية المسؤولة عن الحرارة.
كيف يعمل مقياس سكوفيل؟
يستخرج العلماء الآن المركبات التي تسبب الشعور بالحرارة ويقيسون حرارتها باستخدام تقنية الاستشراب السائلي عالي الأداء.
وتقاس الحرارة النسبية بوحدات سكوفيل الحرارية (SHUs)، ويمثل هذا الوسيلة الأساسية لتحديد حرارة الطعام الآتية من جزيء الكابسيسين الموجود في الفلفل الحار، إذ يقوم بتنشيط مستقبلات الخلايا العصبية المسؤولة عن الشعور بالألم في الفم ولكنه لا يسبب أي أضرار فعلية للإنسان.
على سبيل المثال، يسجل الفلفل الحلو عند صفر سكوفيل حراري على مقياس سكوفيل، أي أن مضغ فلفل الحلو لن يؤدي سوى إلى شعور بسيط بالإثارة أو الحاجة إلى شرب كوب من الماء.
ويسجل فلفل من نوع الهالبينو، الذي يُعد حاراً كثيراً لكثير من الناس، درجة منخفضة نسبياً على مقياس سكوفيل (نحو 5 آلاف سكوفيل حراري).
وعند الدرجة الأعلى منه يوجد فلفل الهابنيرو والفليفلة الحريفة والتاباسكو.
أما للمجازفين حقاً، هناك الكارولاينا ريبر، الذي يعد أكثر أنواع الفلفل حرافة في العالم، وفقاً لموقع Chili Pepper Madness، فهو أكثر حرافة بـ175 إلى 880 مرة من الهالبينو.
لماذا يحب الناس الفلفل الحار؟
أما إذا كنت تسأل نفسك لماذا يأكل شخص ما شيئاً بهذه الحرارة؟ فهو سؤال مشروع.
يعتقد العلماء أن هناك نوعاً من الإدمان النفسي، فعندما يحب الأشخاص الطعام حاراً ومليئاً بالتوابل، يصيرون يتناولونه باستمرار ونادراً ما يتخلون عنه.
فلا يصادفك أن تسمع أحدهم يقول اعتدت تناول الطعام حاراً لكنني صرت أتناوله الآن بلا توابل. إنهم يتمسكون بما يحبون حتى الموت. فالحرارة في طعامهم تمنحهم نوعاً من الإثارة.
أطعمة حارة حول العالم
لا شك أن من يحبون الفلفل الحار يحبون معه أيضاً التوابل الحارة بشكل عام ولا يتخيلون حياتهم من دونه، رغم أنه ليس من الضروري أن تحسن النكهة الحارة من طعم المأكولات.
في الهند مثلاً هناك طبق يدعى "ويدورفال" يقال إن من يطهيه في المطاعم يرتدي نظارات واقية عند قيامه بإضافة الفلفل الذي قد تصل شدة مذاقه الحارة إلى نحو مليون سكوفل.
أما في كوريا الجنوبية فهناك طبق "بوريتو الانتحار" وقد سمي كذلك بكل بساطة بسبب الألم الشديد الذي يسببه في الفم بسبب شدة مذاقه الحار.
كما أنّ هناك أنواعاً من الأطباق ذات المذاق الحار الأخرى مثل "فيندالو بالفلفل الشبح" و"التيكا ماسالا" في الهند وشوربة "الطبخ الحار" في تايوان و"سيتشون الحار" في الصين.