يبدو أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية الجارية بين الجمهوري دونالد ترامب والديموقراطي جو بايدن تثير اهتمام الشارع العربي بصفة خاصة. وإن دل ذلك على شيء فهو بكل تأكيد رغبة شعوب المنطقة في تجربة الديمقراطية الحقيقية. وانبهارهم بتلك العملية ليس إلا دليلاً على وصولهم لنوع من الوعي السياسي يشتاق للحرية ونسمات الديمقراطية.
العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي من الشباب أصبحت لديهم رغبة في فهم كيفية التخطيط للعملية الديمقراطية والانتخابية في الولايات المتحدة، بل حتى إن مصطلحات مثل "المجمع الانتخابي" و"المحكمة الدستورية العليا" أصبحت تتردد كثيراً على مسامعي في المقاهي والشارع بل حتى في قاعات الرياضة.
آراء سياسية قوية وأخرى ضعيفة، غير أنها آراء تحترم وتظهر مدى رغبة الفئات الشابة في مجتمعات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في فهم السياسة الدولية بل رغبتهم في رؤية نفس العملية النزيهة تطبق بدولهم.
ومن بين الآراء التي تتردد كثيراً هي أن السياسة الأمريكية لن تتغير كثيراً مهما اختلفت أسماء المرشحين، خصوصاً فيما يخص الصراع العربي-الإسرائيلي. حيث إن المرشحين وقبل ترشحهم يشترط فيهم بطريقة غير مباشرة أن يكونوا داعمين لإسرائيل. هذا ليس قانوناً، بل واقع يفرضه الأمر الواقع عند التعاطي مع دور اللوبيات في تكوين الرأي العام والدعم المالي المقدم للحملات الانتخابية. وأهم لوبي نشط ببلاد العم سام هو اللوبي اليهودي والذي يخدم بالدرجة الأولى مصالح إسرائيل. كما أن العلاقات الودية مع الروس والصينيين هي بمثابة خط أحمر بل حتى إن أدنى محاولة لإذابة الجليد من الرئيس في العلاقة مع روسيا والصين ينظر لها كنوع من الخيانة.
كما أن بيع الأسلحة كان ولا يزال من ضمن أولويات مؤسسات الدولة الأمريكية، حيث يعتبر التحكم بالصناعات العسكرية من ركائز قيام أمريكا كقوة عظمى وقطب أوحد لعالمنا.
الفرق بين الجمهوري والديمقراطي
هو تماماً كالفرق بين اليمين واليسار. الجمهوريون لهم آراء متطرفة فيما يخص قضايا الهجرة وحقوق الأقليات والمناخ والتدخلات العسكرية. في حين أن الديمقراطيين والذين يمثلون اليسار لهم آراء أكثر مرونة وليونة فيما يخص تلك القضايا.
أتباع ترامب، على سبيل المثال، لا يرون ضرراً في انتشار الديكتاتوريات في العالم حيث إن وصف ترامب السيسي مثلاً بـ"ديكتاتوره المفضل" وحاكم كوريا الشمالية بـ"الصديق" وتدخل لينقذ صديقه محمد بن سلمان بعد فضيحة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في سفارة بلده بإسطنبول. كما أنه انسحب من اتفاقية باريس للمناخ، ولإرضاء حلفائه الإسرائيليين والخليجيين انسحب من الاتفاق النووي مع إيران. وقد عبر في الكثير من المناسبات رفضه للعديد من الحريات المدنية التي تم إقرارها في المجتمع الأمريكي على مدى العقود الماضية. كما كانت مناهضته لحركة black lives matter والتي ارتفعت شعبيتها كنتيجة لسياساته العنصرية ضد السود والمهاجرين، علامة فارقة في حكمه.
غير أن لبايدن رؤية أخرى فقد أكد أن لا شيكات بيضاء لديكتاتوريي العالم حال فوزه وخص بالذكر السيسي. وأشار إلى أن دعم ترامب المطلق لبعض حكام الخليج سوف يتم إعادة النظر به. لكن الدول العربية في الشرق الأوسط، على النقيض من شعوبها، راهنوا منذ الأزل على الحصان الجمهوري، بعد أن أذاقهم باراك أوباما ويلات استبدادهم إبان حكمه، بدعمه للانتفاضات الشعبية والربيع العربي ورفضه اعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.
أمريكا هي الحل
يبدو أن شعوب المنطقة التي تعاني ويلات الحروب والديكتاتوريات أدركت وللأسف أن الولايات الأمريكية المتحدة هي المخلص الوحيد وهي القوة العظمى الوحيدة حالياً في العالم والتي تتحكم ببطائق الضغط على حكومات العالم أجمع. لذلك فمن المنطقي دعم المرشح "الأقل سوءاً" وفي هذه الحالة نتحدث عن جو بايدن. ففي حالة فوز ترامب، سيستمر دعم الديكتاتوريات وسيغض الطرف عن عمليات الاعتقال والاغتيال والاستبداد. في حين أن للديمقراطيين آراء واضحة في دعم الحريات ونشر الديمقراطية ومساندة الأقليات السياسية المضطهدة وتمويل الحقوقيين بدول العالم الثالث. وينطبق الأمر ذاته على رؤيتهم لملفات المناخ والمشروع النووي الإيراني. وكلها ملفات ستغير من شكل الشرق الأوسط بعد أربع سنوات من الجنون التام.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.ne
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.